تحالف منتجي «أوبك» والمستقلين ينقذ الصناعة النفطية من الانهيار

خطوة استباقية ساعدت على إعادة الاستقرار إلى الأسواق العالمية

نشر في 15-01-2019
آخر تحديث 15-01-2019 | 00:04
No Image Caption
يبدو أن تحالف منتجي النفط في العالم أنقذ الصناعة النفطية، وعمل على حماية السوق من أزمات عنيفة، بعد ان عانت أسواق الخام خلال العامين الماضيين من أسوأ دورات الهبوط في الأسعار، إلى أن تم إنقاذها من جانب الدول الـ 25 الأعضاء في منظمة أوبك والمستقلين، من خلال "إعلان التعاون المشترك" الذي يعتبر نقلة نوعية وتاريخية في مسار تعاون منتجي النفط في العالم.

وبحسب بعض الآراء المتخصصة، فإن تعاون المنتجين اتخذ موقفا استباقيا للمساعدة على استعادة الاستقرار في الأسواق العالمية، معتبرين أن الاتفاق الجديد لخفض الانتاج مع مطلع العام الحالي كان بالفعل بمنزلة جهود بطولية قادت الصناعة إلى التعافي، بعد إعادة تثبيت الشعور بالتفاؤل للسوق وتقديم دفعة كبيرة للاستثمار في الصناعة ودعم الاقتصاد العالمي، بما يعود بالفائدة على جميع أصحاب المصلحة في قطاعات الصناعة حول العالم.

دورة صعبة

وإذا كان سوق النفط العالمي اجتاز منذ منتصف عام 2014 حتى نهاية عام 2016 دورة صعبة تمثلت أبرز ملامحها في العرض الزائد من الإمدادات في السوق، فإن السبب الرئيس وراء هذه الوفرة يعود إلى أنشطة الحفر الأميركية، خاصة من حقول النفط الصخري.

ويشير تقرير إلى أنه مع نهاية عام 2016 كان هناك وجود واسع لإمدادات النفط في السوق، وارتفعت المخزونات في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أكثر من 350 مليون برميل، أي أعلى من المتوسط في خمس سنوات؛ الأمر الذي أدى إلى تأثر الدول الأعضاء في منظمة أوبك بشدة من الانخفاض الحاد في أسعار النفط الخام، خاصة أن ذلك كان ناجما عن انخفاض عائدات التصدير خلال الفترة منذ أواخر عام 2014 حتى نهاية عام 2016، والتي شهدت فيها اسعار الخام تدهورا حادا وصلت فيه اسعار البرميل الى ما دون العشرين دولاراً؛ الأمر الذي عمل على زيادة الصعوبات في اقتصادات الدول المنتجة ومنها دول الخليج.

ويوضح بعض المحللين أنه خلال تلك الفترة العصيبة التي مرت بالسوق النفطية، فقد تمت ترجمة بيئة الأسعار المنخفضة أيضا عبر إجراء تخفيضات كبيرة في النفقات الرأسمالية الخاصة بالاستكشاف والإنتاج، وهو ما شكل هيكلا متزايدا من التحديات الخطيرة بالفعل على استقرار السوق ونمو الصناعة النفطية.

34 مليون برميل

وفيما يرى البعض أن تدشين التعاون حصّن السوق من تكرار تلك الأزمات العنيفة ووفر الآلية لعلاج المشكلات الطارئة، فإن ذلك قد عزز الثقة في الأسواق وساعد على التغلب على حالة ضعف الثقة التي تعتري السوق من وقت إلى آخر، والتي تتكرر في الفترة الحالية ودفعت إلى قرار المنتجين بإجراء خفض مؤثر في الإمدادات النفطية، مع مطلع العام الحالي، بلغت حسب الاتفاق الاخير 1.2 مليون برميل يوميا، لسحب نحو 34 مليون برميل من الفائض الحالي، وهو ما يعد خفضا مناسبا للفترة المقبلة يتيح سحب تلك المخزونات.

