الجولان في عهد الغلمان!

نشر في 29-03-2019
آخر تحديث 29-03-2019 | 00:10
 د. حسن عبدالله جوهر مجدداً يحاول الرئيس الأميركي سرقة الأضواء على حساب شذوذه السياسي، ومرة أخرى ينجح دونالد ترامب في إشغال الرأي العام العالمي عبر قرارات غريبة الأطوار، ومن جديد يقدم سيد البيت الأبيض هدية مجانية من جيب غيره لإسرائيل، ولكن ما يجمع كل ذلك أنها على حساب العرب والمسلمين وفي إساءة متعمدة ومهينة لأكثر من مليار ونصف من سكان العالم، فما السبب في ذلك؟ وما علة هذا الرجل المريض؟

اعتراف الرئيس الأميركي بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان السورية في الحقيقة نتيجة طبيعية وخطوة لاحقة لردة فعل العرب على إعلانه القدس عاصمة لإسرائيل قبل أقل من سنة، وإهداء الجولان لإسرائيل وسط الخجل العربي والإسلامي حتى في استنكار هذا القرار المخالف في أدنى مستواه للقانون الدولي قد يكون الخطوة الممهدة للاستيلاء رسمياً على الضفة الغربية، ولربما البدء بفرض الحلم الصهيوني بإسرائيل الكبرى التي تشمل مناطق واسعة من الدول العربية الجديدة، ومنها دول الخليج العربي.

المواقف الرسمية لمعظم الدول العربية والإسلامية لم تتعد حدود الأسف من القرار الأميركي ولم ترتق حتى إلى مستوى أقرب حلفاء الولايات المتحدة مثل كندا وفرنسا والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة التي عبرت عن رفضها واستنكارها صراحة، وكأن ذلك مكافأة لمئات المليارات التي ابتزها أكثر رئيس أميركي متهم بكل أنواع الفساد والفضائح، وهو رد الجميل للتنازلات التي قدمها الكثير من العربان بشأن قضية القدس بما في ذلك خطوات التطبيع مع الكيان الغاصب وحذف إسرائيل من قائمة الدول المعادية، والترحيب ولو بشكل خجول بصفقة القرن التي تحولت إلى صفعة تلو الصفعة للقيادات السياسية في العالم العربي الكبير.

قد يكون الجولان تحت الاحتلال منذ نصف قرن دون أن يحرّك العرب ساكناً، وقد تكون آخر طلقة في ميدان قتال العدو الإسرائيلي في أكتوبر 1973، وقد يروّج ضعاف الهمة لمقولة أن إسرائيل غدت أمرا واقعا، وقد يبرر آخرون تهميش القضية الفلسطينية من أجل التنمية والإصلاح الداخلي، وقد يرتعد الجميع من تهديدات ترامب، ولكن هذا كله لا يغير ساكناً في حتمية الانهيار الكلي لأمة العرب والإسلام، التي لم تر أي بصيص للتنمية ولا نسمة من نسمات الحرية والمشاركة في القرار، وأبقوا حطباً للحروب البينية والأهلية منذ أكثر من ثلاثين سنة، وتصدرت دولهم قائمة الدول أكثر فساداً والأكثر اضطهاداً والأكثر تخلفاً والأكثر فقراً، ومع ذلك الأكثر دفعاً للإتاوات والثروات والتنازلات للعم سام على الدوام.

لا نريد حرباً مع أميركا، ولا أميركا المفككة داخلياً وعلى هاوية الانهيار في عهد ترامب قادرة على الدخول في حرب حقيقية، ولكن مقتضيات السياسة الدولية الحديثة قد هندست المواجهة بأدوات ناعمة وضمنت الانتصار بوسائل مرنة، فها هي كوريا الشمالية برئيسها اليافع قد غطّست ترامب في ماء البحر وأخرجته ناشفاً، وها هو لبنان الصغير وقد صفع وزير خارجية ترامب على فمه في عقر داره، فماذا ينقص بقية العرب؟ إنها كرامة الرجال وحسب، ولذلك سيشهد التاريخ بأن الجولان ضاع في عهد الغلمان!

back to top