«الصوابر»... أن يستمر التنوير

نشر في 31-03-2019
آخر تحديث 31-03-2019 | 00:06
 مظفّر عبدالله أول العمود: نشر قائمة أسماء خريجي إحدى الجامعات في اليونان من الكويتيين في وسائل الإعلام واعتبار شهاداتهم مزورة مسلسل يجب أن ينتهي إلى تحقيق رسمي لا حديث بين الناس.

***

في وسط العاصمة الكويت يجري الآن هدم أول مشروع سكني جماعي في دولة خليجية قامت بإنشائه الحكومة الكويتية في عام 1976 لغرض تنويع أشكال سكن المواطنين باعتماد النمط العمودي آنذاك، وهو مجمع الصوابر الشهير لمصممه الكندي آرثر إريكسون. (1924– 2009).

الجرافات تقوم في هذه اللحظة بأعمال الهدم، والحوار حول هذا النموذج الذي يُصنف كـ"تراث حداثي معماري" أخذ حيزاً خجولاً في المجتمع الكويتي مثله مثل الكثير من المباني الأخرى ذات التصنيفات المعمارية المتنوعة التي خضعت لاقتصاد السوق.

أيام وستتحول 524 شقة في 33 عمارة إلى ساحة ملساء، لكن تبقى الأسئلة والأحاديث والآراء التي تطلقها أصوات العقل والتخصص قائمة، وعلى الرغم من ضعف التيار المعارض للهدم فإنه يملك الحقيقة التي لا يملكها من سيستغل المساحة لاحقاً، فمأساة هذا المجمع قديمة وراح ضحية البيروقراطية في الصرف على الصيانة، وتأخر إشهار اتحاد ملاك يعتني به، واستمرار تقديم قسائم الفلل مع توقف السكن العمودي في مشاريع أخرى كان يمكن أن تسنده اجتماعيا كخيار سكن.

هدم المجمع يعني هدم فكرة عودة سكن الكويتيين في العاصمة الخالية منهم، وهي ظاهرة غريبة في بلدنا، وهدمه يعني أيضا إضعاف الحياة الجديدة التي دبَّت في العاصمة بفضل مشاريع الشباب الاقتصادية، الصغيرة والمتوسطة، المتمثلة بالمعارض الفنية والمقاهي والمطاعم التي بدأت باستقطاب الكويتيين للعاصمة بشكل لافت، ويضاف إلى ذلك الثوب الجديد لسوق المباركية وبناء حديقة الشهيد ومركز جابر الثقافي وإعادة توطين مبادرة "قوت ماركت" في ساحة الصفاة، فمجمع الصوابر وفق تقارير منشورة، يستوعب ما يقارب 2600 نسمة، كان يمكن أن يوجدوا وسط العاصمة اليوم، ويتفاعلوا مع الحركة التي أحدثها الشباب الكويتيون في العاصمة من خلال مشاريعهم الصغيرة.

كان يمكن– وهذا حلم في بلد لا يؤمن بالتخطيط– إعادة المشروع لهدفه الحقيقي بمنح الأمان لمن يرغب في السكن من خلال ضمان كل متطلبات تشغيل المجمعات السكنية الحكومية الجماعية، كما سيحدث في مشروع "حصة المبارك" الخاص، وكان يمكن الإبقاء على جزء منه واستغلاله لمشروع إنتاجي ثقافي يعود بالمنفعة على الدولة مادياً ومعنوياً. أتمنى ألا يكف المتخصصون ومن يملكون رؤى لمثل هذه المباني عن الحديث وإبداء الرأي حول ما يجري لها، لأن الصمت مرض تجب مقاومته بالرأي العلمي والثقافي والقانوني، فنحن لدينا من الشباب المتخصصين في عمارة المدن، ولدينا كلية للعمارة، ومهندسون شرفاء، ومطورون ذوو رؤى متميزة، وإن كان هناك من المحبطين من لا يرون فائدة من "الكلام"، فنرد بالقول إن أول خطوات المقاومة تكمن في التنوير ووضع الجيل الحالي أمام مسؤولياته الوطنية بعد بيان الحقائق والمعلومات بشكل علمي صائب، والتنبيه للقوانين الموجودة التي تحمي مثل هذه المباني، والاهتمام بالتشبيك مع الجماعات الأخرى البيئية والاقتصادية التي تحمل هموم الوطن لخلق تيار قوي رافض للاستمرار في مثل هذه الممارسات.

back to top