زيادة عرض النفط الصخري تقوض قدرة «أوبك» على التحكم بالأسعار

60 دولاراً للبرميل لا تعرض النفط الصخري لهجوم «أوبك»

نشر في 19-03-2019
آخر تحديث 19-03-2019 | 00:00
No Image Caption
أظهرت شركات النفط الصخري الأميركية قدرة فائقة خلال العام الماضي في التغلب على كل العقبات التي واجهت الأسواق النفطية، وكان من أهمها انهيار أسعار النفط وارتفاع الكلفة المادية للإنتاج، التي تحتاج إلى نوعية خاصة من التكنولوجيا.
خالف إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة كل التوقعات إذ ازداد في النمو رغم الصعوبة في البنية التحتية.

ولعل شركات النفط الصخري الأميركية أظهرت قدرة فائقة خلال العام الماضي في التغلب على كل العقبات التي واجهت الأسواق النفطية، وكان من أهمها انهيار أسعار النفط، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الإنتاج، لكن مع المدة الزمنية اللازمة لبناء البنية التحتية الجديدة، فإن أداء هذا القطاع في العام الماضي أربك توقعات جميع المحللين.

حدوث إخفاقات

لكن بعض المحللين طرحوا سؤالاً في هذا السياق ما إذا كان من الممكن حدوث إخفاقات في التنبؤ مشابهة خلال العام الحالي؟ وبالنظر إلى أن إنتاج النفط الأميركي قد تجاوز 1.8 مليون برميل يومياً في أكتوبر 2018 مقارنة بالعام الذي سبقه، وفقاً لآخر الأرقام الشهرية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية. ويعد هذا النمو أعلى بكثير من جميع التقديرات التي توقعت أن يبلغ 1.2 مليون برميل في اليوم في وقت سابق من 2018.

حلول إبداعية

تبين أن قابلية صناعة النفط الصخري في التغلب على القيود المتوقعة لا تقتصر فقط على القطاع الاستخراجي «المنبع» إذ سعت الشركات الأميركية في قطاع النقل إلى حلول إبداعية خاصة للتغلب على النقص المتوقع في طاقات النقل والإنتاج.

وعلى الرغم من جميع هذه الحلول، فإن من المتوقع أن يتزايد العجز في البنية التحتية لنقل النفط في الأشهر القليلة المقبلة، وهذا يتطلب من الشركات أن تصبح أكثر إبداعاً للحفاظ على تدفق الإنتاج.

مستويات الإنتاج

يرى بعض المراقبين أن القيود غير المكمنية هي التي يمكن أن تؤثر بشكل غير مباشر في مستويات إنتاج النفط مثل الطاقات المتوافرة لمعالجة المياه المستخدمة في عمليات استكمال الآبار أو معالجة الغاز الطبيعي المصاحب وهي تعد واحدة من أهم التحديات التي تواجه صناعة النفط الصخري.

في الوقت نفسه يرى مراقبون أن ضغوط البنية التحتية ستخف في النصف الثاني من العام الحالي، إذ من المتوقع أن تتضاعف تقريباً طاقات خطوط أنابيب النفط في بعض أحواض الإنتاج.

في هذا الإطار، من الممكن أن تتخذ الشركات إجراءات لإعادة تدوير مزيد من مياه الصرف وإحراق مزيد من الغاز المصاحب لتجنب القيود غير المكمنية في بعض الحالات، في حين أن الارتفاع المتوقع بواقع مليون برميل يومياً في طاقة خط أنابيب نفط يعرف باسم حوض البيرميان الذي سيبدأ تشغيله في الربع الثالث من عام 2019 ، قد يحافظ على نمو إنتاج هذا الحوض لبعض الوقت.

أسعار قياسية

في الوقت نفسه، فإن هناك آراء ترى هذه الإجراءات غير ضرورية إذا هبطت أسعار النفط القياسية الأميركية تحت مستوى 50 دولاراً للبرميل، على الرغم من أن تأثير أسعار النفط المنخفضة على صناعة النفط الصخري تم فيها مبالغة كبيرة على عكس ما حدث على أرض الواقع.

ويرى محللون نفطيون أن شركات النفط الصخري الأميركية قد تعمد إلى ضغط إنفاقها خلال الفترة المقبلة مع تقديرات تراوح بين انخفاض في الإنفاق بنسبة تصل إلى 10 في المئة وزيادات متواضعة، إذا ما حدث وانخفضت أسعار النفط في الولايات المتحدة إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل.

ضغط إنفاق

وعلى الرغم من أن ذلك لن يكون كافياً لتراجع الاستثمار بصورة كبيرة، فإن المستثمرين يبدون أكثر حرصاً على رؤية الشركات تضغط على الإنفاق أكثر من سعيها إلى رفع الإنتاج.

وعموماً فإنه عند أسعار نفط دون 50 دولاراً للبرميل، يود المستثمرون أن تقلص الشركات الإنفاق، بغض النظر عن تأثير الإنتاج، وألا يتسارع الإنفاق كثيراً مع ارتفاع الأسعار فوق 55 دولاراً للبرميل.

والعام الماضي، قامت الشركات المنضبطة في الإنفاق، مثل كونوكو فيليبس وشيفرون، بزيادة الميزانيات لتغطية النفقات الأعلى من جانب شركائها، بما في ذلك الشركات الخاصة، التي يشكل نشاطها الآن أكثر من 40 في المئة من نشاط عمليات الحفر.

