اشتباكات عنيفة تستبق سريان «هدنة الحديدة» بعد غد

مفاوضات لتشكيل لجان إدارة الميناء ومشروع قرار بريطاني في مجلس الأمن لتثبيت نتائج مشاورات السويد

نشر في 17-12-2018
آخر تحديث 17-12-2018 | 00:05
مرضى بعد إجراء عمليات جراحية لهم بالعين داخل مشفى في صنعاء أمس الأول (أ ف ب)
مرضى بعد إجراء عمليات جراحية لهم بالعين داخل مشفى في صنعاء أمس الأول (أ ف ب)
يدخل اتفاق تم التوصل إليه خلال مشاورات السلام اليمنية التي استضافتها السويد أخيراً لوقف إطلاق النار بين المتمردين الحوثيين وحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي حيز التنفيذ بعد غد، في حين شهدت المدينة الاستراتيجية اشتباكات عنيفة بين طرفي النزاع استباقاً للهدنة ولقرار أممي مرتقب طرحته بريطانيا حول الأزمة اليمنية.
شهدت مدينة الحديدة الساحلية غرب اليمن أمس اشتباكات متقطعة بعد ليلة من المواجهات والغارات في المدينة ومناطق أخرى قريبة منها، هي الأعنف منذ انتهاء مشاورات السلام التي جرت برعاية الأمم المتحدة بين طرفي النزاع اليمني في السويد الخميس الماضي.

واستبقت الاشتباكات العنيفة دخول اتفاق لوقف إطلاق النار، تم التوصل له خلال مشاورات السلام، بالمدينة الاستراتيجية حيز التنفيذ بعد غد الأربعاء.

تبادل اتهامات

وتبادل طرفا النزاع، الاتهامات بشأن انتهاك التفاهم على خفض التصعيد الذي تم التوصل له خلال مشاورات السويد.

واستخدمت الرشاشات والمدافع والأسلحة المضادة للطيران في مواجهات الحديدة أمس، فيما حلق طيران التحالف الذي تقوده السعودية دعما للرئيس هادي.

وتحدّث مسؤول في القوات الموالية للحكومة عن مقتل 22 متمردا وسبعة من عناصر القوات الحكومية في الاشتباكات والغارات بالحديدة ليل السبت - الأحد.

واتّهم المسؤول المتمردين بشن "هجوم كبير" على موقع للقوات الحكومية في مديرية الدريهمي جنوب مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، مؤكداً أن القوات الحكومية تمكّنت من صدّه ومن أسر 7 من المتمردين.

في المقابل، اتّهم المتمردون عبر قناة "المسيرة" الناطقة باسمهم القوات الموالية للحكومة بقصف أحياء سكنية في الحديدة ومناطق أخرى في المحافظة التي تحمل الاسم نفسه بعشرات القذائف. كما اتّهموا التحالف بشن غارات على مناطق متفرقة.

موعد ومحادثات

في غضون ذلك، قال نائب وزير الإعلام في الحكومة التابعة للمتمردين الحوثيين، فهمي اليوسفي إن وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة الذي أبرم برعاية الأمم المتحدة سيدخل حيز التنفيذ خلال أيام بحد أقصى الأربعاء المقبل.

وأشار فهمي اليوسفي في مقابلة مع "بي بي سي" إلى أن محادثات جرت أمس في السويد لتشكيل اللجان الاقتصادية والأمنية من ممثلين من الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً لإدارة ميناء الحديدة وتنفيذ انسحاب الأطراف المتحاربة منه تحت إشراف الأمم المتحدة.

وأوضح أن انسحاب الأطراف المتقاتلة سيكون إلى مواقع خارج المحافظة، على أن تتولى السلطات المحلية فيها حفظ الأمن والاستقرار بإشراف مباشر من الأمم المتحدة.

وأشار إلى أن ثمة مراقبين دوليين سيصلون لمراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة وأن حركة "أنصار الله" الحوثية ترحب بخطوة وصولهم.

إشادة حوثية

ورغم الاشتباكات المتواصلة منذ انتهاء مشاورات السويد، أشاد المتمردون أمس الأول بالاتفاقات التي تم التوصل إليها في أول محادثات بين الطرفين منذ 2016.

