«تزوير الجناسي»... الحل بـ«نزاهة»

نشر في 28-04-2019
آخر تحديث 28-04-2019 | 00:15
No Image Caption
خطير جداً، بل مخيف ما تتداوله الألسنة والتصريحات السياسية من معلومات وسجالات حول تزوير الجناسي، بل تجاوز الأمر حدوده إلى درجة لم يعد مستساغاً أو مقبولاً السكوت عنها؛ إذ لا يجوز لمجتمع محترم أو دولة متحضرة أن تقبل بقاء هذا الملف الذي بات يؤثر على سمعة مواطنيها وكرامتهم، وقبل ذلك مصائرهم، بعدما بات جرحاً نازفاً في جسد الدولة ومواطنيها، وقد يؤدي تجاهله إلى ما لا تحمد عقباه للجميع.

الحل بات مطلباً ملحاً، لاسيما أنه أمر ممكن، ولا يحتاج إلى استراتيجية معقدة أو عقول ألمعية أو خبرات غير موجودة، بل كل ما يتطلبه الرغبة الجادة الصادقة في الحسم، وإنهاء تلك المهزلة التي لم يعد لها طعم في بلدٍ يتردد اسمه في كثير من المحافل المشرفة على الساحة العالمية، الحل، كما نراه، في تتبع الحق وتنفيذه بجدية بصرف النظر عن الأطراف المتورطة، ومعاقبة المزورين على الملأ كي يعرف الناس الحقيقة.

غير أن العقاب ينبغي ألا يقتصر على المزورين، بل يجب أن يشمل كل من ساعدهم على التزوير من الموظفين أو القياديين المتواطئين، فمعاقبة المزورين وحدهم غير كافية، أما معاقبة من عاونهم على تزويرهم فكفيلة بردع أي محاولة قادمة لتقليدهم.

أفكار عديدة، ومداخل متباينة طرحت للتعامل مع هذا الملف، غير أن إنشاء هيئة جديدة تعنى به، لن يكون أمراً مجدياً، نظراً لما سيستغرقه ذلك من وقت، فإصدار قانون لمثل تلك الهيئة المقترحة، والتأكد من سلامته الدستورية، ثم إصدار لائحته التنفيذية، ثم اختيار الأعضاء، وتوظيفهم ، كل ذلك قد يتطلب سنوات، وفي انتظار خروج تلك الهيئة للنور وممارسة عملها قد يزداد الوضع سوءاً وتردياً.

وقبل كل ذلك فإن الحل الأمثل يكمن في إحالة هذا الملف إلى هيئة مكافحة الفساد (نزاهة)، حتى لو تطلب الأمر بعض التعديلات في قانونها، فهل يختلف عاقلان على أن «تزوير الجناسي» فساد في فساد؟! فلماذا لا يحال إليها هذا الملف برمته، لاسيما أنها موضع ثقة الجميع، وعندها خبرة أعضائها وقانون إنشائها ولائحتها التنفيذية؟ لتبدأ على الفور مباشرة التحقيق لتقول كلمتها الفاصلة، وعلى كل من لديه معلومات بهذا الشأن أن يقدمها إليها، كما على النواب أن يساعدوها ويزودوها بما يحوزونه من مستندات وأدلة.

هذا ما نراه مقبولاً، بل هو ما يقتضيه المنطق والمصلحة، أما أن تتولى وزارة الداخلية التحقيق في ذلك الملف فليس من المنطق في شيء، إذ كيف تكون الخصم والحكم في الوقت ذاته؟، فـ«نزاهة» هي الأجدر والأحق، على أن تأخذ وقتها الكافي لتحسم القضية بعد ستة أشهر أو المدة التي تراها كافية، على أن يتاح لها الاطلاع على البيانات اللازمة من أي جهة حكومية، مع معاقبة أي جهاز أو مسؤول يعرقل عملها، أو لا يتعامل معها بفعالية كافية.

الأمر جِدُّ خطيرٍ، ونعلم أنه نتاج أخطاء متراكمة من حكومات سابقة، لكنه وصل إلى حد لم يعد يتحمل إرجاء أو مساومة أو مناورة، ولم يعد مقبولاً أن يُطرح كبالونة اختبار لإلهاء الناس عن أشياء أخرى في وقت معين، ثم إعادة طرحه عند الحاجة بعد سنة أو سنتين، ولذا على الحكومة أن تسارع إلى الحل الناجع بالتعاون الجاد مع مجلس الأمة.

آن الأوان لقطع رأس تلك الأفعى التي تهدد مصائر المواطنين وتمس انتسابهم إلى بلدهم، وقبل كل ذلك تصيب أمننا الوطني في مقتل.

نحن فقط نقرع جرس الإنذار بأن هذا الملف غدا شائكاً ولا يجوز العبث به أو استخدامه مجرد ورقة للمناورة السياسية، لتعلقه بمستقبل مواطنين في دولة مؤسسات اسمها الكويت.

back to top