1.2 مليار دولار لإزالة الألغام... ولا نتيجة

8 عقود أبرمتها «الدفاع» لنزعها ومازالت تشكل خطراً منذ الغزو الغاشم

نشر في 16-12-2018
آخر تحديث 16-12-2018 | 00:14
صورة تناقلتها وسائل التواصل الإجتماعي لظهور الالغام في صحراء الكويت
صورة تناقلتها وسائل التواصل الإجتماعي لظهور الالغام في صحراء الكويت
في ملف يحار واصفه بين أن يكون فضيحة أو وصمة أو في أحسن الأحوال تكاسلاً وعدم مسؤولية... مازالت الجهات الحكومية المعنية، بعد أكثر من 27 عاماً من أحداث الغزو العراقي المشؤوم، عاجزة عن تطهير أرض الكويت مما دنس به المعتدي أراضيها من ألغام، رغم إبرامها ثمانية عقود خصصتها لهذه الغاية بمبالغ تفوق 1.2 مليار دولار، ليبقى سكان الكويت مهددين بتلك الألغام التي تفجر بعضها مع أزمة الأمطار الأخيرة، ومازال كثير منها مخبوءاً في ثراها لينهي حياة من يقترب منه في أي وقت وبلا مقدمات.

وتظهر أرقام حكومية وقوع نحو 170 انفجاراً حتى عام 2003، في حين كشفت وزارة الداخلية، قبل يومين، عن تلقيها في الفترة من مطلع نوفمبر الماضي إلى 13 ديسمبر الجاري «307 بلاغات عن وجود ألغام وقنابل عنقودية».

وأظهرت أجوبة الحكومة عن أسئلة للنواب بشأن هذه الألغام منذ عام 1992 حتى تاريخه، وحصلت «الجريدة» على نسخ منها، أن وزارة الدفاع وحدها وقّعت 6 عقود حتى نوفمبر 1992 لإزالتها بقيمة 532 مليون دولار، وعقداً مع شركة فرنسية عبر وكيل محلي بـ 600 مليون فرنك سويسري، وآخر مع شركة بريطانية بـ 59 مليون جنيه إسترليني، ليبلغ إجمالي قيمة العقود الثمانية ما يعادل نحو 1.207 مليار دولار.

وكان واضحاً من تلك الأجوبة أنه لا يوجد في مجال التطهير من الألغام أو المفرقعات إنجاز بنسبة 100%، مما يثير أسئلة عما إذا كان عدد الانفجارات التي حدثت بسبب الألغام حتى تاريخه عادياً، وما إذا قامت الشركات المتعاقد معها، وحصلت على الملايين، بالأعمال الموكلة إليها على أكمل وجه، بنفسها، أم باعت المناقصة لأخرى من الباطن.

وبالعودة إلى أجوبة الوزراء، وجدنا أنه بتاريخ 23 نوفمبر 1992 تسلّم النائب، آنذاك، عبدالله النيباري إجابة وزير الدفاع وقتها الشيخ علي الصباح، عن سؤاله بشأن «عدد العقود التي أبرمتها الكويت من أجل تطهير اليابسة من الألغام البرية، وكذلك مياه الكويت من الألغام وقيمة كل منها»، والتي أكد فيها أن ما خلّفه الجيش العراقي من ألغام ومواد متفجرة وذخائر وغيرها من المواد الخطيرة في مختلف الأماكن تشكّل خطراً محدقاً لا يقل خطورة عن الغزو، لذلك وضعت الوزارة ضمن أولوياتها المهمة تطهير يابسة ومياه الكويت من السموم التي زرعها الجيش العراقي لتودي بأرواح كثير من الأبرياء، وتحرمهم من التمتع بممارسة حياتهم الطبيعية.

1.2 مليار دولار لإزالة الألغام... ولا نتيجة

وكان لافتاً إجابة أخرى للشيخ علي الصباح بتاريخ 3 أغسطس 1993، عن سؤال للنائب آنذاك مبارك الدويلة عما نشرته «الإكسبرس الفرنسية» حول اختفاء نحو 50 مليون فرنك فرنسي من قيمة عقد إزالة الألغام بين الحكومة وإحدى الشركات الفرنسية التي تم التعاقد معها، ولم تكن ضمن الشركات التي قدمت عروضاً لإنجاز المهمة المطلوبة.

