أسماء الأيوبي: الأدباء الشباب يفتقرون إلى دورات تثقيفية

تعرّفهم إلى الأدب وأبوابه الواسعة

نشر في 25-02-2019
آخر تحديث 25-02-2019 | 00:03
الصداقة، والوحدة، والشهداء، والحرب والحب والأمومة... وغيرها من المواضيع الحياتية قادت قلم الكاتبة الشابة أسماء الأيوبي للكتابة عنها وضمّها في كتاب «وتين البنفسج»، هو باكورة أعمالها الصادر حديثاً...
ثورة للحق ومع الحق، هكذا يمكن اختصار خواطر أسماء الأيوبي في «وتين البنفسج»، التي رسمت فيها مسارها وطريقها في الحياة من خلال أفكارها وآرائها الخاصة، فشكّل المدماك الأول في مسيرتها الكتابية الواعدة...
إلامَ يرمي العنوان «وتين البنفسج»؟

الكتابة هي الدماء التي تجري بين الوتين وسائر العروق الأخرى. فعند قطع هذا العرق الرئيس للحياة، يموت الإنسان على الفور. هكذا هي العلاقة بين الكاتب والكتابة، إنها مسألة حياة وموت. والبنفسج هو انعكاس لصفاء الروح ونقائها، ومبهر عند طلائنا به جدران قلوبنا.

لماذا اخترت هذا الوقت بالذات لإصدار كتابك الأول؟

أؤمن بأن الإنجازات الكبيرة تبدأ منذ عمر مبكر بأعمال صغيرة، وليس للأحلام مكان وزمان. الوقت هو حدود يضعها اليائس عند استسلامه، لا أؤمن بعقاربه اللاسعة. يجب أن نضع آثارنا في هذا المجتمع، فالجميع مسؤول عنه.

ماذا تعني الكتابة بالنسبة إليك؟

يصعب تجسيد شعور الكتابة أو وصفه. إنه عميق جداً، تستحيل الكتابة عن الكتابة نفسها، فالأشياء الجميلة حين يتم الحديث عنها تفقد رونقها، ولا أحب لهذه الجميلة أن تفقد عذوبتها، لكن بإمكاني إفشاء سر صغير عنها. إنها شغف وبوح، حياة وموت، روح ما بعدها روح.

هل ثمة علاقة بين الكتابة واللون؟

يبقى اللون لوناً، لكن شعوري المختلف تجاه هذا اللون يميزه عن سائر الألوان. والكتابة ذات طابع مشاعري عاطفي، فلا يمكن فصل أو تجنب هذا التأثير المباشر حيناً وغير المباشر حيناً آخر. لذلك يظهر هذا الحب البنفسجي بثوبه الإيجابي عند التعبير عن فكرة زاخرة بالأمل والبهجة.

حقيقة وواقعية

كيف ترسمين ذاتك في كتابك؟

رغم العلاقة الوطيدة بين الكاتب والكتابة، في معظم الأحيان تخون الكتابة صاحبها وتفضح ما يحاول الهروب منه. محال أن نفصل ذواتنا عن الأفكار والأحداث التي نكتبها واستنكارنا لها. الإنسان ينطلق من ذاته نحو المجتمع، يبوح بآرائه وأفكاره ومشاعره وشخصيته قبل الجميع.

هل كتابك الأول هو خريطة طريق لك في الحياة أم مستلة أفكاره من عالم مثالي؟

لا أؤمن بالمثالية ولا أسعى إليها. الحقيقة دائماً والواقعية هما الطريق السليمة في التعبير. والحقيقة قاسية ومؤلمة ذات طابع سوداوي معظم الأوقات. رغم ذلك، الجانب المظلم من الأرض يقابله جانب مضيء آخر تنبض الحياة فيه. قد لا تزيد كمية السعادة عن كمية الحزن أو حتى قد لا يتساويان، لكنها موجودة.

برأيك هل يجب على الكاتب أن يقول رأيه بصراحة في القضايا التي يتطرق إليها أم عليه أن يترك للقارئ الحرية في الاستنتاج؟

للكتابة هدف على الكاتب أن يحققه في كل نص يتم كتابته. وهذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا عند انحياز الكاتب لصالح فكرة معينة فيبرز رأيه بشكل واضح وصريح. وهنا يكون الكاتب قد حاول جذب رأي القارئ نحوه. ليس من السيئ أن يتبنى القارئ رأي كاتبه المحبب إليه، لكن على القارئ أن يكون واعياً عند تبنيه لفكرة ما، فاصلا بين حبه للكاتب وبين حبه للفكرة لذاتها.