إنتاج لافت

لعل الارتفاع الكبير في انتاج النفط الصخري الأميركي على مدى السنوات الخمس الماضية كان لافتاً جداً، لكن فكرة أنه شكل علامة على دخول عصر جديد من الوفرة العالمية تبدو مضخمة بعض الشيء، بسبب أن صناعة النفط الصخري الآن في أزمة حادة إلى حد كبير بسبب تفاوت الأسعار والبنية التحتية المكلفة.

ويوضح بعض المختصين بعالم النفط أن سبب أزمة أسعار الخام وتدهورها في عام 2014 كان بسبب رغبة أكيدة من بعض المنتجين في تجاوز كميات النفط المعروضة في السوق الطلب بشكل لافت جداً رغبة من هؤلاء المنتجين في الضغط على شركات النفط الصخري الأميركية، على الرغم من المقاومة التي أبداها أعضاء أوبك الآخرون من أصحاب الحصص السوقية المنخفضة.

وكانت النتيجة انخفاض سعر برميل النفط إلى أقل من 30 دولاراً، في أعقاب ذلك، أعلنت الكثير من الشركات الأميركية العاملة في النفط الصخري إفلاسها.

الصناعة محصنة

لكن هذه الصناعة استمرت وباتت محصّنة بشكل أكبر بعد تلك الأزمة بعد أن تمكنت من التكيف بشكل أفضل مع انخفاض الأسعار وخفّضت تكاليفها وزادت من كفاءتها التكنولوجية، ما يجعل من النفط الصخري عاملاً مزعزعاً للاستقرار بالنسبة لأوبك، فهو قدرة منتجيه على التكيف السريع مع تقلبات أسعار النفط، مما حد من قدرة أوبك على التحكم بالأسعار.

وتقول مصادر نفطية، إنه بمقدور شركات النفط الصخري الأميركية المستقلة أن تزيد العرض تدريجياً استجابة لارتفاع الأسعار، مما سيؤدي إلى ضغط هبوطي على الأسعار، واضعة حداً لمقدرة أوبك على رفع الأسعار.

قدرة أوبك

وإذا نظرنا إلى قدرة أوبك على خفض الأسعار لتعطيل مصادر جديدة للعرض فإن ذلك سيكون مقيداً بارتفاع نقاط التعادل في موازنات الأعضاء، نتيجة الاضطراب الاجتماعي الذي أطلقه الربيع العربي، اذ يحتاج أعضاء «أوبك» إلى أسعار عالية على الأقل إن لم تكن أعلى من تلك التي تحتاج إليها شركات التنقيب عن النفط الصخري للحفاظ على ـعمالها، كما تحتاج السعودية للحفاظ على زيادة الإنفاق إلى سعر يتجاوز الـ 100 دولار للبرميل، وباقي المنتجين في دول الخليج في وضع مماثل.

من ناحية أخرى، تحتاج تطورات النفط الصخري الأميركي إلى أسعار تبلغ 70-85 دولاراً للبرميل للوصول إلى نقطة التعادل، وبالتالي فإن طفرة النفط الصخري ليست معرضة لخطر هجوم أوبك وسواء كان النفط يكلف 60 دولاراً للبرميل وضعف ذلك، فالولايات المتحدة تمضي قدماً في إنتاج النفط الصخري، وحتى لو انخفض خام غرب تكساس الوسيط القياسي في الولايات المتحدة 30 في المئة عن سعر النفط السابق البالغ 100 دولار، ستزيد شركات النفط الإنتاج بقدر ما تتيح لها التكنولوجيا الجديدة استخراجه من الصخر الزيتي، ولاتستطيع الدول المنتجة من «أوبك» وخارج «أوبك تحمل انخفاض بهذا الحجم، لذلك لايمكن ان يخسر منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة .

حالات الإغراق

وهنا يأتي سؤال، هل يسير منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة نحو الافلاس في حالة إغراق الاسواق ؟ وهذا احتمال حقيقي الان، فصناعة الغاز الطبيعي الاميركية شهدت الحلقة نفسها منذ بضع سنين، اذ وضعت الشركات نفسها في مأزق عبر إغراق السوق بالغاز، محطمة الأسعار وأنفسهم في هذه العملية، وبحلول منتصف 2012، أصبح سعر الغاز الطبيعي رخيصاً جداً للحفر، ولايزال عدد منصات الاستخراج العاملة غير قريب ابداً مما كان عليه .

لكن أكبر العقبات في وجه توسع إنتاج النفط الصخري الأميركي سيكون ردة فعل عنيفة ضد أثره السلبي في البيئة وارتفاع تكاليف انتاجه بفعل معدل الانخفاض الشديد أول سنة وقدره 70-90 في المئة للآبار الجديدة، فاذا لم تتجاوز الاسعار الـ 90 دولار للبرميل فلن يستطيع أحد مجاراة النفط الصخري .

تحول الشركات الأميركية المنتجة لهذا النوع من النفوط للحلول الإبداعية قادها للتغلب على القيود المتوقعة

الحالة الوحيدة التي ستقود شركات النفط الصخري الأميركية للإفلاس هي اتباع عمليات الإغراق
back to top