حراك دبلوماسي دولي وإقليمي يحمل 3 عناوين في بغداد

• زيارات تتناول إعادة التموضع الأميركي بين سورية والعراق وسباق الاستثمارات وسلاح الميليشيات
• العاهل الأردني ولودريان في العاصمة العراقية... وظريف يشيد بـ «حكمة» الحكيم ويلتقي العامري

نشر في 15-01-2019
آخر تحديث 15-01-2019 | 00:03
صالح والعاهل الأردني على منصة الشرف في بغداد أمس	(أ ف ب)
صالح والعاهل الأردني على منصة الشرف في بغداد أمس (أ ف ب)
تشهد بغداد حراكاً دبلوماسياً واسعاً منذ زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لها، وفق 3 عناوين رئيسية، أولها إعادة التموضع الأميركي بعد الانسحاب من سورية، والسباق على الاستثمار قي قطاع الطاقة العراقي، ووضع الميليشيات المقربة من إيران.
يبدو أن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للعراق فتحت الباب أمام حراك دبلوماسي دولي واسع عناوينه الرئيسية إعادة التموضع الأميركي بين سورية والعراق، وسباق الاستثمارات في حقل الطاقة وطريق الحرير، ومستقبل الميليشيات الشيعية المقربة من إيران، والتي يرى البعض أن سلاحها بات الخطر الوحيد الذي يتهدد العراق بعد انتهاء الحرب الأهلية ودحر الإرهاب، بما في ذلك المعركة الأخيرة مع «داعش».

فبعد زيارة ترامب، التي أثارت جدلا بالشكل والمضمون، زار وزير خارجيته مايك بومبيو العراق، وتبعه وزير النفط الإيراني بيجن زنقنة، ثم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بينما أجرى الملك الأردني عبدالله الثاني زيارة رسمية لبغداد هي الأولى له منذ 10 سنوات، تزامنا مع زيارة لبغداد يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان.

عبدالله بن الحسين

والتقى العاهل الأردني الرئيس العراقي برهم صالح، وعقد الجانبان اجتماعا ثنائيا، جرى خلاله تأكيد عمق العلاقات التاريخية والأواصر المشتركة التي تربط العراق والأردن» وفقا لبيان رسمي.

وأشار البيان إلى «مناقشة عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية وتوسيع آفاق التعاون، بما يضمن تحقيق المصالح المتبادلة»، إضافة الى «تبادل وجهات النظر بشأن العديد من القضايا العربية والدولية».

وقالت مصادر إن مباحثات الملك عبدالله الثاني في بغداد تناولت ملفات مكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، بعد اتفاق البلدين على إنشاء مدينة صناعية حرة عند معبر طريبيل الحدودي، وبحث مشروع مد أنبوب نفط من البصرة العراقية إلى ميناء العقبة الأردني.

وتتقاسم بغداد وعمان حدودا مشتركة مهمة ونقاطا تجارية، ووقع البلدان مؤخرا مذكرة تفاهم في مجال الكهرباء، خصوصا التي تعد مشكلة مزمنة بالنسبة للعراقيين.

تنويع المصادر

ويعتمد العراق في استيراد الطاقة على إيران، لكنه يسعى الى تنويع مصادر استيراده، وقد حصل على استثناء مؤقت من واشنطن، التي فرضت حزمة من العقوبات على إيران في نهاية 2018، ويقول إنه يريد أن يشتري الكهرباء من الأردن والكويت وتركيا. وتسعى واشنطن، التي تعتبر طهران أكبر عدو لها في المنطقة، إلى كسر العلاقات بينها وبين بغداد.

ورغم الاستثناء المؤقت لواردات الطاقة، حضت واشنطن بغداد على الدخول في شراكة مع الشركات الأميركية بدلا من ذلك. وقال المحلل السياسي العراقي عصام الفيلي: «الكل يتطلع إلى العراق كأرض خصبة تتطلب مزيدا من الاستثمارات من القوى الإقليمية والدولية»، مضيفا ان «الأردن لديه رغبة حقيقية في مد خط أنابيب نفط من البصرة إلى ميناء العقبة، لأنه سيلبي احتياجاته من الوقود».