ومع ذلك، فقد شكك البعض في امكانية سحب المخزونات بشكل سريع، كما يرجو التحالف النفطي؛ إذ ان هناك بعض الدول التي تنتج النفط الصخري يكفيها اسعار الخمسين دولارا للبرميل لإنتاج هذا النوع من النفط، وإن كانت تشكل نسبة بسيطة من الانتاج، إلا انها قد تكون سببا معوقا لارتفاع سريع وقوي للاسعار.

من جهة أخرى، أشار تقرير إلى أن الدول الأعضاء، في منظمة أوبك، لعبت دورا بارزا في مجال الاعتماد على التقنيات التي تخفض الانبعاثات الضارة خاصة الكربون، وبما يعضد جهود مكافحة تغير المناخ، وذلك لضمان الاستثمار والإنتاج لأكثر من 1.2 تريليون برميل من احتياطيات النفط المؤكد.

وشدد التقرير على أن النفط والغاز سيظلان يمثلان أكثر من 50 في المئة من مزيج الطاقة العالمي، بعد عام 2040.

عجز في المعروض

ولفت التقرير إلى أن عملية التحول والانتقال في مجال الطاقة ليس انتقالا من مصدر طاقة إلى آخر، لأن هناك حاجة إلى جميع مصادر الطاقة لتلبية الطلب الحالي والمستقبلي.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية عجزا في المعروض النفطي بحلول الربع الثاني من العام الحالي، بشرط أن يلتزم أعضاء "أوبك" والمنتجون الرئيسون الآخرون باتفاق خفض الإنتاج الاخير.

وأبقت وكالة الطاقة الدولية على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2019 عند 1.4 مليون برميل يوميا، بلا تغيير عن توقعاتها الشهر الماضي، وقالت إنها تتوقع أن يبلغ النمو 1.3 مليون برميل يوميا هذا العام.

في مقابل ذلك، انخفض عدد حفارات النفط في الولايات المتحدة خلال الفترة الاخيرة، مع استمرار شركات الطاقة في تقليل عدد الحفارات النشطة على مدار الشهر المنقضي، بعد أن انهارت أسعار الخام في أكتوبر ونوفمبر الماضيين.

ولعل بعض التحديات الراهنة تؤكد أنه لا يوجد مصدر طاقة واحد هو الدواء الشافي، ولا يمكن تجاهل مساهمة صناعة كاملة أو مجموعة من البلدان، مشيرة إلى أن العالم لا يلهث وراء الطاقة المتجددة وحدها، ولكن السباق الحقيقي يكمن في تقديم جهود مؤثرة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وأشار بعض المتخصصين إلى أن صناعة النفط الخام لديها المعرفة والخبرة الواسعة لتقليص أي آثار سلبية على البيئة، لافتين إلى تحسن ممارسات العمل ومعايير كفاءة الوقود بشكل كبير على مر العقود؛ مؤكدين أنه يجب بالطبع القيام بالمزيد، ومع ذلك يجب الاستفادة من قدرة الصناعة على الابتكار التكنولوجي في هذا المجال.

معايير بيئية

وطالبت بعض الآراء بضرورة حث جميع الأطراف، وفي مقدمتهم الحكومات، على الترويج لسياسات شاملة تحفز نحو الالتزام بالمعايير البيئية ومكافحة تغير المناخ، وذلك بتكامل الجهود بين الحكومات والشركات والمجتمع المدني للوصول إلى منظومة عمل شاملة ومتكاملة لتحقيق تلك الأهداف.

وشددت تلك الآراء على أهمية التوسع في الاعتماد على التكنولوجيات الملائمة التي تعالج انبعاثات الكربون، معتبرة أن القضاء على هذه الانبعاثات ليس مهمة بعيدة المنال، ولكن يمكن تحقيقها بالفعل بتضافر الجهود الدولية.

وأوضحت أن تمويل البحث والتطوير لهذه التقنيات مسؤولية كل من المنتجين والمستهلكين على السواء، وأن دول "أوبك" تولى أهمية قصوى لهذا الأمر.

السوق اجتاز أصعب دورة منذ منتصف 2914 حتى نهاية 2016

الاتفاق الاخير يهدف إلى سحب الـ 34 مليون برميل المتبقية من المخزونات العالمية

الالتزام بالمعايير البيئية ومكافحة تغير المناخ يحظى بأولوية عمل منظمة أوبك
back to top