من عبيدٍ... إلى سادة!

نشر في 26-03-2019
آخر تحديث 26-03-2019 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم لندخل إلى هذا المشهد، ولهذه السيدة الأميركية في أواخر القرن الثامن عشر وهي تنادي على رجل زنجي، في أول هذا المقال، ثم ندخل بعد ذلك للبحث في التفاصيل.

***

- هيه... هيه... أنت أيها الزنجي، ألا تسمعني؟! لا تتسكع هكذا دون عمل.

- معذرة يا سيدتي، إنني لا أتسكع، ولكنني...

- مقاطعةً: لا تعترض أيها الزنجي، تحرَّك وافعل شيئاً، ولا تقف هكذا كالأبله.

- ماذا تريدين أن أفعل يا سيدتي؟!

- أي شيء أيها السخيف، خذ فأساً من البواب، واقطع بعض الحطب من الغابة المجاورة.

- كما تشائين يا سيدتي... أين هو البواب؟

- تحرَّك بنفسك وابحث عنه أيها الكسول.

***

• خلع الرجل سترته، وأخذ يقطع الحطب، ثم حمله إلى مطبخ السيدة ڤارنر، وإذا بالخادمة التي تعمل في المطبخ تُصعق من هول المفاجأة لما رأت.

- يا إلهي... الأستاذ بوكر واشنطن؟!

- أجل يا سيدتي.

- سيدتك؟! إنني لستُ سوى خادمة يا سيدي، فلماذا تحمل الحطب أيها الأستاذ؟!

- هذا ما طلبته مني السيدة ڤارنر.

- طلبته منك؟! أنت غارق في عرقك أيها الأستاذ، لابد أنها لم تعرفك، سوف أخبرها عنك على الفور.

***

• عند مدخل بهو جامعة نيويورك سيرى الداخل إليه تمثالاً لرجل زنجي على وجنتيه أخاديد رسمتها أعوام أمضاها بالكدح والكفاح والبذل وحمل المسؤوليات، وقد كُتبت تحت التمثال الكلمات التالية:

"إنه لا يضيرنا أن نعترف بكل ظواهر الحياة الاجتماعية وافتراق شكل الألوان بيننا، لكن لابد لنا إذا سرنا في طريق التقدم والرقي أن نكون يداً واحدة لسعادة هذا العالم".

(بوكر واشنطن)

***

• بوكر واشنطن، الذي كرَّمته أميركا ووضعت تمثاله إلى جانب أبطالها العظام في بهو جامعتها العريقة، يُعد الأب الحقيقي لحركة الزنوج نحو الحرية والتحرر، بل هو الرائد الأول في تعليمهم، وهو الرجل الذي رفع ستار الجهل عن قومه، وجعل من المدرسة الأولى التي أنشأها في "نوسكي ﭽي" جامعة تخرج فيها ألمع الشخصيات الزنجية حتى يومنا هذا.

لا أحد يعرف متى وُلد، فهو يعلل ذلك بقوله:

- لسوء الحظ كان أبي عبداً، وأمي كانت كذلك، وعندما سلَّمنا النخاس لسيدنا الجديد كنتُ حينها في الرابعة من عمري، وسألني الرجل الذي يملكنا عن الاسم الذي أرغب أن أحمله، فقلت: "واشنطن".

***

• معارك طويلة خاضها بوكر واشنطن ليكون رائداً لتعليم الزنوج في أميركا.

• نعود للمشهد الأول من هذا المقال، لنجد أن السيدة ڤارنر تأتي بنفسها للمدرسة التي يرأسها:

- أنا آسفة جداً، لماذا لم تقدِّم لي نفسك؟

- أنا أحب تقطيع الأخشاب يا سيدتي.

- لكنك جئت لجمع تبرعات للمدرسة؟

- سيدتي، كلٌ منا يقوم بواجبه، وها أنت ستؤدين واجبك في هذه الزيارة.

• فتبرعت السيدة ڤارنر بكل الأراضي التي بُنيت عليها الجامعة الأولى للزنوج في أميركا.

back to top