اليوم الوطني لدولة قطر

نشر في 17-12-2018
آخر تحديث 17-12-2018 | 00:07
فيما يلي كلمة سفير قطر لدى الكويت بندر بن محمد العطية، بمناسبة الاحتفال بذكرى اليوم الوطني لتولي مؤسس دولة قطر الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني الحكم في البلاد، والموافق 18 ديسمبر من كل عام.
 السفير القطري بندر بن محمد العطية يسعدني بمناسبة احتفال واحتفاء قيادة وشعب دولة قطر بالمناسبة الوطنية المجيدة المتمثلة في ذكرى تولي مؤسس دولة قطر الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني آل ثاني، الحكم في البلاد، أن أتقدم لمقام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، حفظه الله، ولمقام صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، حفظه الله، ولشعب دولة قطر الوفي لقيادته، الفخور بها المؤازر لها ولحكومة دولة قطر الرشيدة، بأسمى التهاني وأطيب التمنيات بمناسبة هذه الذكرى الوطنية العظيمة، والتي تعتبر محطة انطلاق تاريخ مجيد، ودافعاً لمزيد من الجهد والعمل والعطاء لترسيخ أعمدة الصرح الذي شيده الآباء المؤسسون، وما تركوه من إرث عظيم، وما غرسوه من شجر طيب أصله ثابت وفرعه في السماء، فأثمر دولة فتية أصبح لها دورها ومكانتها بين الأمم وتاريخها بين الحضارات.

إن دولة قطر، بتوفيق الله وفضله، وحكمة وحنكة قيادتها الرشيدة، تخطو بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقا ونماء وتطورا وازدهارا، وإن ما شهدته الدولة من تطور واستقرار وأمان ونهضة كبرى في جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبنية التحتية خلال العقدين الماضيين يشكل طفرة مميزة لتجربة ناجحة استطاعت أن تطرق أبواب المستقبل بمثابرة أبنائها المخلصين وشعبها المعطاء.

إن الدول المتقدمة لا تقوم إلا على أسس ثابتة بحيث تتواءم السياسة مع التخطيط، والهدف مع الثوابت، والإنجاز مع القدرات والطموح، وإن نجاح دولة قطر في كل هدف وضعته لنفسها إنما هو نتيجة لثبات سياستها الاقتصادية والاجتماعية وعلاقاتها الخارجية الوطيدة مع الدول الشقيقة والصديقة.

وفي هذه الذكرى نستعرض صفحات قليلة من السجل الناصع لتوجهات الدولة وإنجازاتها.

السياسة الخارجية والجهود الإنسانية

إن سياسة دولة قطر تقوم على الثوابت الدولية التي أقرها ميثاق الأمم المتحدة والمبنية على احترام سيادة الدولة واستقلالها، وعدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية، وكذلك على ما ظلت تحرص عليه وستظل في التزاماتها بكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية.

وكانت دولة قطر وستبقى، إن شاء الله، إحدى ركائز دعم السلم والأمن الدوليين، وقد شاركت بفعالية في كافة التحالفات الهادفة لمحاربة الإرهاب ومكافحة دعمه وتمويله بكل الأشكال، كما تم توقيع العديد من الاتفاقيات في هذا الإطار مع عدة دول، لإرساء دعائم السلم بما يحقق الاستقرار في المنطقة، ويؤدي للتنمية، ويشجع نبذ الحرب والاقتتال والتطرف.

ولا يخفى دور دولة قطر البارز في قيامها بدور الوساطة في العديد من مناطق النزاعات، وعلى سبيل المثال لا الحصر بين الإخوة في السودان "دارفور"، وفي فلسطين، ولبنان، وغيرها، كما ظلت تؤكد على مواقفها الثابتة من قضايا أمتها العربية والإسلامية وموقفها الثابت والدائم من دعم القضية الفلسطينية، وصمود الشعب الفلسطيني بما يضمن إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، بالإضافة إلى دعواتها ودعمها للاستقرار وحل النزاعات بالطرق السلمية في كل من ليبيا، وسورية، واليمن، وغيرها من بؤر التوتر.

كما تساهم دولة قطر في كافة الجهود المتعلقة بالمساعدات الإنسانية، وتعتبر في طليعة الدول المانحة للمتضررين في مناطق النزاع، كما لها إسهامات ضخمة في إعادة الإعمار، وتسهيل استقرار النازحين من المناطق التي تأثرت بالنزاعات في العديد من مناطق العالم.

كما نذكر جهود مؤسسة "التعليم فوق الجميع" القطرية وشركاءها، والتي دشنت برنامج "علم طفلاً"، الهادف إلى تمكين 10 ملايين طفل من المهمشين والمحرومين من الالتحاق بالمدارس في 50 بلداً حول العالم.

ولعل تلك السياسة هي ما أكسبتها ذلك الموقع المتميز في كافة المؤسسات الدولية.

