هل يُخرج ماكرون بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع؟

نشر في 08-04-2019
آخر تحديث 08-04-2019 | 00:00
يعتبر ماكرون أن على تيريزا ماي أن تقدم حلولاً مماثلة وليس دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، لكنه قد يتحوّل بحكم الواقع إلى البطل غير المتوقع لخروج بريطانيا بقوة من الاتحاد الأوروبي.
 الغارديان أُعيقت عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بسبب معظم مؤيدي هذا الخروج العنيدين، ويأمل المنادون بالرحيل اليوم حدوث مفارقة يعتبرونها إيجابية، إذ يرجون أن يعمد إيمانويل ماكرون، أحد أبرز مناصري البقاء، إلى إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع.

وتشير التعليقات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إلى أنه قد يستدعي روح شارل ديغول (في مرحلة 1963 إلى 1967) ويعارض تمديد عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي في قمة بروكسل في العاشر من أبريل الجاري مهما كان الثمن.

ولكن هل يقدِم حقاً على خطوة مماثلة؟ قبل لقائه رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار بدا ماكرون على درج قصر الإليزيه يوم الثلاثاء متقلباً في موقفه. أعلن: "إذا عجزت المملكة المتحدة... عن طرح حل تدعمه الأكثرية، تكون قد اختارت بنفسها بحكم الواقع الرحيل من دون صفقة. لا يمكننا تجنيبها الفشل".

هل يشير، إذاً، إلى خروج بريطانيا بالطريقة الصعبة؟ كلا، فقد أضاف ماكرون أن ثمة "مبررات وجيهة" لتمديد المادة 50، وقد تشمل هذه المبررات انتخابات، أو استفتاء آخر، أو اقتراحات أقل تشدداً بشأن علاقة بريطانيا المستقبلية بالاتحاد الأوروبي. سيكون ماكرون وغيره من قادة الاتحاد الأوروبي "منفتحين" على أي أفكار واضحة، إذا قدمتها تيريزا ماي خلال القمة الطارئة في بروكسل يوم الأربعاء المقبل.

هل غيّر، إذاً، ماكرون رأيه؟ بدّل على الأرجح خطابه العام بضغط من برلين ودبلن. فمن غير المرجح أن يتحدى الرئيس الفرنسي العواصم الست والعشرين الأخرى ويعرقل تمديد المادة خمسين وحده. رغم ذلك، يبقى ماكرون زعيم معسكر مَن عيل صبرهم بين دول أعضاء الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين.

تؤدي خطة ماي الجديدة، التي تسعى إلى الفوز بمهلة قصيرة حتى الثاني والعشرين من مايو بغية تنظيم خروج هجين يجمع بين العمال والمحافظين، إلى تبسيط حياة ماكرون والآخرين وتعقيدها في آن واحد. إذا توصلت ماي إلى صفقة بحلول العاشر من أبريل، فسينال التمديد الوجيز حتى الثاني والعشرين من مايو الموافقة بسهولة. أما إذا لم تُعقد أي صفقة داخلية في المملكة المتحدة، فسنشهد تردداً كبيراً في إعلان خروج بريطانيا من دون صفقة، إلا أن التردد سيكون كبيراً أيضاً بشأن إطالة سيكودراما خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

سيؤدي ماكرون دوراً بالغ الأهمية في حل هذه المعضلة، فعلى غرار قادة كثر يعارض إعطاء ماي الضوء الأخضر للتوصل إلى حل خلال الأسابيع السبعة المقبلة، فقد يؤدي هذا إلى خروج بريطانيا عنوة قبل يوم من الانتخابات الأوروبية.

قد يطرح قادة آخرون فكرة منح بريطانيا مهلة أطول مقابل التزامها بعقد انتخابات أوروبية والامتناع عن تعطيل قرارات الاتحاد الأوروبي بشأن اختيار رئيس جديد للمفوضية ووضع خطة موازنة جديدة للسنوات الخمس القادمة. إلا أن ماكرون ينظر بعين الريبة إلى كل هذه الاقتراحات، مع أنه يملك أسباباً خاصة به تجعله يخشى خروج بريطانيا العنيف من الاتحاد الأوروبي.

