سدانيات: لحى وعمائم

نشر في 01-03-2019
آخر تحديث 01-03-2019 | 00:07
 محمد السداني في زيارة سريعة لبيروت هذه المدينة الجميلة التي تشاهد فيها متناقضات الأرض أجمعها قضيت عطلة للعيد الوطني، وفي كل ركن من أركان بيروت أقرأ عن الحرب الأهلية التي ضربت لبنان بأجمعه، ولا أدري لماذا تذكرت الكويت وقارنت مشاكلها بمشاكل لبنان في سنواته السابقة!

إنَّ من يتابع الأزمة التي تعيشها الكويت مع مكوناتها لا يمكن أن نقارنها مع ما عاشه لبنان في صراعه الداخلي، بيد أن هناك تشابهاً غريباً بين البلدين، فلبنان بلد المليون رئيس وطائفة وتجمع يشابه الكويت، بلد المليون سياسي وتاجر ومتنفذ ومسؤول، فكما سيرث تيمور جنبلاط أباه وليد وورث سعد الحريري مجد أبيه توفيق- رحمه الله- نجد أنَّ المناصب في هذا البلد تورَّث أيضا، فمن كان أبوه وزيرا يقف في طابور انتظار الوزارة، ومن كان ضابطا يقف في طابور العسكرية، ولَك في جميع المهن مثال وآية.

قد أعذر لبنان في اتخاذه هذا النمط من المحاصصة السياسية بسبب قوة كل قطب عسكريا وسياسيا، أما في الكويت فما العذر في الخنوع والخضوع لهذه المجموعة وكأن البلد لا يملك إلا هذا الولد أو هذه البنت لتضعها وزيرة أو تضعه وزيرا أو مسؤولا هنا وهناك؟

إن تأصيل الدولة لهذا النمط من التعيينات والمحاصصة يولد عقيدة سلوكية غير حميدة لدى الأفراد، فيكون السعي والاجتهاد لمحاكاة نمط الحكومة في التعيين والاختيار لا عن طريق الكفاءة والاجتهاد، وهذا ينعكس لا محالة على الدولة ككل بتعليمها وإنتاجها، وحتى في الإخلاص لهذا النظام الذي أُوهم الناس خطأ أنه يحاصص ويداهن هذا وذاك من أجل إسكاتهم، وهم في الحقيقة لا يملكون نفعا ولا ضراً.

إنَّ إيمان الدولة بمفهوم الاستدامة سيأكل لديها مفاهيم عدة في السلوك الإداري، وسيبني لديها أنماطاً مختلفة لحل أي أزمة تواجهها بعيداً عن خيار التعيينات والترضيات التي سببت انتكاسة في سلوك المجتمع ككل، وأصلت لردة اجتماعية غبية رأينا فيها شخصا يحلف بتنفيذ أي معاملة لأبناء عمومته حتى لو فقد رتبته، وآخر نراه يفتح مركز خدمة مواطن لناخبيه بمرأى ومسمع من الدولة، وكأنه يقوم بدور الدولة التي أوكلته له ضمنيا لكي يخرج- أبيض وجه- أمام أهله وناخبيه.

الدولة ليست علماً ونشيداً وطنياً وأغاني يرقص عليها الأطفال، الدولة هي مفهوم استدامة للمحيط الإداري يكون بتعليم نوعي واقتصاد معرفي مستدام واحترام للإنسان بكل ما يحمل مفهوم الإنسان من معنى.

خارج النص:

• انتهى عهد صراع اللحى والعمائم الذي كان بمباركة البعض، وجاء وقت صراع الشيوخ والتجار بارزا على السطح في أوجه، وعلى هامش هذا الصراع يعيش الشعب ضحية لسلطة تائهة بين الأسرة والمال.

back to top