تمثيلية قانون «التقاعد المبكر»

نشر في 01-01-2019
آخر تحديث 01-01-2019 | 00:09
لماذا يعجز النواب عن تمرير قانونهم الذي صوتوا عليه في دور الانعقاد السابق بأغلبية ساحقة؟ لماذا قبِل النواب اختلاس الحق الدستوري للبرلمان بإعادة التصويت على القانون كاملاً دون أي تعديلات؟ لماذا يسارع بعض النواب للدفاع المستميت عن التعديلات الحكومية على القانون؟ لماذا غيّر بعض النواب موقفهم من قانونهم الذي صوتوا عليه في دور الانعقاد الماضي؟ يا مجلس الأمة الموقر، ويا أيها النواب الكرام: هل أنتم ممثلون للشعب أم نواب عن الحكومة؟
 ‏‫وليد عبدالله الغانم انكشف مجلس الأمة واضطرب النواب في تعاملهم مع قانون التقاعد المبكر الذي أقره البرلمان في دور الانعقاد الماضي بأغلبية ساحقة، وفي حين كان الإجراء الدستوري السديد والوحيد هو إحالته إلى الحكومة فوراً لتنفيذه أو رده، فإن أول فصول التمثيلية البرلمانية كانت في تأخير مكتب المجلس إحالة القانون إلى الحكومة في الموعد المحدد لتتم المماطلة في عرضه بنفس دور الانعقاد الماضي في حال رفضه حكومياً ونجحت الخطة في تفويت حق النواب في إقرار هذا القانون قبل عطلة البرلمان الصيفية.

تواصلت فصول التمثيلية بشكل مروع، ففي دور الانعقاد الحالي وبعد رفض الحكومة للقانون كان يجب على النواب اتخاذ الخطوة الدستورية السديدة والوحيدة مرة أخرى، وهي إعادة التصويت على القانون كما أقر سابقاً، وفي موقف مفاجئ تم إدخال تعديلات حكومية على القانون بدعم من نوابها الموالين لها في اللجنة المالية في حركة انقلابية مبتدعة ليس لها أساس من الدستور لتظهر لنا الحكومة سيطرتها الحقيقية على قرار المجلس.

بعد إقرار القانون المبتدع والمشوّه في المداولة الأولى، قبل أسبوعين، ظهرت مجموعة من النواب تدافع عنه وتبرر التعديلات الحكومية (وتمت عزيمة وزير المالية على قوزي ومفطح) ثم لما تكشفت التفاصيل المريبة في القانون وأهمها خصم مدى الحياة لمبلغ يصل حتى 10 في المئة من راتب التقاعد لمن يتقاعد قبل بلوغ سن 55 للرجل و50 للمرأة، وكذلك السماح للحكومة بالإحالة الإجبارية، علت موجات السخط الشعبية من هذه التعديلات الضارة بالموظف، فبدأ النواب يتراجعون ويقفزون من المركب الحكومي.

فالنائبة صفاء الهاشم مثلاً كانت من المبشرات بالقانون الحكومي الجديد ثم غيرت موقفها، وقالت إنها فوجئت ببعض تفاصيل القانون، والنائب علي الدقباسي الذي قال إنه وافق على القانون على مضض سارع إلى تقديم تعديلات عليه ليخفف من وطأة المعارضة الشعبية للقانون، أما النائب خليل أبل فقال في ندوة علنية إن الحكومة لا تملك الإحالة الإجبارية للتقاعد حسب أحكام محكمة التمييز، وعندما عارضه المغردون في تويتر مثل (@jasem_alabdaly) وأظهروا له الإحكام التي صدرت لصالح لحكومة في الإحالة الإجبارية لزم الصمت، واكتفى بالرد علينا قائلاً: "شكراً للمعلومة"، وأخيراً أعلن النائب الحميدي السبيعي رفضه للقانون بسبب عدم تمرير تعديلاته في اللجنة المالية، وهكذا "فلّت" السبحة النيابية.

لماذا يعجز النواب عن تمرير قانونهم الذي صوتوا عليه في دور الانعقاد السابق بأغلبية ساحقة؟ لماذا قبِل النواب اختلاس الحق الدستوري للبرلمان بإعادة التصويت على القانون كاملاً دون أي تعديلات؟ لماذا يسارع بعض النواب للدفاع المستميت عن التعديلات الحكومية على القانون؟ لماذا غيّر بعض النواب موقفهم من قانونهم الذي صوتوا عليه في دور الانعقاد الماضي؟ يا مجلس الأمة الموقر، ويا أيها النواب الكرام: هل أنتم ممثلون للشعب أم نواب عن الحكومة؟ والله الموفق.

back to top