وقال وزير الإعلام في حكومة المتمردين غير المعترف بها دولياً ضيف الله الشامي إن ما تحقق هو "إنجاز"، مؤكّدا "دعم حكومة الإنقاذ الوطني وتعاطيها الإيجابي مع الاتفاق".

ولاحقاً، كشف القيادي بجماعة "أنصار الله" محمد علي الحوثي، أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص مارتن غريفيث سلم رسالة لرئيس وفد جماعته حدد فيها موعد وقف إطلاق النار في الحديدة، ودعا دول التحالف العربي للالتزام به.

وبعد أكثر من أربع سنوات من الحرب، توصّلت الحكومة اليمنية والمتمردون في محادثات في السويد استمرت لأسبوع، إلى اتفاق لسحب القوات المقاتلة من مدينة الحديدة ومينائها الحيوي الذي يعتمد عليه ملايين اليمنيين للتموين، ووقف إطلاق النار في المحافظة.

كما اتّفق طرفا النزاع على التفاهم حيال الوضع في مدينة تعز التي تسيطر عليها القوات الحكومية ويحاصرها المتمردون، وعلى تبادل نحو 15 ألف أسير، وعقد جولة محادثات جديدة يناير المقبل لوضع أطر سلام ينهي الحرب.

ويرى محللون أن الاتفاقات التي تم التوصل إليها هي الأهم منذ بداية الحرب لوضع البلد الفقير على سكة السلام، لكن تنفيذها على الأرض تعترضه صعوبات كبيرة، بينها انعدام الثقة بين الاطراف.

إلى ذلك، أفادت مصادر أمنية وسكان في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية تقوم بعمليات اعتقال واسعة لضباط جهاز الاستخبارات "الأمن القومي" في العاصمة الخاضعة لسيطرتها، وسط مخاوف حوثية من مواجهة تمرد شعبي.

قرار أممي

وتأتي تلك التطورات في وقت يجري إعداد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي حول مفاوضات السويد مع توقعات باقراره في غضون أسبوع.

وكشفت مصادر أن البعثة البريطانية بمجلس الأمن تعمل حالياً على مشروع القرار الذي يتوقع أن يشمل الترحيب بنتائج مشاورات السويد، وقد يُطرح للتصويت الثلاثاء المقبل، إذا اتفقت الأغلبية على النص.

ويسعى القرار إلى تشكيل لجنة للتنسيق وإعادة الانتشار والمراقبة، ومنحها التفويض القانوني من مجلس الأمن للتسريع في تطبيق اتفاقيات السويد.

وأوضحت المصادر أن مجموعة الخبراء توافقت على مجموعة من الأهداف، أهمها منح المبعوث الخاص، الدعم الصريح لتحقيق اتفاقيات السويد، ومنح التفويض اللازم للأمانة العامة للقيام بمهام المراقبة، كذلك حشد التأييد الدولي للجهود الدبلوماسية والإنسانية.

وقال دبلوماسيون إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد يقترح قريباً على مجلس الأمن آلية مراقبة للميناء ومدينة الحديدة تضم بين 30 إلى 40 مراقباً.

وأوضح دبلوماسيون أنه ليس من المستبعد أن ترسل الدول بعض المراقبين على الأرض في مهمة استطلاعية قبل اتخاذ قرار رسمي. وذكر أحدهم كندا وهولندا كبلدان ممكنة.

وأمس، كرّرت واشنطن دعوتها كل الأطراف إلى الالتزام بوقف إطلاق النار في الحديدة التي يمر عبر مينائها غالبية المساعدات الانسانية والمواد الغذائية الموجّهة إلى ملايين السكان في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

وكتبت السفارة الاميركية في الرياض في تغريدة على "تويتر": "من الآن فصاعدا، يجب أن يستمر الجميع في الانخراط، ويقلل من حدة التوتر، ويوقف الأعمال العدائية الجارية. هذه أفضل طريقة لإعطاء هذه المشاورات المستقبلية والمقبلة فرصة للنجاح".

تبادل اتهامات بخرق «وقف التصعيد» والميليشيات تشن حملة اعتقالات بصفوف ضباط الاستخبارات في صنعاء
back to top