السمنة... 4 أنواع فرعية

يعتبر الباحثون السمنة وباء، ويعمل كثيرون منهم جاهدين لتطوير الحلول. ولكن هل من جواب واحد؟ تشير البحوث إلى أن للسمنة أشكالاً مختلفة وأن المقاربة ذاتها يتفاوت تطبيقها بين شخص وآخر.

نشر في 10-01-2019
آخر تحديث 10-01-2019 | 00:10
No Image Caption
يشير الخبراء من منظمة الصحة العالمية إلى السمنة كـ{وباء عالمي» من الضروري معالجته إذا أردنا تفادي تأثيراته السلبية.

تشكّل السمنة عامل خطر كبيراً في حالات صحية كثيرة، من بينها الداء السكري من النمط الثاني، ومرض القلب، وأنواع عدة من السرطان. لذلك من الضروري التوصّل إلى مقاربة علاجية فاعلة.

لكنّ معدي دراسة جديدة شملت بيانات من آلاف مَن يعانون السمنة يحذرون من أنه لا تتوافر طريقة واحدة فاعلة لعلاج السمنة ولا يمكن التوصل إلى واحدة.

توصل باحثون من جامعة براون في بروفيدونس في رود آيلاند إلى أربعة أنواع فرعية من السمنة. وقد تتفاعل هذه المجموعات بشكل أفضل مع مقاربات مختلفة.

تذكر البروفسورة أليسون فيلد، باحثة أشرفت على تقرير الدراسة: «ما من علاج واحد سحري للسمنة. وإذا كان متوافراً، فسيختلف بالتأكيد باختلاف مجموعات الأشخاص».

تشدد البروفسورة فيلد، التي ترأس قسم علم الأوبئة في براون، على ضرورة اتباع تصنيف أفضل للسمنة. وتعتقد أن عملية التشخيص الحالية واسعة جداً وتتطلب طريقة تمييز أكثر فاعلية لأن هذه الخطوة تتيح للأطباء تحديد العلاج المناسب على أساس فردي.

تتابع موضحة: «ثمة حقاً مجموعة متنوعة من الناس تُدرج كلها في فئة واحدة. لكن الولد الذي يعاني سمنة مفرطة في سن الخامسة يختلف كل الاختلاف عن شخص يكتسب الوزن تدريجياً بمرور الوقت ليصبح سميناً في سن الخامسة والستين».

تشدِّد هذه الباحثة: «علينا أن نقر بهذا التنوّع، بما أنه يساعدنا في تطوير مقاربة لمعالجة السمنة تتلاءم أكثر مع حاجات الأفراد».

تعود النتائج، التي نُشرت في مجلة «السمنة»، إلى تحليل بيانات 2458 مشاركاً خضعوا لجراحة تخفيف الوزن للتخلص من السمنة.

خضع المشاركون لجراحة المجازة المعدية أو ربط المعدة بين شهرَي مارس عام 2006 وأبريل 2009. واستعان بهم الباحثون من خلال الدراسة الطولية لتقييم جراحة تخفيف الوزن.

أنواع فرعية

تأمل الباحثون متغيرات المشاركين النفسية، من بينها أنماط تناول الطعام، فضلاً عن تاريخ وزنهم ومعدلات هورموناتهم إلى جانب عوامل بيولوجية أخرى.

تؤكد البروفسورة فيلد أن هذه أول دراسة تشمل تحليلاً لهذه العناصر النفسية.

استطاع الباحثون تحديد أربع مجموعات مختلفة من مرضى السمنة، مستخدمين أسلوباً إحصائياً مميزاً لتحليل البيانات.

قبل الجراحة، عانى مَن شملتهم المجموعة الأولى ارتفاع معدلات السكر في الدم وانخفاض معدلات البروتين الدهني المرتفع الكثافة، الذي يُدعى «الكولسترول الجيد» لأنه يساعد في التخلص من فائض الجزيئات الدهنية.

أُصيب نحو 98% من الأشخاص في هذه المجموعة بنمط من أنماط الداء السكري.

واجه المشاركون في المجموعة الثانية اضطرابات في سلوكهم الغذائي. تشير الاكتشافات إلى أن:

• 37% من الأشخاص في هذه المجموعة تناولوا الأكل بشراهة.

• 61% منهم أكدوا فقدان سيطرتهم على تناولهم الوجبات الخفيفة بين الوجبات الرئيسة.

• 92% قالوا إنهم تناولوا الطعام عندما لم يشعروا بالجوع.

تعتبر البروفسورة فيلد خصائص المجموعة الثالثة مفاجئة. بالنسبة إلى عملية الأيض، حمل المشاركون في هذه المجموعة عموماً صفات تتلاءم مع السمنة. لكنهم أفادوا عن مستويات متدنية من اضطرابات الطعام. فقد ذكر 7 % فقط أنهم تناولوا الطعام عندما لم يشعروا بالجوع.

يكتب الباحثون: "من اللافت أن لا عوامل أخرى ميزت هذه المجموعة عن المجموعات الأخرى".

أشار المشاركون في المجموعة الرابعة إلى تشخيص إصابتهم بالسمنة منذ الطفولة. فقد بلغ مؤشر كتل جسمهم عموماً 32 في سن الثامنة عشرة. واعتُبر هذا المؤشر الأعلى بين المجموعات، علماً بأن معدل مؤشر كتلة الجسم الإجمالي بلغ في حالة المجموعات الثلاث الأولى 25 في السن ذاتها.

علاوة على ذلك، امتلك المشاركون في المجموعة الرابعة أعلى مؤشر كتلة جسم (58) قبيل خضوعهم للجراحة، في حين بلغ معدل مؤشر كتلة الجسم في حالة المجموعات الأخرى 45 في المرحلة عينها.

تصنيفات عامة

عند تأمل البيانات من السنوات الثلاث الأولى بعد الجراحة، لاحظ الباحثون أن النساء خسرن كمعدل 30% من وزنهن قبل الجراحة، في حين خسر الرجال 25%.

وعند التمييز بين المجموعات، اكتشف الفريق أن المشاركين من المجموعتين الثانية والثالثة تمتعوا بأكبر فوائد من جراحة تخفيف الوزن.

على وجه الخصوص، خسر مَن أشاروا إلى معاناتهم اضطرابات في عاداتهم الغذائية أكبر مقدار من وزنهم قبل الجراحة: خسر الرجال 28.5 % والنساء 33.3 % كمعدل.

قادت هذه الاكتشافات البروفسورة فيلد وزملاءها إلى التشديد على أهمية تصنيف مرضى السمنة بالشكل الصحيح بدل إدراجهم كلهم في فئة واحدة لا تميّز بينهم. تؤكد هذه الباحثة، التي قادت الدراسة: «أحد الأسباب التي حالت دون توصلنا إلى اكتشافات مهمة في مجال بحوث السمنة تصنيفنا كل هؤلاء الناس في فئة واحدة».

تتابع مشددة: «ربما تتوافر إستراتيجيات عالية الفاعلية تسهم في تفادي السمنة وعلاجها. ولكن عندما نجمع المرضى من مجموعات مختلفة معاً، نخفف من تأثيرها».

السمنة «وباء عالمي» من الضروري معالجته إذا أردنا تفادي تأثيراته السلبية
back to top