وزار الرئيس العراقي الأردن في نوفمبر، كما التقى رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز نظيره العراقي ببغداد في ديسمبر.

وزيارة العاهل الأردني هي الثانية خلال أكثر من 10 سنوات، وكانت زيارته السابقة عام 2008 الأولى لزعيم عربي لهذا البلد منذ أن تولى السلطة الشيعة. وفي وقت لاحق، التقى الملك عبدالله الثاني رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، وأجريت له مراسم استقبال رسمية.

لودريان

في المقابل، التقى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي. ونقل بيان رسمي عن الأخير أن «فرنسا بلد صديق للعراق والعلاقات معه مهمة جدا لمكانتها ودورها القوي والمتميز». وتابع: «نتطلع لمساهمة وحضور وتعاون اوسع في مجالات الاقتصاد والخدمات والثقافة والتعليم، استمرارا لموقف فرنسا الى جانب العراق في حربه ضد داعش».

وتشارك فرنسا، كجزء من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، في محاربة تنظيم «داعش» بالعراق.

وقال لودريان ان «فرنسا ستمضي قدماً بعلاقات الشراكة والتعاون مع العراق ودعم الحكومة العراقية التي تقود العراق بنجاح»، مشيراً الى «زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى بغداد، لتأكيد الدعم، وتطوير علاقات الصداقة والتعاون والشراكة القائمة بين البلدين».

وأشار فنار حداد الخبير في شؤون العراق في معهد الشرق الأوسط التابع لجامعة سنغافورة الوطنية إلى أن موجة الزيارات تظهر «الميزة الرئيسية» للعراق.

وأضاف حداد: «من إيران الى الولايات المتحدة، ومن المملكة العربية السعودية الى تركيا، ومن سورية الى قطر، يمكن للعراق ان يتحدث مع الجميع في منطقة تتعرض للعديد من التصدعات الاستراتيجية». ونبه الى أن «أحد أقوى التهديدات لاستقرار العراق اليوم هو خطر تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران على حساب العراق».

فقد يعوق ذلك خطط العراق لإعادة البناء بعد ثلاث سنوات من سيطرة تنظيم «داعش» على مناطق واسعة من البلاد قبل ان تعلن السلطات العراقية «النصر» على التنظيم المتطرف.

ظريف

في المقابل، اجتمع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس بالأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري رئيس تحالف البناء. وقال ظريف خلال اللقاء: «لنا الفخر أن نلتقي بعلم من اعلام المقاومة والديمقراطية، كما انني سعيد ان التقي بتحالف عابر للقومية والطائفية كتحالف البناء».

وأضاف: «نتطلع الى علاقات اقتصادية سياسية مع العراق، ونرحب بأي خطوة يقوم بها العراق بتقريب وجهة نظرنا مع الاخرين».

الحكيم

وكان ظريف التقى مساء أمس الأول رئيس تحالف «الاصلاح والإعمار» عمار الحكيم، الذي دعا دول المنطقة الى «تفهم طبيعة التحالفات السياسية في العراق العابرة للعناوين المذهبية والقومية باتجاه العنوان الوطني، والوقوف على الحياد الإيجابي بينها». وأضاف أن «العلاقة بين إيران والعراق علاقة استراتيجية، وان العراق داعم لإيران فيما يتعلق بالعقوبات والحصار المفروض عليها».

من جهته، أشاد ظريف بـ«الدور السياسي الذي لعبه السيد الحكيم وتحالف الإصلاح والإعمار»، واصفا سياسته بـ«الحكيمة».

وأكد أن «ترسيخ الديمقراطية العراقية محط اعتزاز وفخر الجمهورية»، كاشفا عن زيارة قريبة للرئيس الإيراني حسن روحاني للعراق في مارس المقبل.

back to top