ثمار البحر تضمن شيخوخة صحية!

في مجتمعنا الذي يشهد زيادة في أعداد كبار السن، لا مفر من التساؤل: ما الذي يمكن فعله كي لا نطيل عمرنا فحسب بل نُحسّن صحتنا أيضاً؟ يطرح بحث جديد جواباً محتملاً: يكمن الحل في زيادة استهلاك ثمار البحر!

نشر في 10-01-2019
آخر تحديث 10-01-2019 | 00:00
No Image Caption
تحلل دراسة جديدة قادتها هايدي لاي من كلية «فريدمان» لعلوم وسياسات التغذية في جامعة «تافتس» في بوسطن الرابط القائم بين زيادة استهلاك ثمار البحر الغنية بالأوميغا 3 وبين الشيخوخة الصحية.

تُعَرّف لاي وزملاؤها «الشيخوخة الصحية» باعتبارها «فترة طويلة من الحياة من دون الإصابة بأمراض مزمنة، مع الحفاظ على وظيفة جسدية وعقلية سليمة».

يوضح الباحثون في دراستهم أن الشيخوخة الصحية تزداد أهمية. يشيخ الناس بوتيرة متسارعة حول العالم وتزيد في الوقت نفسه معدلات الأمراض المزمنة.

لذا بدأ عدد الأبحاث التي تحلل عناصر الشيخوخة الصحية وما يمكن فعله لتحقيق هذه الغاية يرتفع. في هذا السياق، كانت الدراسات المتعلقة بالرابط القائم بين أحماض الأوميغا 3 الدهنية والأمراض المزمنة المرتبطة بالسن غير متماسكة بدرجة معينة.

كشفت دراسات استعملتها لاي وزملاؤها كمراجع مثلاً عن وجود علاقة عكسية بين استهلاك الأوميغا 3 وبين أمراض القلب والأوعية الدموية. لكن ذكرت دراسات أخرى أن استهلاك هذه الدهون يرتبط بزيادة حالات سرطان البروستات.

توصلت دراسات أخرى إلى نتائج مختلطة أو غير جازمة في ما يخصّ الأوميغا 3 والسرطان والسكري وأمراض الرئة ومرض الكلى المزمن الحاد والخلل المعرفي والجسدي.

لذا قرر الباحثون توضيح هذا الدور المؤثر المحتمل الذي تؤديه أحماض الأوميغا 3 الدهنية في مسار الشيخوخة. نشر العلماء نتائجهم في «المجلة الطبية البريطانية».

حلل فريق البحث مستويات الأوميغا 3 الجارية في الدم لدى 2622 شخصاً راشداً كانوا تسجلوا للمشاركة في «الدراسة الأميركية لصحة القلب والأوعية الدموية».

في بداية هذه الدراسة في عام 1992، بلغ متوسط عمر المشاركين 74 عاماً وجرى قياس مستويات الأوميغا 3 في دمهم حينها، ثم بعد ست سنوات، ثم بعد 13 سنة.

تتعدد أنواع الأوميغا 3 المستعملة في الدراسة: حمض الإيكوسابنتاينويك، وحمض الدوكوساهيكساينويك، وحمض الألفا لينولينيك.

شكّلت الأسماك (مثل السلمون والماكريل والتونة والرنكة والساردين) وأنواع أخرى من ثمار البحر أبرز مصدر غذائي لأول ثلاثة أنواع من الأوميغا 3، فيما كانت المكسرات والبذور والزيوت النباتية تحتوي على حمض الألفا ليبويك.

قسّمت لاي وزملاؤها المشاركين إلى خمس مجموعات، بناءً على مستويات الأوميغا 3 في دمهم.

تراجع الشيخوخة غير الصحية

في نهاية فترة الدراسة، في عام 2015، أصيب 89% من المشاركين بأمراض مزمنة مرتبطة بالسن أو باضطرابات عقلية أو جسدية، بينما عاش 11% منهم شيخوخة صحية.

كشف التحليل أن الأشخاص ضمن المجموعة التي استهلكت أكبر كمية من حمض الدوكوساهكساينويك المشتق من ثمار البحر كانوا أقل عرضة للشيخوخة غير الصحية بنسبة 24% مقارنةً بمن استهلكوا أصغر كمية منه.

كذلك، بقي المشاركون في أول ثلاث مجموعات استهلكت أكبر كمية من حمض الدوكوساهكساينويك أقل عرضة للشيخوخة غير الصحية بنسبة تتراوح بين 18 و21%.

أخيراً، لم يبرز رابط بين الشيخوخة الصحية وبين أحماض الدوكوساهيكساينويك والألفا ليبويك المشتقة من ثمار البحر عند استهلاكها من منتجات نباتية. ذكرت لاي وزملاؤها أن الدراسة ترتكز على المراقبة ولا يمكنها أن تشرح الآليات المسؤولة عن هذه الروابط.

لكنهم يظنون أن عناصر الأوميغا 3 تسهم في الحفاظ على سلامة ضغط الدم وإيقاع القلب، فضلاً عن تخفيف الالتهابات. في النهاية، استنتجت لاي وزملاؤها: «تدعو هذه النتائج إلى إجراء أبحاث إضافية حول الآليات البيولوجية المحتملة والتدخلات المرتبطة بأحماض الأوميغا 3 الدهنية لضمان شيخوخة صحية، كذلك تدعم التوجيهات التي تدعو الراشدين الأكبر سناً إلى زيادة استهلاك الأسماك».

في افتتاحية رافقت المقالة، تقول الأستاذة يايي تشو وزملاؤها من فرع كاليفورنيا الشمالية للبحوث في معهد «كايزر بيرماننت»، «أوكلاند»، إن البحث الجديد يشكّل «إضافة قيّمة» في مجال دراسة أحماض الأوميغا 3 الدهنية والشيخوخة.

لكنهم يشددون على أن الروابط الوبائية القائمة لا تثبت بالضرورة وجود علاقة سببية: «لذا نحذّر من استعمال هذه النتائج لتوجيه سياسات الصحة العامة أو التوصيات الغذائية»!

back to top