ما التأخيرات الأخيرة في خدمات "يوروستار"، التي ترجع إلى إضراب عمال الجمارك الفرنسيين، إلا لمحة عما قد يسببه خروج بريطانيا غير المضبوط فجأة في الجانب الشرقي من القناة. تعتمد آمال ماكرون أن ينجح في التغلب على ثورة "السترات الصفراء"، التي بدأت تخبو، على الاقتصاد الفرنسي، الذي يمر بمرحلة تعافٍ متواضعة، لكن خروج بريطانيا بقوة من الاتحاد الأوروبي سيشكّل مأساة اقتصادية بالنسبة إلى بريطانيا، وكارثة بالنسبة إلى أيرلندا، ومصدر ألم بالنسبة إلى فرنسا.

على سبيل المثال، يعتمد الصيادون الفرنسيون في الشمال على "المياه البريطانية" في 60% من صيدهم، ولا شك أن آخر ما يريده ماكرون اليوم رؤية صيادين يرتدون سترات صفراء ويقفلون مرفأ كاليه أو مدخل نفق القناة.

رغم ذلك، يظل ماكرون الأكثر تشدداً بين قادة الاتحاد الأوروبي كافةً في رفضه سنة إضافية من التخبط مع بريطانيا، مما قد يحوّل الانتباه والطاقة بعيداً عن خططه "للنهضة" الأوروبية. حتى أكثر المعلقين تأييداً للوحدة الأوروبية ولبريطانيا في فرنسا بدأوا يعتبرون الانفصال "التام عن بريطانيا، وإن كان مؤلماً"، أفضل من خوض تسعة إلى 12 شهراً إضافية من الضياع السام.

خاض فرانسوا هيسبورغ، لوكسمبورغي-فرنسي بريطاني المولد ترأس سابقاً المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، دردشة طويلة عبر «تويتر» مع متتبعيه الفرنسيين القلقين قبل أيام، فاستخلص أحدهم أن إبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي يشبه "سرطاناً ينتشر... من الأفضل قطع الغصن السقيم للحفاظ على الجذع".

علّق هيسبورغ: "ملاحظة إلى قادة المملكة المتحدة: تشكّل هذه التغريدة نموذجاً لما يظنه الفرنسيون المؤيدون للوحدة الأوروبية ولبقاء بريطانيا. يمكنكم أن تتخيلوا مزاج الفئات الأخرى"، وتشمل هذه "الفئات الأخرى" قصر الإليزيه. راهن ماكرون برئاسته على مواجهة الشعبوية "المرضية" في الداخل ومحاربة نهوض القومية في سائر دول الاتحاد الأوروبي، ومن المؤكد أن "إرغام الأوروبيين النخبويين بريطانيا على البقاء رغم إرادتها" قد يشكّل هبة لمارين لوبان وغيرها من الشعبويين في الانتخابات الأوروبية في شهر مايو.

إذا أجمعت الدول الأعضاء على تمديد طويل للمادة خمسين، فلا شك أن الرئيس الفرنسي سيستاء كثيراً، إلا أنه سينسب الفضل إلى نفسه، ومن المؤكد أن مؤيدي خروج بريطانيا يتصرفون بتهور إذا اعتمدوا على الرئيس الفرنسي ماكرون معتبرين إياه خط ماجينو من رجل واحد. سيتولى ماكرون، رغم ذلك، قيادة الفصيل الذي يقاوم في القمة تمديد المادة 50 مطولاً من دون اقتراحات وضمانات واضحة من ماي: استفتاء ثانٍ؟ انتخابات عامة؟

يعتبر ماكرون أن على تيريزا ماي أن تقدم حلولاً مماثلة وليس دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، لكنه قد يتحوّل بحكم الواقع إلى البطل غير المتوقع لخروج بريطانيا بقوة من الاتحاد الأوروبي.

* «جون ليشفيلد»

back to top