السياسة الداخلية

إن دولة قطر تقوم على أسس راسخة من النظام الشوري، منذ أن تم إقرار الدستور الذي كفل الحريات، وحقق المساواة بين أفراد المجتمع، وأقر تكافؤ الفرص، وحدد الحقوق والواجبات بمقتضى القانون، وقد تمثل ذلك في قضاء نزيه مستقل، وصحافة ووسائل إعلام حرة تمارس الحرية المسؤولة، ولم تقتصر الحقوق على المواطنين فحسب، بل شملت الإخوة المقيمين على هذه الأرض الطيبة الذين يشاركون في بناء نهضتها، حيث صدرت تشريعات متقدمة تكفل للعاملين كافة الحقوق، ومقاضاة جهات الاستخدام لنيل حقوقهم، كما تم إلغاء نظام الكفيل، وتسهيل مغادرة العاملين، وتيسير الانتقال بين جهات العمل، بل ومنح الجنسية القطرية لمن يقدمون خدمات جليلة من الإخوة المقيمين، وفتحت دولة قطر أبوابها للمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والعمالة، للتأكد والاستقصاء عن وضع العمالة، وأجواء العمل وحقوق العمال.

وقد لاقت تلك الخطوات استحسانا وترحيبا وإشادة دولية في تلك المنظمات، وكافة الجهات ذات الصلة.

تطور المجتمع وبناء الإنسان

تدرك دولة قطر، وهي تضع خططها للمستقبل، أن بناء الإنسان هو حجر الزاوية في أي نهضة حقيقية، لذلك اهتمت ببناء الأسرة، ومن أهم أعمدتها المرأة والطفل، ووقعت دولة قطر الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المرأة واحترامها، وحماية حقوق الطفل وتنشئته حيث وفرت للأسرة القطرية كافة المقومات للاستقرار والتربية السليمة القائمة على مبدأ حب الوطن والعروبة والإسلام.

وكذلك جعلت الدولة التعليم بكافة مراحله في صدارة اهتماماتها، فهيأت رياض الأطفال والتعليم العام، والتعليم العالي على أحدث الطرق والوسائل والمناهج، كما خطت خطوات أوسع وأشمل في توطين التعليم، حيث استقطبت أفضل الجامعات العالمية لدولة قطر، خصوصا في المجالات العلمية، بما أتاح الفرصة لأبناء دولة قطر وغيرها من دول المنطقة والعالم لمواصلة تعليمهم على أحدث المناهج في بيئة مشابهة لبيئتهم الطبيعية، وبما يحفز أكثر على العطاء، ويخلق أجواء مستقلة للطلاب، وكان لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع الدور البارز في كل ذلك الجهد الكبير.

النمو الاقتصادي

لقد حبا الله دولة قطر بثروة الغاز والنفط، حيث تعتبر أكبر مصدر للغاز في العالم، وقد أحسنت استغلال ثرواتها في بناء الإنسان، والمنشآت الكبرى، بالإضافة إلى بناء جيش قوي، وقد شهدت دولة قطر نموا مطردا في الاقتصاد، نظرا لكونها تتمتع بملاءة مالية أكسبتها ثقة العالم، مما جعلها تحتفظ بحسب التصنيف الدولي لمراكز التقييم الائتماني بمواقع متقدمة في الترتيب الخليجي والدولي، وكذلك في المؤشرات الخاصة بالشفافية والحرية والإدارة وغيرها.

ورغم التذبذب في أسعار النفط والغاز في السنوات الأخيرة، فإن دولة قطر لم تتأثر وتمكنت من تجاوز ذلك بتنويع مصادر الدخل، كما ظل دخل الفرد في قطر الأعلى في العالم بشهادة تقارير المؤسسات العالمية المرموقة مثل البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وكذلك شهد معدل النمو في قطر تحسناً، ووفقا لتقرير البنك الدولي، فقد توقع ان يرتفع معدل النمو العام في دولة قطر إلى 2.8 في المئة بنهاية هذا العام 2018.

ولم تقتصر جهود دولة قطر على الغاز والبترول، إذ تم بحمد الله افتتاح ميناء حمد الدولي، الذي يعتبر من أكبر وأحدث الموانئ في الشرق الأوسط، وتم بموجب ذلك إبرام العديد من الاتفاقيات مع خطوط النقل البحري المهمة لربط هذا الميناء بمرافئ دولية في الكويت، وتركيا، والصين، وتايوان، وعمان، وباكستان، وسنغافورة، وأستراليا، وسيتم ربطه بالمزيد من موانئ العالم في المستقبل القريب.

وكانت دولة قطر قد شهدت من قبل افتتاح أكبر مطار في الشرق الأوسط، وهو مطار حمد الدولي، الذي أصبح يوفر الخدمة لعشرات الملايين، وسيشهد قريباً افتتاح مراحل أخرى قيد التشييد، وهو بين أفضل خمسة مطارات في العالم، فيما أصبحت الخطوط الجوية القطرية واحدة من أكبر المؤسسات، وتمتلك أحدث الطائرات وتربط بين كافة قارات العالم، وإن مسيرة التنمية ماضية، وقافلة النمو لن تتوقف بإذن الله.

