هويتنا الثقافية

نشر في 24-02-2019
آخر تحديث 24-02-2019 | 00:05
 د. خالد عبداللطيف رمضان هل نملك هوية ثقافية تميزنا عن الآخرين؟ عندما يوجه مثل هذا السؤال إلى أي شخص سيبادر فوراً بالإجابة: هويتنا عربية فنحن جزء من هذه الأمة، ربما تكون الإجابة صحيحة من حيث الإطار العام فثقافتنا نابعة من لغتنا، ولكن ألا يوجد ما يميزنا في محيطنا العربي؟ من المؤكد أن كل مجتمع وإن كان صغيراً حتى في البلد الواحد ستكون له ملامح ثقافية تميزه عن باقي مكونات المجتمع الكبير من حيث الموروثات الشعبية والفنية والعادات والتقاليد والطقوس في المناسبات والاحتفالات وربما بالأزياء.

لذا علينا أن نبحث عن هويتنا الثقافية ونعززها ونحافظ عليها. ومن مفردات هويتنا الثقافية الطرز المعمارية التي كنا نبني وفقها منازلنا ومرافقنا ثم تخلينا عنها، فلا ملامح من المباني القديمة في مبانينا الجديدة، وكثير من المباني القديمة التي تعبر عن هوية مجتمعنا في مراحل زمنية سابقة أزيلت. تطور العمارة أمر حتمي، ولكن أين لمسة مجتمعنا على مبانينا العامة والخاصة؟

يجتهد المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بحصر المباني التراثية والتاريخية وترميمها والحفاظ عليها. ولكن المطلوب أن تكتسب مبانينا الحالية الهوية المعمارية لمجتمعنا حتى ولو بلمسات بسيطة في تصميم الواجهات، ألا تستطيع بلدية الكويت أن تفرض على طالبي تراخيص البناء بعض الشروط التي تتعلق بتصميم الواجهات؟ وهي التي تتدخل في تصميم المنازل وتفرض على المواطنين أين يضعون الدرج في مساكنهم وأين تكون أبواب المداخل وكيف توزع الحوائط الداخلية؟ في نهاية الثمانينات من القرن الماضي شكلت وزارة الإعلام فريقاً مكوناً من مدير المعاهد والفنون ومهندس من بلدية الكويت ومدير إدارة التصميم في وزارة الأشغال ومهتمين بالعمارة الكويتية منهم الفنان أيوب حسين رحمه الله وعلي البشر الرومي، لتصميم قرية تمثل الكويت القديمة بأهم مبانيها للمشاركة فيها في قرية التراث الشعبي لدول مجلس التعاون التي ستقام في مهرجان الجنادرية بالمملكة العربية السعودية، وتطورت الفكرة لأن يستغل التصميم في إنشاء قرية في الكويت تكون بمنزلة منتزه يضم أهم المباني المعروفة منها قصر السيف وقصر نايف وبعض البيوت وساحة الصفاة، بحيث تكون هذه القرية السياحية متحفاً كبيراً يصور العمارة الكويتية التقليدية بكل مكوناتها، وأن يكون كل مبنى مخصصاً لعرض شيء من مفردات التراث الكويتي، مبنى للأزياء التقليدية ومبنى للأثاث وآخر للأكسسوارات ومبنى لأدوات الطبخ والأواني وهكذا.

وقام فريق من خيرة الشباب الكويتي في إدارة التصميم بقيادة مديرة الإدارة المهندسة فاطمة السعود الصباح بإنجاز التصاميم وعمل مجسم للقرية مع طباعة التصاميم في كتاب أنيق، على ضوء ذلك اصطحب وزير الأشغال في ذلك الوقت المهندس عبدالرحمن الحوطي فريق العمل لمقابلة أمير البلاد المغفور له الشيخ جابر الأحمد وتم عرض مجسم المشروع وفكرته أمام الأمير وأثنى على المنجز، وكان رأيه أن ينفذ خارج المدينة بحيث يكون منتزهاً للمواطنين والزوار. وتوالت الأحداث بعد ذلك وغزانا جار الشمال ونام المشروع في أدراج الحكومة.

مثل هذا المشروع لو أنجز سيكون ثقافياً وترفيهياً وسيحقق إيرادات من خلال استثمار بعض المواقع، للصرف على الإدارة والخدمات والصيانة. ونكون في نفس الوقت أوجدنا متنفساً للترفيه عن المواطنين وحافظنا على جانب من تراثنا الثقافي الذي يبرز شخصيتنا الكويتية.

back to top