شوشرة: استغاثة مواطن وصرخة وطن

نشر في 29-03-2019
آخر تحديث 29-03-2019 | 00:07
 د. مبارك العبدالهادي مسنٌّ أتعبته الحياة وبدت على وجهه خطوط عريضة حددتها آهات الزمن ورسمت على ملامحها خريطة طريق لمعاناة الحياة التي تركت بصمة واضحة عليه، يجلس وسط جمع من الحضور الذين التفوا حوله ليستأنسوا بحديثه عن الماضي بدءاً من شبابه الذي وصفه بالشباب الحقيقي والذي حافظ على لباقته المفقودة في يومنا عند بعض شبابنا الذين تخلوا عن الأخلاقيات الحقيقية، وخلعوا ثوب العادات والتقاليد، وأصبحوا لا يفرقون بين العيب والصواب.

فتساءل: "ليش صار بشبابنا جذي؟ ما أعتقد التطور"، لكن التربية اختلفت والقيم تبدلت، والتعليم في المدارس والانضباط تخلفا، والاحترام أصبح نادرا، حتى الدواوين تبدلت والأحاديث تغيرت، فكنا نتعلم من مدارس آبائنا وأجدادنا، أما في يومنا فصارت بعض الدواوين تنافس مجالس بعض النساء في النميمة، وبعض فتياتنا صرن بلا حياء، ولباسهن بلا حشيمة. ويكمل حديثه: "لما توظفت كنا نعمل بهمة وعزيمة من أجل وطننا، فنحافظ على الأمانة، ولا نسمع عن اختلاس أو ملايين "طارت" فجأة، والحرامي هرب واختفى، لأننا كنا نخاف العقاب والحساب، ورغم ظروفنا الصعبة وقلة مدخولنا كان للراتب طعم، ويكفي أسراً، فلا تلاعب في الأسعار، والقانون كالمسطرة لا يميز بين أحد، والفاسد لا يجلس بيننا ولا نستقبله بل نحتقره، والآن صار العكس صحيحاً". ثم استرجع ذاكرته بالقول: "أتصدقون؟ حتى المرض ما كان له مكان بيننا، والعلاج مفعوله كالسحر، ولا نعرف شيئا اسمه بندول، أما اليوم فصرنا نسمع عن الأخطاء الطبية، وصارت بعض الأجساد حقل تجارب". حتى الحب كان طعمه غير، لأننا كنا صادقين ومحافظين على بيوت بعضنا، والجار كان يحب لجاره الخير، وبيتنا وبيته واحد، وما عنده أطماع ولا تزوير، ولا نسأل عن عائلته أو قبيلته أو مذهبه، ولا نشكك في ولاء أحد ولا نفضح "ونتبجح"، ولا نسبّ ولا نقذف بعضنا، ولا نبيع أنفسنا، ولا تضخمت حساباتنا. ضحك المسن بعد سؤال أحد الحضور عن دور مجلس الأمة وقال: "كان وضعنا غير، فلا استعراض ولا مسرحيات، والوزير كان يخاف من المحاسبة، والكل يعمل من أجل الوطن، أما اليوم فصار البعض يتسابقون على نحر الشعب والبلد، وخير شاهد على ما أقول شوفوا وين كنا ووين صرنا، حتى ما عندنا شارع زين، وبعض النواب ما تسمع منه إلا التهديد والوعيد والوزير يطالعه ويضحك".

قد تقولون إني بالغت لكن أوضاعنا اختلفت وأمورنا تعقدت والكويت تعبت من مشاكل لا تنتهي، والناس ملت من مهاترات وألاعيب وتجاوزات واختلاسات وصراعات ومؤامرات ودخلاء لا يهمهم إلا الكسب غير المشروع، وتنفيذ أجنداتهم، فارحموا الكويت وشعبها.

back to top