موجات دماغك... كيف تتيح التفكير المبدع؟

نشر في 28-02-2019
آخر تحديث 28-02-2019 | 00:01
No Image Caption
يعني الإبداع غالباً سلوك الدرب الذي قلما يسلكه الآخرون. ويحدِّد بحث جديد الآلية العصبية التي تتيح لنا التوصل إلى روابط غير متوقعة وأفكار مبتكرة.
ركّزت أخيراً محاولات العلماء فك شفرة العمليات العصبية، التي توضح الإبداع، على ما يُدعى موجات ألفا في الدماغ.

تكون موجات ألفا قوية عندما تدخل القشرة البصرية في الدماغ في مرحلة راحة. على سبيل المثال، عندما يرتاح الإنسان ويغمض عينيه، يصبح نشاط موجات ألفا أعلى. وحين يفتح عينيه، تؤدي هذه الخطوة إلى تراجع نشاط ألفا.

افترض العلماء أخيراً أن موجات ألفا قد تؤدي دوراً في تثبيط مناطق في القشرة المخية عندما لا نحتاج إليها، حتى إن بعض العلماء اقترح أن ثمة رابطاً بين قوة هذه الموجات وبين الابتكار.

يقدّم البحث الجديد المزيد من التفاصيل عن دور موجات ألفا في عملية الابتكار. قادت الدكتورة كارولين دي بيرناردي لوفت من جامعة الملكة ماري في لندن بالمملكة المتحدة فريقاً من الباحثين اكتشف أن ارتفاع نشاط موجات ألفا في الدماغ يرتبط بقدرة الإنسان على التوصل إلى أفكار أقل بديهيةً أو أكثر تعقيداً.

نشرت لوفت وزملاؤها اكتشافاتهم في مجلة Proceedings of National Academy of Sciences of USA.

روابط غير اعتيادية

استخدم الباحثون تياراً كهربائياً بهدف تحفيز الجزء الجبهي الأيمن من الدماغ وفق وتيرة ألفا، فيما انهمك المشاركون في مجموعة من المهام الإبداعية.

بغية تحفيز الدماغ، لجأ الباحثون إلى عملية غير غازية تُدعى تحفيز الدماغ عبر الجمجمة بالتيار المتردد. استعانوا أيضاً بتخطيط كهربية الدماغ بغية مراقبة تأثير عملية التحفيز هذه في موجات الدماغ المختلفة. وشملت المهام التي قام بها المشاركون ربط الكلمات.

عندما يحتاج الدماغ إلى التوصل إلى كلمات ترتبط إحداها بالأخرى، يبدأ عادةً بالروابط الأقوى والأكثر شيوعاً ثم ينتقل تدريجياً نحو الروابط الأقل وضوحاً.

على سبيل المثال، إذا بدأنا بكلمة «هر»، قد نربطها بادئ الأمر بكلمات مثل «كلب»، و{حيوان»، و{حيوان أليف» قبل أن ننتقل تدريجياً إلى مفاهيم أكثر بعداً مثل «إنسان»، و{أشخاص»، و{عائلة».

طبّق معدو الدراسة بعد ذلك اكتشافات بحث سابق واعتبروا الروابط البعيدة الاحتمال مؤشراً إلى الابتكار. عندما امتلك المشاركون معدلات أعلى من موجات ألفا في المنطقة الجبهية اليمنى من الدماغ، توصلوا إلى روابط أكثر بعداً وأقل توقعاً.

يعلق جويديب بهاتاشاريا، باحث شارك في إعداد تقرير الدراسة وبروفسور في مركز غولدسميث في جامعة لندن، على هذه الاكتشافات، قائلاً: «كتب روبرت فروست في قصيدته الشهيرة: تشعبَ الطريق إلى دربين في الغابة، فاخترتُ ذاك الذي قلما يسلكه الناس. وأحدث خياري هذا فارقاً كبيراً».

يضيف بهاتاشاريا: «يكون سلوك الدرب الذي قلما يختاره الناس عموماً ضرورياً للتفكير المبدع. وتقدم اكتشافاتنا بعض الأدلة على كيفية حدوث ذلك في دماغنا».

توضح أيضاً الباحثة، التي أشرفت على الدراسة، كيف تسلّط هذه الاكتشافات الضوء على طبيعة الابتكار وكيف تسهم موجات ألفا في تثبيط طرائق التفكير المعتادة لتعزز الطرائق غير المتوقعة الأكثر عبقرية.

تذكر لوفت: «إذا أردنا أن نطور استخدامات بديلة للكوب، فعلينا أولاً أن نثبط تجربتنا السابقة التي تدفعنا إلى التفكير في الكوب كوعاء. تكمن أهمية دراستنا في أنها تبرهن أن تماوجات ألفا الجبهية اليمنى تشكل آلية عصبية أساسية لتخطي تلك التماوجات الواضحة».

تختم: «كي نفهم العمليات الكامنة وراء تطوير أفكار مبتكرة وملائمة، من الضروري أن نفكك العمليات التي تؤلفها، مشرّحين أولاً الابتكار قدر المستطاع، لنحللها بعد ذلك في إطارها قبل أن نعيد جمعها معاً لنفهم العملية برمتها».

لفهم العمليات الكامنة وراء تطوير أفكار مبتكرة من الضروري تفكيك العمليات التي تؤلفها
back to top