مسكنات الألم هذه تؤذي قلبك!

نشر في 18-02-2019
آخر تحديث 18-02-2019 | 00:02
No Image Caption
يصبح استعمال مسكنات الألم مصدراً للقلق بالنسبة إلى الأشخاص الذين يأخذونها فترة طويلة أو يكونون معرّضين لبعض المخاطر الصحية.
في السنوات الأخيرة، تعددت الدراسات التي طرحت مخاوف من احتمال أن تزيد مخاطر الإصابة بمشاكل في القلب والأوعية الدموية، مثل النوبات القلبية والجلطات الدماغية، بسبب مسكنات ألم شائعة كمضادات الالتهاب غير الستيرويدية.

نُشرت دراسة جديدة في «المجلة الطبية البريطانية» ويبدو أنها تؤكد وجود رابط بين تلك المخاطر وبين مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، كذلك ذكرت أن دواء الديكلوفيناك (فولتارين) تحديداً يرتبط بمخاطر معينة على مستوى صحة القلب والأوعية الدموية أكثر من أدوية أخرى من الفئة نفسها.اكتشفت الدراسة أن الأشخاص الذين يأخذون دواء الديكلوفيناك، الذي يُستعمل في الحالات النموذجية لتسكين الألم العضلي العظمي ومعالجة أمراض مثل التهاب المفاصل والصداع النصفي، كانوا أكثر عرضة بنسبة 05 % لمشاكل القلب والأوعية الدموية (بما في ذلك الجلطات الدماغية، وعدم انتظام ضربات القلب، وقصور القلب، والنوبات القلبية، والوفاة بسبب مشاكل القلب) مقارنةً بالأشخاص الذين لم يأخذوا أي أدوية من نوع مضادات الالتهاب غير الستيرويدية.

كذلك، كان مستخدمو دواء الديكلوفيناك أكثر عرضة لمشاكل القلب والأوعية الدموية من الأشخاص الذين كانوا يأخذون الإيبوبروفين (أدفيل) بنسبة 02 %، ومن مستخدمي دواء نابروكسين (أليف) بنسبة 03 %. في الوقت نفسه، كان مستخدمو الديكلوفيناك أكثر عرضة لمخاطر القلب والأوعية الدموية بنسبة 02 % من أولئك الذين أخذوا الأسيتامينوفين (مسكنات ألم موجودة في التيلينول وتختلف عن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية).

يقول الدكتور كريستيان راف، مدير قسم أمراض القلب العامة في مستشفى «بريغهام» للنساء وأستاذ طب مساعِد في كلية الطب التابعة لجامعة هارفارد: «"تبدو هذه الدراسة المبنية على المراقبة مثيرة للاهتمام فعلاً، من وجهة نظري على الأقل، وهي تتماشى مع البيانات التي طرحتها تجارب عيادية ودراسات سابقة. فقد «تبيّن أن جميع مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، علماً بأن أنواعها متعددة، تزيد خطر الإصابة بحوادث قلبية معاكسة». لكن كشفت الدراسة أيضاً أن المخاطر التي تطرحها تلك المضادات الفردية، مثل الديكلوفيناك، ربما لا تكون متساوية» ربما تساعد هذه المعلومة الأطباء على تحديد نوع المضادات الذي يجب أن يصفوه للمرضى من أجل تقليص المخاطر المطروحة.

القلق من المخاطر مبرر؟

يأخذ معظم الناس مسكنات ألم من نوع مضادات الالتهاب غير الستيرويدية في مرحلة معينة من حياتهم (الإيبوبروفين لمعالجة الصداع أو الالتواء، والنابروكسين لاستهداف الألم العضلي). لكن بعد قراءة نتائج الدراسة، ربما تتساءل إلى أي حد تطرح هذه الأدوية مخاطر على صحتك. والأهم من ذلك، هل يجب أن توقف أخذها؟

يقول راف إن معظم الناس يجب ألا يوقفوا العلاج: «صحيح أن هذه الأدوية تنجح في تخفيف الألم، لكن تتعلق المسألة الأساسية بالسؤال التالي: هل تجعل المرضى يتعرضون لحوادث قلبية ووعائية معاكسة، لا سيما مع التقدم في السن؟ تشير الأدلة المتاحة حتى الآن إلى أنها تطرح هذا الشكل من المخاطر». لكن لا بد من وضع تلك

المخاطر في سياقها الصحيح. تبقى المخاطر المطروحة ضئيلة جداً بالنسبة إلى معظم الأشخاص الذين يستعملون تلك الأدوية مؤقتاً.

