رسائل متناقضة بين طهران وأنقرة في سورية والعراق

بغداد تعلن فتح معبر مع دمشق خلال أيام... والنظام يخير الأكراد بين المصالحات والقوة

نشر في 19-03-2019
آخر تحديث 19-03-2019 | 00:04
كرديان يفتحان النار على «داعش» في الباغوز أمس	(أ ف ب)
كرديان يفتحان النار على «داعش» في الباغوز أمس (أ ف ب)
في تطور سلبي على مسار أستانة، الذي تقوده روسيا، طلبت إيران من تركيا بشكل مباشر الانسحاب من إدلب، في حين تعهّدت دمشق بتحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد بالقوة، مع قدرتها على إخراج القوات الأميركية من قاعدة التنف.
استبق رئيس هيئة أركان الجيش الإيراني اللواء محمد باقري اجتماعه النادر في دمشق مع وزير الدفاع السوري علي أيوب ورئيس هيئة أركان الجيش العراقي عثمان الغانمي لمناقشة «سبل مكافحة الإرهاب»، بالتشديد على ضرورة الانسحاب الفوري للقوات الأجنبية غير الشرعية من محافظة إدلب، التي أقام فيها الجيش التركي 12 نقطة مراقبة بالاتفاق مع روسيا، ومنطقة شرق الفرات، التي حوّلتها المعركة مع تنظيم «داعش» إلى مركز ثقل أميركي.

وإذ أقر بأن الوجود الإيراني جاء بدعوة رسمية، أكد باقري، أن القوات الموجودة في سورية من دون التنسيق مع حكومتها ستنسحب عاجلاً أم آجلاً، مبيناً أنه بحث مع نظيريه السوري والعراقي والقادة العسكريين مجالات التعاون، وسيجري لقاءات مع المقاتلين على الجبهات، خصوصاً في منطقة شرق الفرات والغوطة الشرقية.

وفي تناقض مع دعوة باقري، أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو أمس، بدء عمليات أمنية مشتركة مع إيران ضد حزب العمال الكردستاني (PKK) على المثلث الحدودي مع العراق.

وفي حين أكدت وزارة الداخلية الإيرانية إطلاق العمليات المشتركة مع تركيا لمحاربة الجماعات الإرهابية على الحدود، نفى مصدر مطّلع في هيئة الأركان الإيرانية أي مشاركة للقوات المسلحة مع الجيش التركي في تنفيذ عملياته ضد حزب العمال الكردستاني، التي بدأت بالفعل في المناطق الحدودية الشرقية.

ورقة واشنطن

إلى ذلك، اعتبر أيوب أن قوات سورية الديمقراطية (قسد) هي الورقة المتبقية في يد واشنطن، وأنه سيتم التعامل معها «إما بالمصالحة أو بتحرير المناطق التي تسيطر عليها بالقوة»، مؤكداً قدرة الجيش على إخراج القوات الأميركية من قاعدة التنف.

وقال أيوب، خلال لقائه مع وفود عسكرية من إيران والعراق: «من حق سورية الدفاع عن أمنها واستقرارها ضد أي وجود غير شرعي لأي دولة ومنها الولايات المتحدة»، مشدداً على أن «الدولة ستبسط سيطرتها على كامل جغرافيتها عاجلاً أم آجلاً، وإدلب ليست استثناء».

وأضاف أن «التنسيق بين الإيرانيين والروس على أكبر حال، وأكبر دليل النتائج بالميدان والاجتماعات كثيرة والأهداف مشتركة، ولولا ذلك لما كنا استطعنا القضاء على داعش وإنجاز ما تم إنجازه، ولا تستمعوا كثيرا إلى الإعلام حول وجود خلافات».

وقيّم الوزير السوري عالياً اجتماعه مع رئيسي الأركان الإيراني والعراقي، معتبراً أنه «مهم وناجح يساعد على مواجهة أخطار أنتجها انتشار الإرهاب، لاسيما أن اهتزاز الأمن والاستقرار لا يمكن حصره في دولة دون أخرى، فطبيعي أن يكون العراق وسورية وإيران معا على طاولة واحدة لمنع تطور الإرهاب».

وثمّن باقري التنسيق بين الدول الثلاث والنتائج والميدانية. وقال: الدولتان السورية والعراقية طلبتا من إيران أن تقف إلى جانبهما في مواجهة الإرهاب، ولذلك قدمت كل ما تملك وكانت مساعدتها مثمرة في إتمام السلم والأمن في هذين البلدين، مؤكداً أن إيران ستبقى في سورية ما دامت حكومتها تطلب ذلك.

