هل يتحد حليفا الحرب الباردة روسيا وكوريا الشمالية مجدداً؟

نشر في 09-04-2019
آخر تحديث 09-04-2019 | 00:00
 ناشيونال إنترست من شبه المؤكد أن القائد الكوري الشمالي كيم يونغ أون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلتقيان في مرحلة ما في المستقبل القريب، ربما في ميناء فلاديفوستوك في أقصى الشرق الروسي، ويجب أن يُقلق هذا الولايات المتحدة.

بما أن هذا سيكون اللقاء الأول بين القائدين منذ تسلّم كيم زمام السلطة عام 2011، تقدِّم القمة لروسيا وكوريا الشمالية معاً فرصة مهمة للترويج لمصالحهما، بالإضافة إلى ذلك سيعثر بوتين وكيم في عزلتهما الاقتصادية الدولية على إحساس مرير بالتضامن، بما أنهما يواجهان عقوبات فرضتها عليهما الأمم المتحدة والولايات المتحدة في مجالَي التجارة والمال الدوليين بسبب ما اتخذاه من خيارات سياسية مثيرة للجدل.

قد يشكّل لقاء بوتين وكيم وجهاً لوجه فرصة تتيح لروسيا أن تُقحم نفسها في العلاقات الأميركية-الكورية الشمالية المعقدة أساساً، وخصوصاً المفاوضات النووية المتواصلة.

علاوة على ذلك تسمح هذه القمة لموسكو أن تُظهر لواشنطن أن مصالح روسيا في أماكن مثل أوكرانيا، وسورية، وفنزويلا يجب أن تُحترم، كذلك سيمنح عقد قمة ناجحة بين بوتين وكيم روسيا تأثيراً سياسياً محتملاً في قوى آسيوية شمالية شرقية أخرى مثل كوريا الجنوبية، واليابان، والصين.

إذا ظنت سيول أن موسكو تملك نفوذاً في بيونغ بانغ، فقد يمنح هذا روسيا أيضاً تأثيراً في كوريا الجنوبية، وقد تسعى موسكو إلى إحداث تشققات في الائتلاف الأميركي-الكوري الجنوبي، طالبةً في الوقت عينه مساعدة سيول في تطوير الشرق الأقصى الروسي المتأخر.

تخوض طوكيو وموسكو أخيراً مفاوضات بشأن جزر كوريل المتنازع عليها، وإذا ظنت اليابان أن روسيا تملك نفوذاً في كوريا الشمالية ربما يؤثر في أمن اليابان أو قضاياها الإنسانية فمن المؤكد أن هذا سيحسن موقف روسيا في تلك المحادثات، ولن تمانع روسيا أيضاً من زعزعة الائتلاف الأميركي-الياباني.

تجمع بين الصين وروسيا مجموعة واسعة من المصالح المشتركة، إلا أنهما لا تشكلان حليفين طبيعيين، وخصوصاً في آسيا، وعند تأمل الوقائع التاريخية والجغرافية والمصالح الوطنية، نلاحظ أن ثمة عدم ثقة استراتيجياً عالي المستوى بينهما، مع أن الخطاب الجماعي يشير إلى العكس.

لا شك أن إخراج بيونغ يانغ قليلاً من مدار نفوذ بكين سيحسّن قدرة موسكو على التعاطي مع هيمنة الصين الكبيرة في الشرق الأقصى، الذي يظل بالغ الأهمية رغم بعده عن العاصمة الروسية.

أضف إلى ذلك أن القليل من التنافس الصيني-الروسي بشأن كوريا الشمالية سيحمل فائدة مباشرة إلى بيونغ يانغ، فقد تساهم المحادثات الإيجابية مع موسكو في توسيع مجموعة بيونغ يانغ من الشركاء الأقوياء إلى أبعد من بكين، وهكذا تستطيع كوريا الشمالية استغلال المنافسة الصينية-الروسية لتعزز الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري الذي تناله من كلتا الأمتين.

أدى تأجيج المنافسة بين هاتين الجارتين إلى نتائج إيجابية خلال الحرب الباردة، فلمَ لا تلجأ إليه بيونغ يانغ اليوم؟ لا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن أي دعم إضافي تناله بيونغ يانغ من بكين أو موسكو نتيجة علاقتها الجديدة مع روسيا سيحسّن موقف كوريا الشمالية في تعاملها مع الولايات المتحدة أيضاً.

تملك كوريا الشمالية حدوداً مشتركة مع روسيا طولها 18 كيلومتراً تقريباً، ومن المؤكد أنها ستطلب مساعدة روسيا المتواصلة كي تتهرب من العقوبات الاقتصادية خلال القمة، منها شحنات النفط غير المشروعة عبر البحر وتصدير المواد الكيماوية إلى سورية.

علاوة على ذلك، لم تُعِد موسكو بعد كل العمال الكوريين الشماليين الذين يعملون في روسيا إلى موطنهم، مع أن هذا مطلب فرضه قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة 2397، وبما ن بيونغ يانغ تجني مكاسب اقتصادية من عملهم في الخارج، فقد تطلب من موسكو إبطاء عودتهم، وقد تطلب مساعدة روسيا في برامج علمية وتكنولوجية وصناعية مهمة في المواضع التي يبقى فيها احتمال كشف هذا التعاون محدوداً.

بما أن بيونغ يانغ اتبعت دوماً سياسة طلب نوع من «التعويض» مقابل لقاءات بارزة مماثلة، وبما أن موسكو قد تكون ميالة إلى العطاء بسخاء، يجب أن تستعد واشنطن لفيض من المشاكل المحتملة من جراء قمة بوتين-كيم.

صحيح أن الروابط بين حلفَي الحرب الباردة السابقين بيونغ يانغ وموسكو لم تعد كما كان سابقاً، إلا أن الطرفين سيبحثان عن بداية جديدة، بداية تمنحهما أفضلية في معالجتهما تحدياتهما الفردية والمشتركة، ولا شك أن التعاطي مع واشنطن سيتصدر قائمتهما.

* بيتر بروكس

* «ناشيونال إنترست»

back to top