سدانيات: الثور ديمقراطي!

نشر في 29-12-2018
آخر تحديث 29-12-2018 | 00:09
 محمد السداني في حوار دار بأحد الدواوين عن حكم المحكمة الدستورية الذي أقر عدم دستورية المادة 16 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، كان النقاش محتدماً بين مؤيد ومعارض، ولم يكن هناك مختص في القانون إلا شخصاً واحداً، ولكن الحالة السياسية المعقدة جعلت من الجميع خبراء دستوريين، الغريب في الأمر أنَّ جميع نقاشاتنا ونقاشات الكثير من الدواوين والتجمعات السياسية وغيرها من الفعاليات لا تؤثر في المشهد قيد أنملة! والسبب في ذلك أننا نعيش نظاماً ديمقراطياً منقوصاً ومفصلاً على أشخاص وهيئات معينة لا يمكن أن يخرج عنها أو عن مسارها.

النظام الديمقراطي الذي نعيشه أشبه ما يكون بثور مغمض العينين ومربوط بساقية الماء يظن جهلاً بحركته أنه سار وتقدم مسافة طويلة وفي الواقع أنه لم يتقدم شبراً واحداً عن مساره الذي رُسِم له! وحالنا بعد سنوات طويلة من الديمقراطية التي أصبحت نقمة علينا أنْ نظنَّ أنَّنا تقدمنا كثيراً في ممارساتنا الديمقراطية، والحقيقية أننا نراوح مكاننا ولا شيء يتغير سوى الأشخاص والأسماء، أمَّا المضمون فواحد والممارسة واحدة ولم يتغير مشهد الستينيات ولا السبعينيات عن مشهد 2018 ؛ لأنَّنا بكل بساطة لم نلتفت إلى مثالب الممارسات القديمة والأخطاء السابقة وبقينا نمارس ديمقراطية «المسموح» و»الممكن» حتى وصلنا إلى مرحلة ديمقراطية «أعجبتك أم لم تعجبك».

إنَّ الديمقراطية الشوهاء التي نعيشها في هذه الأيام وَلَّدت لنا مناخاً سياسياً فاسداً لا يمكن أن يخرج من رحمه مصلحون حقيقيون مهما حاولوا أو ادعوا ذلك! فكل المؤشرات التي نشاهدها تنبئ بأنه لا مجال للإصلاح إلا عن طريق ممارسة ديمقراطية حقيقية يكون فيها العمل النيابي عملاً مؤسسياً وجماعياً، وتكون هناك رؤية شاملة لمجموعة تدخل المجلس ببرنامج عمل متفق عليه ورؤية موحدة تجبر أقوى وأعتى الحكومات أن تحترمها، أما مجلس الخمسين رؤية والخمسين برنامجاً فهذا أفضل ما يطلق عليه فوضى منظمة بامتياز وتصب في صالح المستفيد الأكبر منها.

فديمقراطية «النص كُم» لم تعد تنطلي على الشعب الذي أصبح يفتي ويستفتي في الأحكام الدستورية والقضايا السياسية الإقليمية والعالمية، وأعتقد أن الوقت حان لكي نرى ممارسة جديدة تصدمنا وتجعل الثور، الذي ظل يسعى مربوطاً في ساقية الأماني، يعي أن حياته ستنتهي عند أعتاب الساقية، وأنَّ ثورا آخر سيأتي بعده مبصراً كان أو أعمى سيفي بالغرض مادام سيؤدي دوره المطلوب منه على أكمل وجه.

خارج النص:

- تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا المنتخبة عندما قرر البرلمان أن يطرح فيها الثقة جاءت بعدها وعتادها وقضها وقضيضها تواجه من يدعي أنَّها مقصرة أو تسببت في خسارة للبلاد والعباد، ودون أي مساومات أو عطايا أو مجاملات حصلت على 200 صوت يرفض طرح الثقة مقابل 117 صوتاً يؤيد رحيلها.

- ليتنا تعلمنا الديمقراطية البريطانية كما تعلمنا الكثير منها، وليتهم لم «يكوّتوا» الديمقراطية ولم نرَ مثل هذه الممارسات التي لا توجد في سياسات العالم جميعها إلا في الكويت!

back to top