معبر

من جانبه، شدد رئيس الأركان العراقي الغانمي على التنسيق مع الجيش السوري واستمراره من خلال مركز المعلومات، مشيراً إلى أن أمن الحدود بين البلدين كان حاضرا في المباحثات، والأيام المقبلة ستشهد فتح المعبر الحدودي واستئناف التجارة.

وقال الغانمي، خلال مؤتمر صحافي بثته «الإخبارية السورية»، «هناك تنسيق كبير بين الجيشين السوري والعراقي لمواجهة الإرهاب، وأمن سورية والعراق لا يتجزأ».

وأعلن قائد قوات حرس الحدود الفريق العراقي الركن حامد عبدالله، عن البدء بنصب منظومات للكاميرات في كل الحدود العراقية بدءاً من الحدود للسورية، وكشف عن نصب 80 كاميرا حرارية، مؤكداً «نشر أربعة ألوية. وقوات الجيش العراقي مشتركة معنا على بعد 50 كيلومترا من شمال القائم، وبعض المناطق تشترك معنا قوات الحشد الشعبي، وهذا التنسيق فوت الفرصة ان يكون هناك تجاوز على الحدود العراقية».

وفي استمرار للتصعيد على إدلب، التي تخضع إلى اتفاق روسي- تركي وقع في سوتشي بسبتمبر الماضي، وينص على إنشاء منطقة منزوعة السلاح على خطوط التماس، قصفت قوات النظام قرى في ريف حماة الغربي بالقذائف والصواريخ، عقب مرور دوريات تركية منها.

وتعرضت قرية الحويز، التي استقبلت الدورية التركية أمس الأول بالترحيب والأمل بوقف التصعيد، للقصف بنحو 400 قذيفة هاون وقذائف RJC، وشمل القصف أيضاً قرية الشريعة في منطقة سهل الغاب، فضلاً عن الحي الشرقي لمدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، وبلدة التمانعة، إلى جانب مدينة خان شيخون.

وبموجب اتفاق سوتشي، سيّرت تركيا الدورية الرابعة لها بين نقطتي المراقبة في منطقة العيس بريف حلب الجنوبي ونقطة الراشدين في الريف الغربي لحلب.

الانسحاب الأميركي

ومع احتدام المعركة مع تنظيم «داعش» في دير الزور، نفى رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال جوزف دانفورد بقوة، أمس الأول، تقريراً لصحيفة «وول ستريت جورنال» عن اعتزامه ترك نحو ألف جندي في سورية، مؤكداً أن الخطط لإبقاء قوة من 200 جندي لم تتغير.

وذكرت الصحيفة الأميركية أنه مع فشل المحادثات مع تركيا والولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين في التوصل إلى اتفاق بشأن «منطقة آمنة» في شمال شرق سورية، فإن واشنطن تنوي الآن مواصلة العمل مع حلفائها المقاتلين الأكراد.

وقال دانفورد، في بيان، إنّ الولايات المتحدة تواصل «إجراء تخطيط عسكري مفصّل ومثمر مع هيئة الأركان التركية لمواجهة المخاوف الأمنية على طول الحدود السورية، ولدينا تصور مبدئي سيتم تنقيحه خلال الأيام المقبلة»، مضيفاً: «نقوم أيضاً بالتخطيط مع أعضاء التحالف الآخرين الذين عبروا عن نيتهم لدعم المرحلة الانتقالية من العمليات في سورية».

الباغوز والجولان

ومع استئناف القصف الأميركي، دخلت «قسد» حصن ما تبقى من عناصر «داعش» بمخيم الباغوز من الجهة الشمالية، وسيطرت على مواقع وفجرت مستودعاً للذخيرة، بالبلدة، التي لا يفارقها هدير طائرات التحالف وضرباتها وأصوات إطلاق النار ودوي الانفجارات النيران.

وعلى جبهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، تهيئة جميع الظروف اللازمة لعمل بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام بشكل كامل على طول «خط برافو» بمنطقة فصل القوات في الجولان المحتل، مشيرة إلى تنفيذ مناورات وتدريبات مشتركة في المنطقة المذكورة مع القوات السورية.

وقال قائد الشرطة فلاديمير إيفانوفسكي: «نحن موجودون الآن في منطقة مرتفعات الجولان على خط برافو، على الجانب السوري الشرقي، حيث تم إنشاء ستة مراكز مراقبة منذ نهاية العام الماضي، تراقب المنطقة منزوعة السلاح، ووقف إطلاق النار بين سورية وإسرائيل»​​​، مضيفاً: «اليوم وصلنا إلى نقطة المراقبة الأولى التي تم تجهيزها بالكامل من الناحية الهندسية في غضون ثلاثة أشهر».

«البنتاغون» تنفي نيتها إبقاء ألف جندي بسورية... وموسكو تناور على «خط برافو»
back to top