الأشعة الزرقاء... علاج لارتفاع ضغط الدم؟

نشر في 14-01-2019
آخر تحديث 14-01-2019 | 00:03
No Image Caption
وفق دراسة جديدة، يسهم التعرض للأشعة الزرقاء في محاربة ارتفاع ضغط الدم. إذا تكررت هذه النتائج ضمن عيّنة أكبر حجماً، قد تتحول الأشعة الزرقاء إلى تدخّل فاعل ومقبول الكلفة ومُجرَّد من أي آثار جانبية.
نُشرت نتائج البحث المرتبط بآثار الأشعة الزرقاء في ارتفاع ضغط الدم حديثاً في «المجلة الأوروبية لطب القلب الوقائي».
يُعتبر ارتفاع ضغط الدم أيضاً جزءاً من عوامل الخطر المُسببة لاضطرابات أكثر حدة، مثل النوبات القلبية، والجلطات الدماغية، وأمراض الكلى. لهذه الأسباب، يجب أن يكون التحكم الفاعل بضغط الدم على رأس الأولويات.

يصف الأطباء راهناً أدوية مثل مثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين وحاصرات قنوات الكالسيوم لتسهيل التحكم بارتفاع ضغط الدم. صحيح أن هذه الخيارات قد تكون فاعلة، لكن من الشائع أن تُسبب آثاراً جانبية مثل السعال الجاف المتواصل والدوار.

لما كان ارتفاع ضغط الدم شائعاً على نطاق واسع، فتكثر البحوث التي تستكشف أسبابه. لا يمكن إنكار أهمية أسلوب الحياة في هذا المجال، بما في ذلك الحمية الغذائية والرياضة، لكن تؤدي عوامل خطر أخرى أدواراً أصغر حجماً.

كشفت الدراسات مثلاً أن التعرض لأشعة الشمس يؤثر في ارتفاع ضغط الدم. يتراجع الأخير عموماً خلال أشهر الصيف، وقد ربطت بحوث بين التعرض المطوّل لأشعة الشمس على المدى البعيد وبين تراجع خطر الوفاة نتيجة أمراض القلب والأوعية الدموية.

أشعة الشمس

يؤدي التعرّض المفرط لأشعة الشمس إلى تضرر البشرة، ما يُمهّد لشيخوخة مبكرة. كذلك، ذكرت البحوث أن الأشعة فوق البنفسجية سرطانية، ما يعني أن التعرض المفرط لها يزيد احتمال الإصابة بسرطان الجلد.

في المقابل، تطلق أشعة الشمس، حين تحتكّ بالبشرة، تفاعلاً كيماوياً من شأنه أن ينتج الفيتامين D الذي يؤدي مجموعة من الأدوار الأساسية في الجسم.

تؤثر الأشعة فوق البنفسجية أيضاً في مستويات أكسيد النيتريك: تحمل هذه الجزيئة مؤشرات مؤثرة وتُعتبر ضرورية للبشر وجميع الكائنات الأخرى تقريباً.

تطلق البطانة الداخلية للأوعية الدموية، أي البطانة الغشائية، أكسيد النيتريك، ما يجعل العضلات السلسة حول الأوعية تسترخي، من ثم يتراجع ضغط الدم.

حين تحتكّ أشعة الشمس بالبشرة، تتفكك مركّبات مثل النتريت لإنتاج أكسيد النيتريك الذي يعود وينتشر في أعمق الأنسجة قبل أن يصل أخيراً إلى الأوعية الدموية.

قد يفسّر التفاعل القائم بين أشعة الشمس وأكسيد النيتريك والعضلات السلسة للأوعية الدموية السبب الذي يجعل الشمس تُخفّض مستوى ضغط الدم.

ما دور الأشعة الزرقاء؟

يشكل إيجاد طريقة فاعلة لتسخير منافع الأشعة فوق البنفسجية تزامناً مع التخلص من آثارها الجانبية اكتشافاً مهماً. إنه دور الأشعة الزرقاء!

في الفترة الأخيرة، تعاون باحثون من جامعة «ساري» في بريطانيا ومن جامعة «هاينرش هاينه» في «دوسلدورف» بألمانيا، لاكتشاف ما إذا كانت الأشعة الزرقاء المُجرّدة من الأطوال الموجية الخاصة بالأشعة فوق البنفسجية تخفض ضغط الدم.

