«التعاون الخليجي» ضرورة يحتمها التاريخ ويفرضها الواقع

نشر في 25-12-2018
آخر تحديث 25-12-2018 | 00:10
 يوسف عبدالله العنيزي في الخامس والعشرين من شهر مايو عام 1981 أُعلِن في مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتم اختيار الرياض لتكون مقراً للأمانة العامة للمجلس. وكانت فكرة قيام المجلس قد طُرِحت أثناء الزيارة التاريخية التي قام بها سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، بتاريخ 16/5/1979 إلى مدينة أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة التي أعلن عن قيامها بعد انسحاب بريطانيا، وقد أثنى سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على هذه الفكرة، التي حظيت بموافقة كريمة من قادتنا في ذلك الوقت، طيب الله ثرى من انتقل منهم إلى رحمة الله، وأطال عمر من بقوا لنحظى بنصائحهم وتوجيهاتهم.

ولا شك أن استمرار عقد الاجتماعات الدورية للقمة يعبر عن الوفاء والإخلاص لمن قام بتشييد هذا الصرح على قواعد راسخة، لا على شفا جرف هارٍ، فقيام منظومة مجلس التعاون ضرورة يحتمها التاريخ، ويفرضها الواقع الذي يعيشه عالمنا اليوم، بعد أن ضاعت معالم الطريق.

لقد تابع المواطن الخليجي اجتماع القمة الدوري لقادة دول مجلس التعاون بتاريخ 7/ 12 /2018 في مدينة الرياض وكانت قلوبنا تهفو إلى ذلك الاجتماع مع الدعاء للباري عز وجل أن يوفق القادة في الحفاظ على بقاء المجلس واستمراره صرحاً شامخاً في وجه من يحوك الدسائس للنيل منه، فقد ضاعت معالم الطريق وغدا من الصعب التمييز بين العدو والصديق، فمن يصافحك اليوم قد يغرس الخنجر في صدرك غداً، تلاشت المبادئ وطغت المصالح، ولعل الأكثر إيلاماً أن يستعين البعض بالأجنبي لقتل أهلنا وإخوان لنا، مع تأكيد أن دول المجلس تمثل "عقداً" إذا ما انفرط لا سمح الله فستتناثر حباته في كل الاتجاهات، وهناك من ينتظر تلك اللحظة ليلتهم تلك الحبات بغض النظر عما إذا كانت صغيرة أو كبيرة، فالكل في مرمى الخطر.

وهنا لابد من الوقوف طويلاً أمام الكلمة الرائعة التي تفضل بها حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، والتي جاءت معبرة عما يجيش في أفئدة ووجدان شعب الخليج من ألم وحسرة على ما أصاب هذا الصرح العظيم من تصدع سيؤدي بالضرورة - إن لم نتجاوزه- إلى اهتزاز أركانه، وبالتالي فقدان ثقة دول العالم وعدم قدرتنا على المحافظة على اتفاقياتنا مع الدول الصديقة ومصالحها، كما أشار سموه في كلمته المؤثرة إلى سلاح الإعلام الذي غدا خناجر تحفر الأخاديد في جسد هذا الصرح الأخوى بكم هائل من الكراهية والأحقاد التي ستبقى غائرة في مجتمعاتنا، كما قال الشاعر:

وقد يُرجى لجرح السيف بُرْءٌ

ولا برءٌ لما جرح اللسان

جراحات السنان لها التئام

ولا يلتام ما جرح اللسان

وجرح السيف تدمله فيبرا

ويبقى الدهر ما جرح اللسان

ندعو الله أن يحفظ دولنا وقادتنا ويوفقهم لتحقيق طموحات شعبنا الخليجي للمزيد من التقدم والتنمية... حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top