إذا كنت شخصاً سليماً عموماً وكنت تأخذ مضادات الالتهاب غير الستيرويدية من وقت إلى آخر، لبضعة أيام في كل مرة، لا داعي للقلق من تلك الآثار الجانبية المحتملة. يقول راف: «أخبر مرضاي بأن نسبة الخطر تبقى ضئيلة ما داموا يستعملون تلك الأدوية لفترة قصيرة ولا يحملون تاريخاً في أمراض القلب».

لكن يتغير الوضع قليلاً إذا كنت تواجه بعض عوامل الخطر. يجب أن يتوخى المرضى الحذر بدرجة إضافية عند أخذ مضادات الالتهاب غير الستيرويدية إذا كانوا يأخذون تلك الأدوية لفترة طويلة، وإذا كانوا مصابين بالسكري أو بمرض في القلب أو أي حالات صحية مزمنة أخرى (مثل نوبات سابقة من النزف أو ارتفاع احتمال التعرّض لنزف مماثل)، كذلك يجب أن يناقشوا إيجابيات العلاج وسلبياته مع الطبيب دوماً.

حتى بالنسبة إلى هؤلاء الأفراد، قد تتفوق منافع مضادات الالتهاب غير الستيرويدية على مخاطرها في بعض الحالات، لا سيما إذا كانوا يحاولون التكيف مع ألم مزمن وحاد. في حالات مماثلة، تتفوق سلبيات وقف الأدوية على مضار استعمالها، ويجب أن يُركّز النقاش في هذا الوضع على الحد من المخاطر. تشمل الخطوات اللازمة تعديل الجرعة أو الانتقال إلى نوع مختلف من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية.

إذا زادت جرعات مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، لا مفر من أن تزيد المخاطر المطروحة أيضاً. يقول راف: لا بأس باستعمال تلك المضادات على الأرجح، لكن يجب أن يحاول الأشخاص الذين يواجهون عوامل خطر محددة أن يأخذوا أصغر جرعات ممكنة.

أكثر أمانا

هل يمكن اعتبار بعض أنواع مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أكثر أماناً من غيره؟ يجيب راف: «توحي الدراسة بذلك وتوصي الأطباء أحياناً بوصف بدائل عن الديكلوفيناك، مثل النابروكسين أو الإيبوبرفين».ثمة نوعان أساسيان من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية: الفئة غير الانتقائية التي تشمل الإيبوبروفين والنابروكسين وغيرهما؛ وفئة أنزيمات الأكسدة الحلقية-2 الانتقائية التي تقتصر على السيليكوكسيب (سيليبريكس). يحمل النوعان بعض المخاطر، لكن مقارنةً بالأدوية غير الانتقائية، يتراجع احتمال أن يُسبب السيليكوكسيب النزف، لا سيما في الجهاز الهضمي. مع ذلك، قد يطرح هذا النوع درجة أعلى من المخاطر على مستوى القلب والأوعية الدموية. لا بد من أخذ هذه العوامل كلها بالاعتبار عند اختيار الدواء.

في النهاية، يعترف راف بعدم وجود أي دواء آمن بالكامل، ولن تكون ضادات الالتهاب غير الستيرويدية استثناءً من هذه القاعدة. لكن حين تعرف المضار التي تُسبّبها هذه المضادات وطريقة تفاعلها مع مشاكلك الصحية الأخرى، ربما تتمكن من الحد من المخاطر وستستعمل تلك الأدوية حينها بكل أمان.

إذا زادت جرعات مضادات الالتهاب غير الستيرويدية لا مفر من أن تزيد المخاطر المطروحة أيضاً
back to top