شوارعنا المستنزفة لطاقاتنا

نشر في 01-04-2019
آخر تحديث 01-04-2019 | 00:01
 فوزية شويش السالم شوارعنا باتت عذابنا اليومي، الذي يستنزف طاقتنا، ويستهلك أعصابنا، ويقضي على قدرتنا على الإنتاج والعمل والتواصل.

شوارعنا هذا القضاء، الذي لا يرحم، ولا يقدر مقدار الاستنزاف اليومي للطاقة، والقدرة على الاحتمال والصبر، الذي يهرس أعصاب المواطنين، وكل من يقود دراجة أو سيارة، أو يمشي راجلا.

شوارعنا باتت مثالا للكوارث والكوابيس المخيفة الرهيبة، ومثالا أعلى للاختناقات وللفوضى المرورية، التي لا تهاب ولا تخاف ولا يردعها أي قوانين. لا أحد يخضع أو يهتم وينصاع لاحترامها أو تقديرها أو الخوف من نتائج مخالفتها. شوارعنا لا أحد يهتم أو يلتزم بقوانين السير فيها، لأن الذين يخالفون ويعطلون حياة الآخرين، ولا يجدون عقابا صارما تجاه مخالفاتهم، يصبحون قدوة للآخرين لاتباع مثل سلوكهم، الذي يقصر عذاباتهم، ويسهل سبل حياتهم.

إذن لماذا وضعت هذه القوانين والتي أعرف أنها متشددة ورادعة؟ أقصد المفروض أن تكون رادعة لمن لا يخضع لها ويخالفها باستهتار. لماذا يخالف الأكثرية هذه القوانين ويخترقها باستخفاف، سواء كان مواطنا أو مقيما أو وافدا؟ وربما هناك وافدون، خصوصا العمالة البسيطة، يأتون من بلاد أو مناطق ريفية أو غابات لا توجد فيها شوارع وطرق سريعة، وكل ما قادوه ليس إلا عربات بسيطة، أو دراجة، أو "تكتوك". هذه العمالة تتعامل مع الطرق السريعة مثل تعاملها مع السكك التي كانت تسير عليها، دون فهم وإدراك ثقافة وخصوصية قوانين السير بهذه الطرق السريعة. مخالفاتها هذه ليست إلا ألغام بوسط الطريق، مصائب غير متوقعة لمن تقع في طريقه، لذا يجب تدريبها وتعليمها بجدية وبامتحانات حقيقية صارمة لكل إشارات ومعلومات قوانين السير بالطرق السريعة، ولا تُعطى "لايسن" القيادة إلا بعد إتقانها وفهمها تماما لمعلومات القيادة فيها، مثلنا مثل كل الدول المتحضرة التي لا تعطي ولا تسمح بالقيادة في شوارعها بدون فهم جميع إرشادات وسلوكيات طرقها، وليس هناك أي دور للواسطة بمثل هذه الأمور التي تمثل أمن وحياة الناس، وراحتهم ضرورة قصوى. الازدحامات الخانقة في كل أوقات النهار باتت كلها تمثل ساعات للذروة. لم يعد هناك وقت محدد نقيس عليه ساعة الذروة مثل كل بلاد العالم المتعارف عليها بوقت خروج الموظفين وطلاب المدارس. ساعات الذروة أصبحت تفترس اليوم كله حتى بعد الساعة العاشرة ليلا، لا أحد يستطيع أن يصل إلى بيته أو عمله أو موعده بأقل من ساعة ونصف أو ساعتين حسب انفراجات الطريق، بلد صغير بشوارع حديثة لا يستطيع فيها المواطن الوصول إلى أي مكان يريده في أقل من ساعة، مهما كانت المسافة قريبة، وربما في الحالة العادية الطبيعية لا تستغرق أكثر من ربع ساعة، مثال على ذلك المشوار من اليرموك على الدائري الرابع إلى بداية السالمية، والذي بطبيعته لا يستغرق أكثر من ربع ساعة بالكثير، بات يأخذ ساعة في الوصول إليها من شدة الازدحام، والإشارة الضوئية التي لا تلحقها السيارة الواقفة بانتظام قانوني وانتظار طويل، لتأتي السيارات من الزاوية المغلقة الممنوع تجاوزها قانونيا، ولكن يتم تجاوزها بكل أوقاتها بمرور سيارات لم تنتظر دورها على حساب تلك الخاضعة والملتزمة بالقانون، مما يطيل وقت انتظارها بسبب التزامها بإشارة المرور، فأين تلك الشرطة السرية المرتدية للملابس المدنية التي تكلمت الصحف عن وجودهم في شوارع الكويت؟

أين الشرطة عن كل هذه المخالفات التي تحرق أعصاب الناس وتعطل أعمالهم وأوقاتهم؟ لم لا نراهم يردعون كل من يخالف قوانين وآداب وأخلاق السير في الشوارع؟

الكثير من السيارات تقف في شوارع لا تتحمل وقوف أي سيارة على جوانبها، ونجد هناك من يقفل أو يعرقل المرور بها دون أي مراعاة للآخرين، حتى حين يسمع احتجاجات أبواق السيارات لا يلتفت ولا يهتم ولا يتحرك قيد أنملة من مكانه، في مثل هذه الحالات ما هو العمل؟ وأين دور الشرطة المتخفية في مكان لا يعلمه إلا الله؟

يا حكومتنا يا وزارة المواصلات نرجوكم ارحمونا من ازدحامات واختناقات الطرق والشوارع، ارحمونا يرحمكم الله، اشعروا بعذابات الناس وحرق أعصابهم بحرب الشوارع الفالتة من كل قيود مراعاة القوانين فيها، من سلوكيات أخلاق القيادة برعونة والمستهترة بأرواح الناس البائسة۔

ارحمونا وأغيثونا من نفثات "الباصات" الخاصة ودخانها الأسود.

back to top