نقطة : «كثروا استجواباتها وبارت»

نشر في 19-04-2019
آخر تحديث 19-04-2019 | 00:20
 فهد البسام قد تكون حكومة الشيخ جابر المبارك الأخيرة أكثر حكومة تعرضت للاستجوابات، أو التلويح بها، في تاريخ الكويت السياسي، ورغم ذلك مازالت صامدة في وجه الريح، وناجحة بدورها في تحقيق رؤاها وتنفيذ خططها بتصريف الأعمال وتسيير العاجل من الأمور، رغم فقدانها لبعض وزرائها في معارك جانبية متفرقة.

الإسراف في استخدام الاستجوابات أفقدها قيمتها كأداة ضغط وترهيب سياسي من جهة، ووسيلة لشحن الشارع ضد الحكومة والوزراء المعنيين من جهة أخرى، فغالباً ما كانت هذه الاستجوابات تلعب على خوف الوزراء الشخصي على مناصبهم وضعف إمكانياتهم الخطابية وقدرتهم على مواجهة الجمهور والمستجوبين، وليس على حقائق مبدئية صلبة ثابتة على الأرض. أما اليوم، فقد أصبح الجيل الجديد من الوزراء أكثر قدرة من النواب على الكلام والتمثيل والتحدي والتضبيط والتكتيك واللعب على التناقضات الاجتماعية، بل وأشك أحياناً أنهم أصبحوا هم من يتمنون أن يتم استجوابهم ليستعرضوا قدراتهم ويزيدوا من شعبيتهم بين فئتهم المستهدفة، لعلهم يخوضون الانتخابات في يوم ما، وهذا كله بالطبع ما لم يكن المستجوَب من الوزراء الشيوخ، فحينها سيكون المرمى غالباً مفتوحاً لتحقيق الأهداف عليه من جميع الأطراف والمزايدين، وحتى القبيضة.

ومما زاد في هدر قيمة الاستجوابات اكتشاف الناس، مع مرور الوقت والتجارب، أن ليس المستجوِب غالباً بأفضل من المستجوَب، وأن معظمها ليست إلا استجوابات بالمراسلة أو بالمقايضة في أحسن الأحوال، ولا علاقة لها بخرق للقوانين أو بالمخالفات أو أي ادعاءات أخرى، فكم وزير ووزير قد خرج من الحكومة لأسباب وتجاوزات وإخفاقات مازالت مستمرة وقائمة بشكل أكثر وضوحاً وتمادياً في عهد خلفه، ولم ينطق أحد من دعاة المبادئ المطاطة وطول اللسان في الاستجواب سبب خروج سلفه... والأمثلة كثيرة أمامكم.

إذا كانت السلطة غير مؤمنة بالديمقراطية والدستور، فبينكم من هو أشد كفراً بهما، وبعض النواب من خلال ممارساته، سواء بسذاجة أو بخبث -حسب الموقع- يعمل على ترسيخ مثل هذه الأفكار والقناعات في أذهان الناس، ويسوق للكفر بالدستور والديمقراطية، ويجعلها أكثر قبولاً، ويخدمها من حيث لا يدري. استجوبوا أنفسكم قبل محاسبة أعضاء الحكومة بواسطة الاستجوابات الممتلئة عادة بالمبادئ والشعارات والقيم، والتزموا بها قبل أن تحاسبوا غيركم عليها، لعلكم تحافظون على ما تبقى.

back to top