شباب المسرح

نشر في 24-03-2019
آخر تحديث 24-03-2019 | 00:01
 د. خالد عبداللطيف رمضان أسدل مهرجان أيام المسرح للشباب ستارته بعد أيام حافلة بالعروض المسرحية منها ما هو على الهامش ومنها ما هو ضمن المسابقة الرسمية، إضافة إلى الورش الفنية المصاحبة والندوات التطبيقية التي تعقب العروض.

عاش شباب المسرح خلال هذه الأيام حالة من التوهج الفني والفكري، وهذا ما نتأمله من مثل هذه المهرجانات، فقد أنتجت لنا كوادر مسرحية مميزة في عطائها وحماستها لفن المسرح، وأخذها بأسباب التطور ومحاولة الاطلاع على كل ما هو جديد في عالم المسرح. ومن شاهد عروض المهرجان وتابع ندواته يشعر بالفرح لوجود هذا الكم من الكوادر المسرحية الواعية والعاشقة لفن المسرح كما يفرح لوجود مثل هذا الجمهور الكثيف الذي يتابع عروض المهرجان وجلهم من الشباب المتذوق للفن المسرحي.

ولحسن الحظ فقد تابعت بعض عروض المهرجان وخاصة مسرحية "على قيد الحلم" لفرقة مسرح الشباب ومن تأليف الكاتبة المتطورة تغريد الداود وإخراج المتألق يوسف البغلي وأداء مجموعة متناغمة من الممثلين المتميزين في أدائهم وحركتهم على خشبة المسرح، ومن أبرزهم الشاب حمد أشكناني الذي يتوهج على الخشبة عطاء وإبداعا. المسرحية تصور أوجاعنا في هذا الزمن الذي أصبح فيه الإنسان العربي مطاردا في رزقه وحياته وحريته في التعبير والتفكير حتى أصبح مطاردا ومحاسبا على أحلامه. هذه الالتقاطة الجميلة للفكرة وجدت تعاملا ذكيا من المخرج الذي حرك ممثليه على خشبة المسرح بسلاسة وأداء ممتع وتم التعامل مع قطع الديكور البسيطة والموحية بتناغم مع الممثلين، في هذا العرض استمتع الجمهور بالفرجة المسرحية المبهرة وضحك من خلال مواقف تلقائية بدون اسفاف أو افتعال، وهذا النوع من العروض يجب أن نشجع عليه في المهرجانات ونزيح الفكرة الخاطئة السائدة عند بعض المسرحيين الذين يعتقدون أن المسرح الجيد هو المسرح المبهم في أحداثه وحواراته، والذي تسود فيه الكآبة ويكون المسرح معتما لا نميز فيه وجوه الممثلين ولا نتعرف على تعبيراتهم أثناء الأداء.

يجب أن يدرك المسرحيون الشباب أن المسرح الجاد يجب أن يتواصل مع جمهوره ويحقق لهم المتعة وهم يتابعون القضايا التي يطرحها، فالمتعة من أهداف أي عمل فني، والذي لا يحقق المتعة قد يكون أي شيء ولكنه ليس فنا، فإيصال الفكر يجب أن يكون من خلال المتعة الفنية، وهذا ينطبق على كل الألوان الإبداعية. المهرجانات المسرحية التي تقام سنويا تثبت أننا نملك ثروة بشرية في كل مجالات العمل المسرحي، وإذا كان هناك نقص فهو في قصور البنية التحتية التي لا تلبي احتياجات فنانينا المسرحيين من حيث المباني المسرحية وتجهيزاتها الفنية إضافة إلى ندرة الموارد المالية عند الفرق المسرحية سواء الأهلية أو الخاصة بحيث أصبحت غير قادرة على إنتاج العروض الجماهيرية الجادة في طرحها والناضجة فنيا لارتفاع الكلفة الإنتاجية والخشية من الخسارة، حتى أصبحت العروض في الساحة المسرحية قاصرة على المسرحيات المهرجانية التي تقدم لجمهور محدود لليلة واحدة أو العروض الترفيهية السطحية إلا فيما ندر مثل مسرحية فرقة باك ستيج (موجب) التي قدمت فرجة مسرحية من غير إسفاف. نأمل أن تكون إرهاصا بعودة المسرح الجماهيري الذي يطرح قضايا جادة من خلال قالب فني ناضج وممتع في آن واحد.

back to top