التدخل العسكري الأميركي الأقل احتمالاً في فنزويلا

نشر في 14-02-2019
آخر تحديث 14-02-2019 | 00:00
 ميامي هيرالد ثمة ثلاثة سيناريوهات بارزة محتملة لفنزويلا بعدما قررت الولايات المتحدة وعشرات الديمقراطيات الكبرى حول العالم الاعتراف بخوان غوايدو الرئيس الشرعي والمطالب بانتخابات حرة بغية إنهاء أزمة ذلك البلد الإنسانية.

أولاً، لا بد من عرض سريع لآخر التطورات: لن تحقق مجموعة الاتصال الدولية المزعومة، التي ألفتها المكسيك والأوروغواي بغية تشجيع الحوار الوطني في فنزويلا، أي تقدّم.

كما أخبرني غوايدو في مقابلة أجريتها أخيراً معه، لن يرضى "بحوار مزيف" آخر مع نيكولاس مادورو، فقد استغل مادورو أربع مرات على الأقل السنة الماضية الحوار مع المعارضة لكسب الوقت، ثم ألقى لاحقاً خصومه السياسيين في السجن ما إن تحول الاهتمام الدولي إلى موضع آخر.

هذه المرة، سيواجه مادورو حكومة انتقالية تنظم انتخابات حرة، وفق غوايدو، بالإضافة إلى ذلك، لا تُعتبر المكسيك والأوروغواي دولتين محايدتين البتة، فما زالتا (فضلاً عن كوبا، روسيا، والصين) تعترفان بمادورو رئيس فنزويلا الشرعي، أما العدد الأكبر من سائر دول العالم، بما فيها كندا، أعضاء الاتحاد الأوروبي الثمانية والعشرين، ودول أميركا اللاتينية الكبرى، فيعترف بحكومة غوايدو.

إليك ثلاثة سيناريوهات عما قد يحدث في فنزويلا:

1- يُضطر مادورو إلى القبول بانتخابات حرة تخضع لإشراف دولي: في وجه الحصار الأميركي الذي يشلّ صادرات النفط الفنزويلية، وتفاقم الاضطرابات في الداخل مع مطالبة الفنزويليين النظام بالسماح لمئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية الأجنبية بدخول البلد، يرغم الجيش الفنزويلي مادورو على القبول بانتخابات حرة.

على غرار نهاية حكم الجبهة الساندينية في نيكاراغوا قبل انتخابات عام 1990، قد يخوض مادورو مفاوضات ليضمن خروجاً آمناً لنفسه ولزمرته العسكرية، ثم يخسر الانتخابات وينتقل إلى كوبا، حيث يبدأ حياة جديدة مقدماً برنامجاً تلفزيونياً يومياً على شبكة تيليسور المحلية يعزف فيه على الطبول، ويغني، ويندد بالإمبريالية الأميركية. أعتقد أن احتمال حدوث سيناريو مماثل يبلغ 50%.

2- يبقى مادورو في السلطة إلى أجل غير مسمى: ينجح الحاكم المستبد الفنزويلي هذا في النجاة من مشاكله الراهنة بمساعدة من الصين وروسيا، وسرعان ما يحوّل المجتمع الدولي أنظاره إلى مكان آخر، وكما حدث في كوبا، تشتد الأزمة الإنسانية في فنزويلا مع تضييق العقوبات الدولية الخناق عليها، فيهرب ملايين إضافيون من هذا البلد. وهكذا يجد مادورو نفسهم مع عدد أقل من الأفواه المرغم على إطعامها ومع سكان يتألفون بمعظمهم من موظفين عامين خنوعين يمكنه التحكم فيهم بسهولة من خلال الدعم الحكومي للسلع الغذائية.

تكمن المشكلة في أن الدول المجاورة لن ترضى بمجاعة يسببها النظام تولّد تدفقاً أكبر بعد من الفنزويليين إلى أراضيها، كذلك من غير المرجح أن تموّل روسيا أو الصين فنزويلا إلى ما لا نهاية، كما فعلتا مع كوبا، لذلك أعتقد أن احتمال حدوث سيناريو مماثل يتراجع إلى 30%.

3- يطيح تدخل عسكري أميركي أو متعدد الجنسيات بمادورو: على غرار ما حدث في بنما في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، تدين محكمة أميركية مادورو وأعوانه بتهم تهريب المخدرات، مما يضاغف التوتر ويقود في نهاية المطاف إلى غزو عسكري أميركي، أو على غرار ما حدث في جزيرة غرينادا في منطقة الكاريبي في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، تغزو الولايات المتحدة فنزويلا متحججة بالاستيلاء الروسي والكوبي على السلطة.

ققي حين يمتلك جيش بنما 21 ألف جندي وجيش غرينادا ألفي جندي، يبلغ عديد القوات المسلحة الفنزويلية 351 ألف جندي، وفق المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو مؤسسة فكرية بريطانية.

بالإضافة إلى ذلك، فنزويلا بلد أكبر بكثير من بنما وغرينادا الصغيرة، فتشير التقديرات إلى أن 20 ألف جندي أميركي شاركوا في غزو بنما كان معظمهم في قاعدة أميركية هناك، وأن سبعة آلاف شاركوا في غزو غرينادا، لكن بعض المحللين الأميركيين يقدّرون أن غزو فنزويلا سيتطلب أكثر من مئة ألف جندي أميركي.

كذلك قد تعلو الأصوات المطالبة بتدخل منظمة الدول الأميركية، على غرار ما شهدناه في جمهورية الدومينيكان عام 1965، أو تدخل الأمم المتحدة، كما حدث في البوسنة في عام 1992. لكن منظمة الدول الأميركية لن تتمكن على الأرجح في التوصل إلى إجماع بين دولها الأعضاء الكبرى، فضلاً عن أن الصين وروسيا ستلجآن إلى حق النقض (فيتو) لعرقلة أي قرار يتخذه مجلس الأمن في الأمم المتحدة للتدخل في فنزويلا. أمنح هذا السيناريو نسبة 20%.

يبقى التعزيز الراهن للعقوبات غير العنيفة الخيار الأفضل والأكثر تعقلاً خلال المرحلة المقبلة لإرغام نظام مادورو غير الشرعي على التنحي عن السلطة، فإذا واصل الضغط التفاقم، تعاكس كل الحظوظ مادورو.

*«أندريس أوبنهايمر»

back to top