إشكاليات وتحديات

ما هي الإشكاليات التي تواجه الأدباء الشباب اليوم؟

الإشكالية الحقيقية للأدباء الشباب هي افتقارهم إلى المحاضرات والدورات التثقيفية الأدبية التي تعرفهم إلى الأدب وأبوابه الواسعة. هم بحاجة، انطلاقاً مني، إلى أيدي تقوي أساليب الأدب عندهم.

إلى من تتوجهين في كتابك؟

لا تقتصر كلماتي على فئة من دون أخرى أو على جنس من دون آخر. فالجميع بحاجة إلى قراءة ما يصعب على الإنسان البوح به من مشاعر وأفكار مؤلمة. الكتابة تساعد على تحقيق هذا الهدف بكل احترافية وإبداع. سيلان الحبر على الورق كسيلان دماء الشهداء دفاعاً عن قضية، والقارئ هو شهيد كلماته الخانقة بين رئتيه، وحدها الكتابة إليه تعيد أنفاسه.

هل تعتبرين الكتابة بمثابة سلاح في وجه الموت تؤمن الخلود للكاتب في كتاباته؟

لا سلاح أمام الموت ولا مواجهة. الموت والحياة ليسا بمرحلتين منفصلتين كل منهما عن الأخرى، بل متكاملتان. هما مساران يجتمعان عند هدف واحد ألا وهو الأثر. يترك الموت للإنسان حرية العيش والعمل في الحياة ليرى مدى إنتاجيته الآن وغداً، حتى يحين موعد تركه للحياة ذاهباً نحو الموت متجرداً من كل ماديات الحياة الفانية. والكتابة هي إحدى هذه الإنتاجية الفكرية إما أن تكون لعنة تصيب الكاتب بعد موته أو بصمة عظيمة لا يمحوها غبار الجاهلين. تعرف آثار الكاتب من خلال قوة مواضيعه وصدقه فيها، وتقربه من المجتمع محاولاً إصلاح مفاهيمه الخاطئة. كي يخلد الكاتب في كتاباته، عليه فعل ما يستحق ذلك في حياته.

لماذ قدمت كتابك إلى ابنتك التي لم تولد بعد؟

هذا الكتاب هو أول إنجازاتي الكتابية، وابنتي هي أول قطاف الحب لي. أريدها أن تعلم أنها قد عاشت منذ زمن طويل في قلبي قبل ولادتها الفعلية. لقد شغلتني حباً وشوقاً لرؤية أناملها الصغيرة وتفاصيلها الناعمة. إنها حدث جميل أخاف حدوثه، يقذف الهلع في داخلي من عدم إمكانيتي سماع نغماتها الطفولية عند محاولة نطق كلمة ماما. أصنع مجداً لها، لا غير.

ما هي معايير الكتابة اليوم في عصر الإنترنت وثورة الاتصالات؟

لم يعد للكتابة من معايير واضحة وخاصة وجدية وثابتة. إمكانية الكتابة باتت متاحة للجميع لا شروط تفرض نفسها وتقيّد كل من أراد الحديث تحت شعار كاتب. شرّعت وسائل التواصل الأبواب لأن يصبح الجميع كاتبًا وساهمت في إهباط مستوى الكتابة.

شعلة الكتابة

أشعل الربيع العربي شعلة الكتابة في نفس الكاتبة أسماء الأيوبي، تقول: «كان تأثري بالربيع العربي أول أسباب انتفاضة حروفي واندلاع مشاعري الثائرة. الثورة السورية أول ما كتبت لها تليها المصرية وباقي الشقيقات المتمردات».

تضيف: «كنت في الثانية عشرة من عمري حينما أعلنت تأييدي واحترامي للثائرين تحت أمطار من القصف، وما زلت إلى الآن أدعمهم بقلمي وحبري».

حول الجديد الذي تحضره راهناً توضح: «المرحلة الجديدة الآن في أسلوبي الكتابي هي الانتقال من مرحلة الخواطر إلى مرحلة القصص القصيرة. سيشكل هذا الأسلوب طريقة كتابية وفكرية جديدة ليست كالسابق، وسيكون الإصدار اللاحق متعلقاً بقصص قصيرة ذات أفكار جديدة.

شرّعت وسائل التواصل الأبواب لأن يصبح الجميع كاتباً وساهمت في إهباط مستوى الكتابة
back to top