كانت دراسات سابقة أثبتت أن الأشعة الزرقاء المرئية، ضمن طول موجي يتراوح نطاقه بين 420 و453 نانومتراً، قد تحفّز على إنتاج أكسيد النيتريك من دون أن يتضرر الحمض النووي.

تقطع أحدث دراسة شوطاً إضافياً. فقد قيّم الباحثون للمرة الأولى احتمال أن ينتج التعرّض للأشعة الزرقاء نسبة كافية من أكسيد النيتريك لتخفيض ضغط الدم بدرجة ملحوظة.

شملت دراستهم المبنية على إثبات المفاهيم 14 رجلاً يتراوح عمرهم بين 30 و60 عاماً. لم يكن أي منهم مصاباً بأمراض سابقة في القلب والأوعية الدموية أو بارتفاع ضغط الدم أو السكري.

منافع الأشعة الزرقاء

زار كل مشارك مختبر الفحص مرتين وفصل أسبوع بين الجلستين. خلال الزيارة الأولى، تعرّض المشاركون للأشعة الزرقاء على كامل أجسامهم طوال 30 دقيقة. وخلال الزيارة الثانية، تلقوا «أشعة مرجعية» طوال 30 دقيقة.

بحث العلماء بشكل أساسي عن أي تغيرات في ضغط الدم. كذلك قيّموا معايير أخرى مثل معدل ضربات القلب، وتدفق الدم في الساعد، ومستويات أكسيد النيتريك المتنقلة، وسرعة موجة النبض (تقيس مدى تصلب الشرايين).

أخذ الباحثون تلك القياسات قبل جلسة التعرض للأشعة وخلالها وبعدها، فاكتشفوا أن تعريض الجسم كله للأشعة الزرقاء طوال 30 دقيقة يُخفّض ضغط الدم الانقباضي (مستوى الضغط في الأوعية الدموية حين ينقبض القلب) بمعدل 8 ملم زئبق.

يعتبر الباحثون أن هذا التراجع كان يساوي أو يفوق أثر الأدوية الخافضة لضغط الدم.

كذلك، تحسنت معايير أخرى تحت تأثير الأشعة الزرقاء، من بينها سرعة موجة النبض. وكما كان متوقعاً، زادت مستويات أكسيد النيتريك المصلي أيضاً. توصّل الباحثون إلى الاستنتاج التالي: «تثبت دراستنا الراهنة للمرة الأولى أن تعريض الجسم كله للأشعة الزرقاء، بجرعات قريبة من أثر التعرّض اليومي لأشعة الشمس، سمح بتخفيض ضغط الدم الانقباضي لدى المتطوعين الشباب الأصحاء».

لكن شملت هذه الدراسة التجريبية عدداً صغيراً جداً من المشاركين، لذا يجب أن تتكرر النتائج على نطاق أوسع بكثير.

وإذا تكررت تلك النتائج فعلاً، قد تتغير قواعد اللعبة على مستوى التحكم بارتفاع ضغط الدم لدى بعض المجموعات .

أوضح كريستيان هايس، أحد المشرفين على الدراسة، وهو طبيب وأستاذ في جامعة «ساري»: «يشكّل التعرض للأشعة الزرقاء طريقة مبتكرة للسيطرة بدقة على ضغط الدم من دون الحاجة إلى أخذ أدوية. بفضل مصادر الأشعة الزرقاء القابلة للارتداء، قد يصبح التعرّض المتواصل لها ممكناً وعملياً».

صحيح أن العلاج بالأشعة الزرقاء لن يصبح بديلاً عن التعديلات الضرورية في الحمية الغذائية وأسلوب الحياة، لكنه قد يعطي منافع إضافية لبعض الناس. يقول هايس: «سيكون هذا العلاج مفيداً خصوصاً للأشخاص الذين يعجزون عن التحكم بضغط دمهم بالأدوية مثل كبار السن».

ارتفاع ضغط الدم يتراجع عموماً خلال أشهر الصيف بحسب الدراسات
back to top