مفاجآت ترامب يحكمها ضمان التجديد له عام 2020

نشر في 29-12-2018
آخر تحديث 29-12-2018 | 00:03
 زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئة للعراق
زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئة للعراق
صُنفت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئة للعراق ضمن خطواته الهادفة إلى تحويل الأنظار عما يواجهه من متاعب سياسية لا تزال تتضخم يوماً بعد يوم، جراء سياساته المثيرة للجدل، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.

وكان ترامب تلقى انتقادات عديدة، حتى من حزبه الجمهوري، بسبب عدم قيامه بزيارة الجنود الأميركيين المنتشرين في مناطق قتالية حساسة، باعتباره تقليداً درج عليه الرؤساء السابقون، الأمر الذي فسر العجلة التي رتبت بها الزيارة.

لكن إخراجها أثار، في المقابل، انتقاد مسؤولين عراقيين، على خلفية عدم لقاء ترامب برئيس الوزراء، علماً أن رؤساء سابقين لم يلتقوا في زياراتهم «المفاجئة» برئيس الوزراء أيضاً، ليتبين بعدها أن تحريضاً إيرانياً يقف وراء ذلك، لإحراج واشنطن وتعزيز المطالبة بإخراج القوات الأميركية، أسوة بما جرى في سورية.

وسعى ترامب، الذي واجه موجة غضب عارمة جراء استقالة الوزير جيم ماتيس، إلى تخفيف الاحتقان مع قادة وزارة الدفاع، الذين ساءهم قرار الانسحاب من سورية، محاولاً امتصاص تداعيات قراره على أقرب مناصريه من قادة الكونغرس، عبر تأكيد أن القوات الأميركية باقية في العراق، وأنه لن يكرر «الغلطة» التي اقترفها سلفه باراك أوباما.

ورغم إصراره على الدفاع عن قرار الانسحاب من سورية، فإنه حاول الإيحاء بأن القوات الأميركية المنتشرة في العراق يمكن لها أن تقوم بعمليات داخل سورية إذا تطلب الأمر، في محاولة إضافية لتخفيف الضغوط. وهو ما لا يغير كثيراً في المعادلة التي يرغب في إرسائها، في ظل الشكوك التي تتهمه بأنه عقد اتفاقات سرية مع تركيا وروسيا.

لائحة التشكيك بنوايا ترامب لا تقتصر على هذا الأمر، بل تشمل ملفات أخرى خارجية وداخلية لا تقل حساسية عن ملف الانسحاب من سورية.

وأمام تضخم ملف التحقيقات، التي يتابعها المحقق الخاص روبرت مولر في قضية التدخل الروسي المحتمل بالانتخابات الأميركية، يسعى الرئيس الأميركي إلى تصوير معاركه، التي يخوضها مع خصومه، على أنها مواجهات مع قاعدته الشعبية، محاولاً رمي الكرة في ملعب الديمقراطيين، قبيل تسلمهم رئاسة مجلس النواب الجديد بعد أيام.

هذا ما يفسر إصراره على الإغلاق الجزئي للحكومة الفدرالية، رغم علمه بأنه سيخسر المعركة للحصول على مبلغ 5 مليارات دولار لتمويل الجدار مع المكسيك.

ترامب كان وافق على مشروع ميزانية لمواصلة تمويل الحكومة الفدرالية أعده مجلس الشيوخ، بموافقة الحزبين الجمهوري والديمقراطي، متضمناً بنداً لتمويل الجدار بقيمة 1.4 مليار دولار. لكن انتقادات متشددين محافظين، بلسان معلق إذاعي ومذيعة تلفزيونية، أجبرته على تغيير موقفه بين ليلة وضحاها. وهو ما أثار موجة مضادة من الانتقادات تساءلت عن أسباب عدم إنفاقه مبلغاً مماثلاً كان رُصد العام الماضي لتمويل الجدار، فلماذا إصراره على مبلغ المليارات الخمسة اليوم؟

كما تساءلت قيادات من الحزبين أيضا عن الأسباب التي منعته، خلال عامين من تسلمه السلطة ومن سيطرة الحزب الجمهوري على كل من الرئاسة ومجلسي الشيوخ والنواب، من تمرير بناء الجدار كما يشتهي.

وأمام فشله في إجبار المكسيك على تمويل بناء الجدار، كما وعد، يستدير ترامب لتحميل المواطن الأميركي هذه الكلفة، في حين تشير استطلاعات الرأي إلى أن هذا الأمر ليس من أولوياته، وآراء خبراء الأمن وتقارير أجهزة الأمن الأميركية تؤكد أن تأثيرات بناء الجدار محدودة جداً، ولن تغير كثيراً في ضمان أمن الحدود.

ومع عدم توصل مجلس الشيوخ إلى اتفاق جديد أخيراً، يتوقع على نطاق واسع أن يواصل ترامب تمسكه بالإغلاق الجزئي إلى ما بعد تسلم الديمقراطيين رئاسة مجلس النواب، ليبرر تراجعه بعدها أمام قاعدته الشعبية، محملاً الديمقراطيين المسؤولية بعدما فشل في إقناعهم من دون أن يفرط بوعوده الانتخابية، وملقياً المسؤولية عن معاناة مئات آلاف الموظفين، جراء عدم تلقيهم رواتبهم على خصومه، في سياق استعداداته لمعركة الانتخابات المقبلة عام 2020.

back to top