نورة الوشيحي

نشر في 30-12-2018
آخر تحديث 30-12-2018 | 00:20
 محمد الوشيحي هي امرأة جاءت بين محمدين، كلٌّ منهما كانت له هجرته (جلوته الخاصة). أولهما أبوها محمد، الذي قضى حياته متنقلاً بين الكويت والسعودية واليمن والعراق بسبب مشاكل حدثت له، أو أحدثها بنفسه، في كل بلد يقيم فيه، قبل أن يعود إلى الكويت ويتوفى في مستشفى الأميري في الستينيات.

وثانيهما ابنها محمد، كاتب هذه المقالة، الذي اختار الهجرة إلى تركيا بعد أن انتزع الديك الرومي، في الكويت، جناحي النسر وحلق بهما في شاهق، وقنع النسر بالحياة في "عشة". عندها جمع ابنها ثيابه، وحزم حقائبه، وقبّل رأسها مودعاً بعد أن شرح لها الوضع، فتبسمت واشترطت عليه شرطاً واحداً: "لا تعد حتى أعطيك الإذن". وتم الاتفاق. وعندما عاد ابنها إلى الكويت في عام 2016 خاطبته بجفافٍ يغلف مشاعر الأم: "نكثتَ اتفاقنا"، فبيّن لها السبب، فاستعجلَت عودته إلى تركيا، فتم لها ذلك.

هي امرأةٌ من ذوات البأس الشديد. تختبئ نساؤنا خلفها عند الملمات. قال أخوها، رحمه الله، عنها: "فيها من الشجاعة ما يكفي سبعة رجال ويزيد"، وأقول أنا عنها: "فيها من الأنفة والشموخ والاعتداد بالنفس ما لا يخفى على عين من عرفها".

رحمك الله يا والدتي، وأسكنك فسيح جناته. "إنا لله وإنا إليه راجعون".

back to top