كاتبات ينسجن حكايات الغرام والحب في زمن الكراهية والحرب

نشر في 14-02-2019
آخر تحديث 14-02-2019 | 00:14
No Image Caption
تزخر النصوص الأدبية بمشاعر كثيرة تختزل أحاسيس الكاتب أو الكاتبة، إضافة إلى الخيال، فتأتي الكتابات كتلة واحدة قد تبدو متنافرة أو متماسكة وفقاً لمعطيات أدبية وإمكانات فردية والتقنية المعتمدة في نسج خيوط العمل. من ثم، تجد نصاً يجنح إلى الخيال والأحلام الوردية رغم قتامة الواقع فيغزل حكايات الغرام والحب في زمن الحقد والكراهية والحرب، في حين تركز نصوص أخرى على مشاعر إنسانية مشوبة بالحذر والتوجس والضبابية.
بمناسبة عيد الحب، «الجريدة» رصدت نصوصاً لعدد من الكاتبات، مستعرضة مجموعة المشاعر فيها:
تقدم مجموعة من الكاتبات حكايات الغرام والحب في زمن الكراهية والحقد والحرب، رغبةً في تحقيق السلام والطمأنينة، ليس على مستوى العالم بل على المستوى الشخصي، فالحرب قائمة بين بلدان من حولنا، ولكن ثمة حرب أخرى بين الأفراد، بين الرجل والمرأة، بين الفرد والمعتقدات والأعراف، بين الفرد وأمراضه، وبين الخير والشر، وبين الفقير والثري.

«هتان»

في رواية «هتان»، ترصد الكاتبة مريم القلاف حياة زوجين لم يكونا متحابين رغم ارتباطهما، وتقول ضمن هذا السياق على لسان الشخصية المحورية مريم: «في بدء زواجي من فواز كنّا غارقين باستسلام لاتفاقنا المسبق في أن نشبع حياتنا معاً بالمودة والرحمة، وظلّ الحب الكبير الذي حملناه أنا وإياه لأختي سعاد أشبه بنهر دافق يمضي وكل منا يعيش على ضفة من ضفتيه المتباعدين، حيث لم يبرحه هاجس الوفاء لذكراها، ولم يبرحني دافع التضحية في هذا الزواج لحبيبتي هتان، وظلت عاطفة الحب بيننا أشبه بجسر محطم لا يمكننا عبوره».

تلمح الكاتبة إلى فجوة وفترة جفاء اعترت علاقة مريم وفواز، مشيرة إلى ظهور معطيات جديدة ستسهم في إنهاء فترة التوتر، وتقول: «مع مرور الأيام، تولّدت رغبة مشتركة بيننا في المقارنة بين الصفتين وفي ترميم الجسر المحطم، تم ذلك بفعل المودة وأشياء أخرى... حتى وفاءه لسعاد صرت أنظر إليه على أنه صفة مكملة لروعته. ومن جهته، طيبتي وبراءتي التي شبهها هو أكثر من مرة ببراءة الأطفال، وتضحيتي من أجل هتان بعد أن عدها دلالة معدني الأصيل».

وتشير الكاتبة إلى تطور العلاقة بين الطرفين، موضحة أن الحب جاء عقب العشرة: «حتى فاجأني ذات ليلة، كنا نجلس معاً ونحن نتابع فيلماً على التلفاز، بأن وضع يده على ظاهر يدي بإصرار في أن يكون لما فعل دلالة على عاطفة تجاهي... توالت مظاهر الحب بيننا بعد ذلك جاعلة من زواجنا يبدو كزواج حقيقي، أنا وهو وابنتنا هتان التي تجاوزت عامها الأول. حينها كان أبي أكثرنا فرحاً بما حدث بعد أن ظل طوال العام الفائت يشعر بألم وأنا أكابد زواجاً لا حب فيه، لا سيما وربما كان شعوره هذا لأنه هو الذي دفعني لهذه الزيجة، وألفت في تلك الفترة كلمات الغزل من فواز، وبات حريصاً على تعويضي عن كل ما لم أحصل عليه طوال المدة الفائتة كزوجة يحبها زوجها، فصار يدعوني إلى العشاء خارج المنزل ويحمل لي الهدايا».

