فنانون معاصرون يبدّلون وجه عالم الفن الإسلامي

بعضهم يستند إلى ما مضى قبل أن يبتكر وسيلة جديدة

نشر في 01-05-2019
آخر تحديث 01-05-2019 | 00:00
تناول كتاب جديد مساهمة 87 فناناً من العالم العربي في تبديل المشهد الفني في المنطقة.
تستهل الكاتبة الفنية أوليفيا ساند كتابها الجديدContemporary Voices from Asian and Islamic Art Worlds (أصوات معاصرة من عالمَي الفنون الآسيوي والإسلامي) بهذا التأكيد: "نجح قليلون في المجتمع الفني في توقع كيفية تحول الفن المعاصر من العالمين الآسيوي والإسلامي خلال العقدين التاليين إلى جزء بالغ الأهمية أو بالأحرى جزء لا يتجزأ من عالم الفن".

وتشير ساند إلى المشهد الفني في نيويورك خلال تسعينيات القرن الماضي حين كان من شبه المستحيل العثور على معارض للفن الإسلامي، في حين بدا أكثر صعوبة بعد العثور على فنانين إسلاميين يبنون مشهداً فنياً معاصراً في بلدانهم.

التطورات الأخيرة

لا شك أنه تحوّل كبير أيضاً، مقارنةً بالكتب آنذاك، أن تعمد ساند بعد نحو 20 سنة إلى نشر كتاب عن التطورات الأخيرة في عالم الفن المعاصر الآسيوي والإسلامي.

تذكر ساند في مقدمة كتابها الضخم، بصفحاته الـ800 المهدى إلى الفنانين الذين يضعون هذه المناطق المنسية سابقاً على الخريطة: "على غرار الكثير من المجالات الأخرى اليوم، ما عاد عالم الفنون حكراً على مدينتين غربيتين أو ثلاث، بل صار حقاً أكثر عولمةً وأكثر توازناً جغرافياً مقارنةً بالماضي".

لا نستطيع أن ننكر طبعاً أن المشهد الثقافي تطور في الإمارات العربية المتحدة بسرعة كبيرة (ولا يزال). فخلال السنوات العشر الماضية، شهدت أبوظبي افتتاح لوفر أبوظبي، وغاليري اتحاد للفن العصري، وغاليري N2N، وAbu Dhabi Art Hub، في حين رحبت دبي بصالات عرض مثل Mottahedan Projects ولوري شبيبي. كذلك دخل معرض Art Dubai الغني عن التعريف نسخته الثالثة عشرة هذه السنة. ويُعتبر هذا تبدلاً سريعاً في المشهد الفني الذي كان شبه غائب قبل نحو عقدين من الزمن.

أخبرتني ساند عندما سألتها عن كيفية استلهامها مفهوم هذا الكتاب: "ينبع العنوان (أصوات معاصرة من عالمَي الفنون الآسيوي والإسلامي) من فكرة أن الفنانين يرفعون أصواتهم، متحدثين بأنفسهم عن أعمالهم، مسلطين بذلك الضوء على مجال فني يبقى محيراً بالنسبة إلى الناس عموماً".

وتُعتبر ساند السويسرية المولد من الصحافيين الأوائل الذين ركّزوا على الفن الإسلامي والآسيوي المعاصر، ربما بتفويض من رب عملها لأنها بدأت العمل في صحيفة الفن الآسيوي في تسعينيات القرن الماضي.

الفن والاقتصاد

الفن يظل مرتبطاً بالوضع الاقتصادي، عندما تغوص في الكتاب تكتشف حوارات صريحة بين الكاتبة ومَن اختارتهم من الفنانين (يبلغ عددهم الإجمالي 87 فناناً) لا تقتصر على أعمالهم بل تتخطاها إلى حياتهم والخلفيات المتعددة لكل فنان. إذاً، لا يدور هذا الكتاب حول المشهد الفني المعاصر فحسب، بل يعود أيضاً إلى الأسس المضطربة التي يُبنى عليها.

يخبر الفنان العراقي أحمد السوداني ساند في مقابلة معه في الكتاب: "عندما تكون حياتك أو حياة عائلتك مهددة، لا تعود تفكر في الفن".

ويتابع متحدثاً عن المنطقة التي وُلد فيها وعن مساهمة عدم استقرار الأمة في تجميد إنتاج البلد الفني أو تطور مشهده الفني، مؤكداً أن "الفن يبقى مرتبطاً بالوضع الاقتصادي".

السوداني واحد من فنانين عديدين يتناولهم هذا الكتاب المبني على محاور ويعالج المشاكل التي يواجهها بلد كل منهم. تذكر ساند: "تُعتبر مشاركة الفنانين الناشطة هذه من خلال أعمالهم ملائمة تماماً لأنهم يملكون معرفة واسعة عن الوضع في بلدانهم".

وتشير الكاتبة أيضاً إلى أمثال شيرين نشاط وللا الصعيدي اللتين تركزان على المشاكل التي تواجهها النساء في العالم العربي، ووليد رعد الذي تدور محاوره غالباً على عواقب الحرب، ونوشا تفاكوليان التي تقدّم لمحة عن الحياة اليومية في المدينة.

وإضافة إلى ذلك، تسلّط ساند الضوء على التقنيات والأساليب المثيرة للاهتمام التي تُعتبر مرادفاً للفن التقليدي في العالم الإسلامي، مشددة على أن الفنانين في هذه المناطق يستندون إلى ما مضى قبل أن يبتكروا وسيلة تجسيد جديدة معاصرة.

وتوضح ساند: "ترتبط المعرفة، والأفكار، ومصادر التأثير اليوم إحداها بالأخرى أكثر من أي وقت مضى". وتُقدّم هذه الكاتبة فن الخط مثالاً على ممارسة فنية إسلامية قديمة اقتُبست اليوم واعتُمدت مع وسائط، مواد، ومخيلة فنان جديدة لتمنح شكلاً بديلاً لما كان سيُعتبر لولا ذلك ممارسة من الماضي قديمة الطراز.

وتقول: "يتمتع عالمَا الفن الآسيوي والإسلامي كلاهما بتقليد من الفنون الجميلة يمتد على مدى قرون. وبدا أنها مسألة وقت فحسب قبل أن يعود فنانون معاصرون إلى هذه التقاليد ويطوروها".

وتتابع: "لم يقتصر التغيير الكبير على الإنتاج الفني، بل صار أيضاً الفنانون أنفسهم يعون اليوم الإمكانات المتاحة أمامهم".

أما عن الأمم التي تدعم المجتمع الفني المعاصر هذا، فتقول ساند إن إيران تقدّم لفنانيها دعماً كبيراً. في المقابل، تشكّل الإمارات العربية المتحدة مشهداً فنياً حيوياً يضج بالمعارض والمتاحف، مما يسمح لعمل فنانيها بتخطي حدودها. وكذلك تقدّم منصات للفنانين من الدول المجاورة.

وتختم ساند: "تتمتع الإمارات العربية المتحدة بالبنية التحتية الضرورية ومجموعة واسعة من الفرص، متيحةً للفنانين ممارسة فنهم".

* أناستازيا مياري - ذي ناشونال

المشهد الثقافي تطور في الإمارات بسرعة كبيرة

في السابق كان من شبه المستحيل العثور على معارض للفن الإسلامي بنيويورك
back to top