التطور في الخدمات والبنية التحتية

تنتظم دولة قطر الآن حركة لا تهدأ لكمال البنية التحتية بعد أن شهدت تطورا كبيرا في العمران والتوسع، وقد جعلت المناسبة الكبرى في المنطقة والشرق الأوسط، وهي إقامة كأس العالم 2022 على أرض قطر، أنظار العالم كله تتجه نحوها، مما فرض توجها نحو بناء مشاريع ضخمة في الطرق والجسور والميادين والفنادق والمتنزهات، وهو ما شارف معظمه على الانتهاء، وقد تم بحمد الله تدشين "ملعب خليفة الدولي" كأول ملاعب مونديال 2022، فكان بداية خير كشفت للعالم ما تتمتع به دولة قطر من قدرات، وسيتم افتتاح ما تبقى خلال العامين القادمين إن شاء الله.

واستقبلت دولة قطر العديد من الوفود الدولية لمتابعة والتأكد من أن الخطة الشاملة لإقامة كأس العالم، من حيث المباني والميادين والمنشآت ذات الصلة، تسير بحسب البرنامج، وقد أشادت تلك الجهات بما شاهدته وأكدت ثقتها بجاهزية دولة قطر، وإن العالم سيشهد احتفالية عالمية غير مسبوقة.

الاستثمار والسياحة

تهتم دولة قطر بقطاع الاستثمار، لذلك حرصت على وضع قوانين تشجيع الاستثمار، بما يسهل الإجراءات الحكومية والحوافز التي تمنحها الدولة، سواء فيما يتعلق بالأراضي أو الطاقة أو العمالة أو حركة أموال المستثمرين، مع توفير الضمانات الائتمانية الكافية في هذا المجال، وهي تسعى لجذب رأس المال من كل دول العالم من خلال ما توفره من تسهيلات وضمانات.

وتولي دولة قطر اهتماما كبيرا بقطاع السياحة، لذلك تقوم بتوفير المرافق التي تهيئ الإقامة الطيبة للسياح، كما قامت بإنشاء العديد من المناطق الترفيهية، ولجأت لتحديث الأسواق التراثية وإنشاء المتاحف، وسيتم في مارس المقبل، بمشيئة الله، افتتاح متحف قطر الوطني على مساحة أكثر من 50 ألف متر مربع، وسيكون تحفة معمارية رائعة، ويمثل إضافة لمتحف الفن الإسلامي بالدوحة، كما تم تطوير المناطق الساحلية.

ولا شك أن اكتمال البنية التحتية الخاصة بمشاريع 2022 سيحول البلد إلى تحفة فنية تسر الزائرين.

العلاقات القطرية - الكويتية المتميزة

لسنا في حاجة لتأكيد المؤكد بشأن علاقات البلدين والشعبين الشقيقين المميزة والمتميزة والضاربة بجذورها في أعماق التاريخ المجيد، لأن هذه العلاقة علاقة أواصر إخاء، وروابط دم، ووشائج قربى، وثمرة أخوة أكدتها الأحداث الجسام والمؤازرة في أوقات الشدة والرخاء.

إنها سانحة أعرب فيها عن بالغ سعادتي وأنا أتشرف بالعمل سفيرا لبلادي في دولة الكويت الشقيقة، بلد أمير الإنسانية والخير والسلام، حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله، أمير الحكمة والتواضع، الذي جعل أمن واستقرار الخليج والمنطقة وسعادة شعوبها في صدر أولوياته، وحمل هموم الخليج، كما حمل هموم العرب، وامتد عطاؤه ليشمل العالم بأسره قائداً للانسانية، وبذلك نال هذا الوسام الرفيع من التقدير والمحبة بين كافة قادة وشعوب العالم.

ولا يفوتني هنا الإشادة والتنويه بالوساطة الكويتية الكريمة لصاحب السمو أمير دولة الكويت الشقيقة الهادفة لحل الأزمة الخليجية من داخل البيت الخليحي.

والشكر لشعب الكويت الشقيق، قيادة وشيوخاً وحكومة ومسؤولين ومواطنين كراماً، لما وجدت منهم من صدق الترحاب، وغاية المودة، حيث وجدت نفسي في وطني الثاني حقا وبين أشقائي وأهلي.

والشكر موصول لوسائل الإعلام الكويتية لدورها البناء في إرساء قواعد العلاقات الكويتية- القطرية، والحفاظ على ثوابت الإخاء والتعاون والعمل على تعزيزها.

وبمشيئة الله سأبذل قصارى جهدي لتعزيز علاقات البلدين والشعبين الشقيقين، لتكون وتبقى نموذجا يحتذى ومثالا يشار له بالبنان، تنفيذاً للتوجيهات السامية لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، حفظه الله، وحفظ الله بلادنا وشعوبنا من كل مكروه، وأدام عليها نعمة الأمن والرخاء.

صاحب السمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد حمل هموم العرب وامتد عطاؤه ليشمل العالم بأسره قائداً للإنسانية لذا نال هذا الوسام الرفيع من التقدير والمحبة بين جميع قادة وشعوب العالم
back to top