«طمي» العطوان وزرع «براحته»

نشر في 05-04-2019
آخر تحديث 05-04-2019 | 00:01
 خالد اسنافي الفالح هل تذكرون صديقي الكاتب في قصّتي المهملة؟ كنت وإياه في الموبوءة نتبادل اللكمات بالكلمات، مطارحة حوارية حول موقف مفكر خليجي من اتجار المؤسسات الثقافية بورش الكتابة، فالكتابة- والقول ملتبس قائله في ذاكرتي- ليست كتفريش الأسنان لتحتاج لها فرشاة ومعجونا يقدمّانهما لك المدرّبون بعد شرح نظري لعملية التفريش!

أظنّني تساءلت حينها: وكيف تكون ورشة الكتابة؟ مدافعاً عن إحدى تلك الورش التي سجلت بها لغرض تعلّم كتابة الرواية.

مضى زمنٌ ليس بالكثير ولا القليل على ذلك اللقاء المشحون، حتى وصلتني رسالته الوسائطية تدعو كل شغوف بالكتابة للتسجيل في مخيّم «براحة»، بتنظيم مؤسسة «طمي» للتنمية الشبابية وبالتعاون مع الهيئة العامة للشباب وبرعاية منصات شبابية وإعلامية أخرى.

أسجّل؟ قلت، استفهام خشية لا استئذان، لربما أراد صديقي استقطاب نخبة الكتّاب، ممّن شيّد البِيَع والصوامع في سهول الصحافة وسفوحها، لا لأمثالي من المقتحمين عنوةً عبر تحطيم نوافذ الصحف مستغلاً شفقة كبرائها في ترك مساحة نئنّ بها لأننا عاجزون عن العويل! فالألم في أكثر الأحيان لا يرتقي لمقاديره الصراخ.

سجلت كي أملأ فضولي بما سيكشفه هذا المتفلسف، لم أقل ذلك في رابط التسجيل حتى لا يركلني بوعوض خارج عنابر المخيّم، واستبدلت بتلك الحقيقة السافرة أختها المنزوية: أسجل بحثاً عن السرّ الذي سوف يجعلني أظهر لكم على مدار الساعة، أو كلّ يوم جمعة، ولا حول ولا قوة إلّا بالله.

خلال أيام المخيّم الستة، كنت أمارس دوري المعتاد في كل ورشة كتابة أسجل فيها، الإنصات كأداة للتنقيب، لكن الذي استجد هذه المرة أن إنصاتي موجّه لأحاديث هؤلاء الذين شاركوا كلٌّ لغايته! في حين كان دور المحاضرين «التيسير» ومدنا بالنشاطات المحفزة أكثر على التجاور والتشارك والتحاور.

فالكتابة في مخيّم براحة هي نتيجة، نتيجة تفكّر وتذكّر وبسط وربط وانتقاد واعتقاد وتخيّل وتأوّل وإحلال وإبدال، كل ذلك يسبق إلباسها الحروف والكلمات والجمل.

خلال تلك الأيام الستة، أدركت اختلاف وعي القارئ عن وعي الكاتب، ولعلّي فقهت الآن كل تعليق وصم مقالاتي بالصعوبة. خلال تلك الأيام تعرّفت على إمكانات شبابية لو مكّن لها لانطلقت نحو سدرة المنتهى.

الشكر لا يفي دور محمد العطوان، ربما ولا الكتابة.

back to top