مكاسب مستقبلية في انتظار منتجي النفوط الخليجية

نشر في 18-01-2019
آخر تحديث 18-01-2019 | 00:04
No Image Caption
على مدى العامين الماضيين شهد المتخصصون في مجال الطاقة وغيرهم من المتابعين لتطورات صناعة النفط والغاز زيادة كبيرة في عدد التقارير المتصلة بتقنية التكسير الهيدروليكي. وبات ممكنا وبسهولة الحد من دور النفط التقليدي في ضوء تزايد أهمية النفط الصخري.

وعلى الرغم من أن التكسير الهيدروليكي غيّر وضع السوق بصورة بارزة فإن المنتجين التقليديين لا يزالون يشكلون السواد الأعظم من منتجي النفوط المعاصرة. ومن المتوقع أن يتزايد حجم إنتاج النفط الصخري بقدر أكبر في السنوات المقبلة. وعلى أي حال فإن الأساسيات الاقتصادية مثل الربحية والوفرة تمثل مؤشرات جيدة للمنتجين التقليديين وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.

نفوط ذات ميزات جغرافية وفنية

وعلى الرغم من الارتفاع المؤثر في إنتاج النفط الصخري، فإن أكثرية نفوط العالم يتم إنتاجها من حقول تقليدية تحتوي على نحو ثلثي الموارد العالمية القابلة للاستخراج. وتملك الدول الأعضاء في منظمة «أوبك» الجانب الأكبر من هذه الأصول وبنسبة تقارب 82 في المئة من الكمية الإجمالية. ومن أصل هذه الكمية توجد 65 في المئة في الشرق الأوسط وبقيادة السعودية وإيران والعراق والكويت والإمارات.

وتتمثل الميزات الفنية في استخراج النفط من هذه المنطقة في أن الإنتاج سهل ورخيص بصورة نسبية. ويتجمع «الذهب الأسود» في الشرق الأوسط في مكامن على مقربة من سطح الأرض إما في المناطق الساحلية أو في مياه ضحلة إلى حد ما.

وهذا يعني أن دول العالم المنتجة للنفط وذات المستويات الأدنى من التكلفة هي السعودية وإيران والعراق، التي تراوحت التكلفة فيها ما بين 9 إلى 10 دولارات للبرميل عام 2016. كما أن الحجم الهائل لحقول النفط في الشرق الأوسط والسهولة النسبية في استخراجه جعلا هذه المنطقة الأكثر أهمية في إنتاج النفط منذ الحرب العالمية الثانية.

تراجع الدور التقليدي للنفط

أنتج العالم نحو 100 مليون برميل من النفط يومياً في العام الماضي. ويميل الإنتاج والاستهلاك إلى مزيد من الارتفاع في سنة 2019. وكان الإنتاج التقليدي خارج الشرق الأوسط قد وصل إلى ذروته في عام 2010 وتقول التوقعات، إن الإنتاج سوف يستمر في الهبوط إلى 45.6 مليون برميل في اليوم في 2020 وهو هبوط بنحو 2.3 مليون برميل يومياً عن مستواه الحالي.

ويضاف إلى ذلك أن الاستهلاك العالمي مهيأ لمزيد من الارتفاع ليصل إلى 112 مليون برميل يومياً في سنة 2040 وسوف تتم تلبية هذا الطلب الإضافي بشكل رئيسي من خلال النفط الصخري الأميركي وإنتاج النفط الجديد من المياه العميقة والدول المنتجة التقليدية في الشرق الأوسط.

ويتوقع محللون أن ينمو إنتاج النفط في الشرق الأوسط بنحو 2.7 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2025، وسوف يتم توريد الكمية الإضافية عن طريق العراق (حوالي 1.5 مليون برميل يومياً) والاستئناف المفترض للإنتاج من المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت.

ولم تعلن الإمارات عن زيادات كبيرة في الإنتاج لكن لديها القدرة للقيام بذلك عندما تتوافر الاستثمارات الملائمة. كما أن البيانات المتعلقة بمستوى إنتاج إيران في المستقبل لا يعول عليها نظراً إلى المخاطر السياسية المرتبطة بإدارة ترامب أو أي سياسة لرئيس أميركي في المستقبل ازاء طهران.

تأثير النفط الصخري على الأسعار العالمية

هيمنت منظمة «أوبك» بشكل تقليدي على أسواق النفط العالمية وتحديد أسعاره. لكن على أية حال ومع طرح النفط الصخري أضيف عنصر جديد إلى المشهد. وفي أعقاب تجربة العامين الماضيين حول التباين الحاد في أسعار النفط يتفق معظم المحللين على سعر 50 دولاراً للبرميل لنمو إنتاج الزيت الصخري الأميركي.

وكان متوسط سعر نفط غرب تكساس الوسيط 48 دولاراً في عام 2015 و43 دولاراً في عام 2016، وقد تسبب سعر النفط الأقل من 50 دولاراً في تراجع زخم أنشطة قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وتعني مرونة تقنية التكسير وعوائد الاستثمار السريعة أن منتجي النفط الصخري الأميركي يشعرون بحساسية ازاء تقلبات الأسعار. ويطرح هذا بدوره حالة توازن جديدة في أسواق النفط اذ مع هبوط السعر إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل، فإن النشاط الاقتصادي ينخفض وبسرعة أيضاً في مناطق إنتاج النفط الصخري.

وينطبق المنطق ذاته أيضاً على حالة ارتفاع الأسعار إلى نحو 70 دولاراً وتصبح معظم حقول النفط الصخري مربحة وتفضي زيادة الإنتاج إلى انخفاض جديد في الأسعار وهكذا دواليك.

التقليدي مقابل الصخري

الفارق الرئيسي بين منتجي النفط الصخري والتقليدي هي المرونة التي تعني أن الفريق الأول أي منتجي الصخري يستطيعون إنتاج النفط في فترة أقصر وباستثمارات أقل. وعلى أي حال فإن طرح سقف جديد لأسعار النفط قد يشكل أنباء جيدة أيضاً للمنتجين التقليديين في الأجل الطويل وخصوصاً في الشرق الأوسط. ومن المحتمل أن يتراوح سعر برميل النفط الخام ما بين 40 و 70 دولاراً. وسوف يضمن هذا طلباً ثابتاً، مع زيادة حدة المنافسة، التي تواجه السيارات الكهربائية من جانب محركات الاحتراق الداخلي أي السيارات التقليدية نتيجة تدني أسعار الطاقة. وحين نأخذ بعين الاعتبار تكلفة الإنتاج المتدنية نسبياً للطاقة في الشرق الأوسط، فإن أكبر احتياطيات العالم في النفط والطلب المتزايد عالمياً سوف يمكن المنتجين في المنطقة من جني مزيد من المكاسب في الأجل الطويل.

* ● فاناند ميليكسايتيان

*(أويل برايس)

back to top