أكبر المخاطر... البطالة بين الشباب

نشر في 06-01-2019
آخر تحديث 06-01-2019 | 00:09
 مصطفى البرغوثي تصل نسبة البطالة بين الشباب الفلسطينيين المتعلمين إلى 80% في قطاع غزة المحاصر، وتتجاوز البطالة بين الشباب المتعلمين في فلسطين بشكل عام 53%، وخاصة بين الشابات حيث تتجاوز 69%، ومن اللافت للنظر أن نسبة البطالة بين خريجي كليات العلوم الطبيعية تصل إلى 70% بشكل عام وإلى نحو 80% بين الشابات.

نقطة القوة في البنيان الديمغرافي الفلسطيني هي النسبة العالية للشباب القادرين على العمل، بالمقارنة مع البلدان الأوروبية التي يطغى على تركيبتها السكانية كبار السن، ولكن هذه المزية مشروطة بأن يعمل الشباب، لا أن يكونوا عاطلين عن العمل.

وتمثل نسبة البطالة العالية أهم مؤشر على فشل السياسات الاقتصادية في فلسطين منذ نشوء السلطة الفلسطينية، وهي سياسات تفاقم تركيزها على القروض الموجهة للاستهلاك، بدل أن تكون موجهة لتشجيع الإنتاج الوطني والاعتماد على النفس.

مخاطر البطالة السياسية والاجتماعية، أكبر من أن نشملها بمقال، ولكن لا بد من ذكر أهمها:

البطالة بين الشباب تمثل خطراً ماحقا على القضية الوطنية، لأنها تضعف القدرة على الصمود في وجه الاحتلال والتهويد والاستيطان، وتؤدي إلى اضطرار أعداد كبيرة من الشباب للهجرة، بحثا عن العمل والعيش الكريم، وهذا بالضبط ما تريده حكومات إسرائيل، تفريغ فلسطين من القوة العاملة الشابة وإضعاف تأثير العامل الديمغرافي الذي يعمل لمصلحة فلسطين. باختصار البطالة تؤدي إلى الهجرة، والهجرة تفرغ فلسطين من أهلها.

ومن الناحية الأخرى فإن أعدادا كبيرة من الشباب المتعلمين الذين لم يهاجروا يتجهون للعمل في المشاريع الإسرائيلية وفي المستوطنات، وذلك يعطي قوة للاقتصاد الإسرائيلي، ويستنزف الاقتصاد الفلسطيني.

فالبطالة بين الشباب المتعلمين تمثل أيضا هدرا للموارد والطاقات، فما ينفقه الأهل على تعليم أبنائهم، يتحول إلى هباء بدل أن يكون عنصرا دافعا للاقتصاد الوطني، لكن أكبر المخاطر هو التأثير النفسي والمعنوي على شابات وشباب طموحين مليئين بالحيوية والقدرة على الإبداع، يتطلعون بعد تخرجهم أن يصبحوا مواطنين فاعلين وناجحين ومبتكرين، ليصابوا بسبب البطالة بالإحباط واليأس، والنفور من كل عمل وطني أو مجتمعي، وهذا آخر ما نحتاجه في فلسطين.

أخبرني مسؤولون في إحدى الجامعات أنهم نشروا إعلانا عن وظيفة لحامل شهادة بكالوريس، ففوجئوا بتلقي أكثر من مئة طلب عمل من حاملي شهادتي الماجستير والدكتواره، والكل يعرف رواية صاحب الفرن الذي نشر إعلانا في غزة عن حاجته لفران فتلقى نحو أربعة آلاف طلب عمل لحاملي شهادات جامعية.

لا توجد اليوم قضية اقتصادية أكثر أهمية من وضع سياسات تحارب ظاهرة البطالة بين الشباب المتعلمين، وذلك يتطلب إعادة توجيه للاقتصاد بما يركز على الإنتاج، وعلى المبادرات والمشاريع الإنتاجية التي يديرها الشباب، بما في ذلك تغيير سياسة البنوك التي تركز على القروض الاستهلاكية وتتحفظ على منح قروض للمشاريع الإنتاجية. هناك صناديق استثمار، وصناديق تقاعد، ومستثمرون أثرياء كثيرون، وشركات فلسطينية تحقق أرباحا عالية، وتعفى من قسم كبير من الضرائب، ومن واجبها جميعا أن تساهم في بناء الاقتصاد الوطني عبر مشاريع إنتاجية تحررنا من بضائع الاحتلال، ومن الحاجة للعمل في مستعمراته ومشاريعه ومصانعه.

وهناك حاجة لوقف التنافس بين الجامعات على تخصصات لا تؤمن لخريجيها فرص عمل، واستبدالها بتوسيع التعليم الجامعي المهني والمرتبط بالاقتصاد المنتج.

سياسة اقتصادية تحارب البطالة، وتخلق فرص عمل للشباب المتعلمين، هي شكل من أشكال مقاومة من يريدون تصفية قضيتنا الوطنية، ووجودنا على أرض فلسطين.

*الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

back to top