«أكثر من حياة»

في مجموعة «أكثر من حياة» تتناول الكاتبة سحر بن علي فتاة تعيش حبيسة أوهامها أو أوهام المجتمع والأسرة، فهي تخشى الآخر ولا وجود للمودة والحب في حياتها، لا سيما بعدما استقرت الهواجس المرعبة في قلبها، فتحولت المشاعر الإنسانية الجميلة إلى هلع وخشية وارتياب. ومن أجواء نص «على البحر»: «الآن وهي تسير وحدها تسمع صوت خطوات المارة، الرجال والنساء، بعضهم يمارس رياضة المشي والبعض الآخر يحاول الخروج من الروتين اليومي الممل، ماذا لو اقتربوا منها وهي وحيدة، ماذا لو حاولوا إيذاءها، تتذكر عندما كانت صغيرة لم يكن يسمح لها بالذهاب إلى الدكان الموجود أسفل العمارة كي تشتري البوظة وبعض الحلويات، فهي إما أن تذهب برفقة والدها أو أخيها لأن أحدهم أخبرها: أن الفتيات ضعيفات، فيحاول الجميع استغلالهن».

وتمضي الكاتبة في تصوير حالة الذعر التي تعيشها الفتاة في هذه اللحظات: «بينما هي تمشي وحدها الآن وصوت أمواج البحر يلامس أذنيها، تشعر بأحدهم يمشي خلفها بسرعة، تشعر بالخوف، ماذا لو خطفها، ورماها في الصحراء، تكمل طريقها بسرعة أكثر تشعر بالعجز عن التوقف أو حتى الالتفات إليه، كي تحفظ ملامحه جيداً وتعرف قاتلها، تتذكر للحظة ما أخبرها الجميع: الشباب يحاولون استغلال أي لحظة للتعرض للفتاة، احرصي ألا تلفتي انتباههم بأي شكل من الأشكال. ينتابها القلق، تسمع صوت رجل يناديها، فتشعر بقلبها قد توقفت نبضاته وأن قدميها تعجزان عن حملها، لكنها تكمل الطريق بلا توقف لربما مر أحدهم وأنقذها. تسمع أنفاس الرجل القوية، وهو يلهث وبصوت عال يناديها: «لو سمحت، وقعت محفظة النقود من حقيبتك».

«العشق له ألوان»

في نص «للعشق ألوان مختلفة» للكاتبة هيا الفهد الصادر عن ذات السلاسل ضمن مجموعة قصصية بعنوان «العشق له ألوان» تروي الكاتبة: «حين أدار لي ظهراً... ظهر ذلك اللون المقيت من كل ألوان الدنيا ليطغى على كل الوجود ويمحو كل أثر ليظل هو مسيطراً. كرهت نفسي، طالعته والدموع شلال صغير حفر دربه على خدي ضعف سخيف تمرغت فيه لم أعرفه من قبل، حاولت أن أمد يداً صوبه تتراجع مصحوبة بتوتر ورعشة».

«حنون قاسي»

وفي كتاب «حنون قاسي»، تقول الكاتبة فاطمة الكندري: «لم تنته ولما تنتهي هذه المشاعر هكذا بدأت ذاكرتي تعود من جديد فالحنين قاتل والشعور بعدم الاقتناع يجبر الشخص على الوصول إلى الانهيار. ولكن ما عسانا أن نفعل في عالم لا يتقن قيمة الإحساس في ضوضاء الحياة الأنانية. أعود إلى ذلك الشخص القابع في داخلي ولإنني لم أعد أراه بعيني كنت أراه بقلمي الذي يصر على أن يكمل طريق المحبة، أنا وقلمي لا نحب الخضوع ولا الاستسلام عندما يتعلق الأمر بشخص أحببناه بكل ما أوتينا من قوة فرحنا نتسابق على الإفصاح عما يجول في خواطرنا ليعلم من نحب كم له من معنى كبير تفوق على كل قاموس المعاني العاطفية».

back to top