واللافت في الإجابة أنها لم تنفِ ما ذكره النائب السائل في سؤاله من معلومات حول اختفاء المبلغ، لكنها اكتفت بمطالبته بتزويد الوزارة بنسخة عن هذا التقرير ليتسنى لها التحقق من الأمر والإجابة عن السؤال.

وفي 10 يوليو 1998، تسلّم النائب آنذاك مفرح نهار المطيري رد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ سالم الصباح، على سؤاله حول حادث وفاة ابن أحد المواطنين نتيجة انفجار لغم، وبيّن الوزير أن الحادث «وقع في القطاع المصري بمنطقة المرحلة الثانية، التي أُسند إلى الجيش المصري مهمة تطهيرها، ونظراً إلى أن هذه المرحلة لا يتخللها حقل ألغام، فإن وفاة الطفل ليست نتيجة لانفجار لغم، والجهة التي تولت التحقيق هي التي تحدد ماهية الجسم المتفجر ونوعه».

ولفت الوزير إلى أنه «تم إصدار شهادة إنجاز بتطهير الموقع الذي تم فيه الحادث، وفقاً للقواعد الفنية المعمول بها، علماً بأنه وفقاً لأحكام القواعد الدولية المتعارف عليها، لا يوجد في مجال التطهير من الألغام أو المفرقعات إنجاز بنسبة 100%، لاستحالة ذلك».

ومن الأرشيف رصدت «الجريدة» إجابة في مجلس 1999 لرئيس مجلس الوزراء، سمو الشيخ جابر المبارك، عندما كان وزيراً للدفاع، أرسلها بتاريخ 25 يناير 2003 إلى مجلس الأمة، رداً على سؤال للنائب عبدالله الرومي (حيث كان عضواً في الفصل التشريعي التاسع)، وكشف سموه في إجابته أن عدد الانفجارات الناجمة عن الألغام التي خلّفها العدوان العراقي، وحدثت من تاريخ انتهاء العقود حتى 25 يناير 2003، بلغ نحو 170 انفجاراً.

وأضاف سموه: «تبين أن أغلب هذه الحوادث تقع نتيجة العبث من المدنيين، ولا يعتبر حدوث مثل هذه الانفجارات تقصيراً أو إخلالاً من الشركة، لأنه بعد قيام الشركة بالتطهير، هناك فريق من الجيش الكويتي يقوم بإعطاء شهادة أو إعادة التفتيش مرة أخرى، حيث إن عقود الشركات تنص على وجود فريق طوارئ بعد انتهاء فترة العقد ولمدة سنة من تاريخ انتهاء العمل، ولا يوجد أي ضمان أو شرط جزائي بعد هذه الفترة، ومن المتعارف عليه دولياً أن هناك نسبة محددة مسموحاً بها بالنسبة إلى الألغام التي تتخلف بعد التطهير، ولذا فإن الوزارة لم تخاطب شركات التطهير أو وكلائها المحليين بخصوص الانفجارات».

وفي رد تسلّمه النائب أسامة الشاهين من نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، في أكتوبر من العام الماضي، أكد الخالد أن الوزارة ترسل جميع البيانات والتقارير السنوية التي تعدها وزارة الدفاع إلى سكرتارية اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدميرها، أو اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معيّنة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر ومقرها في مدينة جنيف، لافتاً إلى أن هذه التقارير تندرج ضمن محتوياتها جميع الحالات التي يتم اكتشافها من الجهات المختصة خلال السنة.

وشدد الخالد على أن «الخارجية» تابعت ما جاء في قرار مجلس الأمن رقم 686 لسنة 1991، الذي نص على «تقديم كل ما يلزم من معلومات فيما يتعلق بتحديد مواقع الألغام وغيرها من المتفجرات العراقية».

وكان وزير النفط وزير الكهرباء والماء السابق، عصام المرزوق أكد في إجابة سابقة عن سؤال للنائب الشاهين أن عدد الألغام ‏والذخائر غير المتفجرة المكتشفة بالتنسيق مع وزارة الدفاع منذ الغزو وتم تدميرها، بلغ 28 ألفاً و323 لغماً وذخيرة، وذلك منذ مارس 1996 حتى نوفمبر 2016، مشيراً إلى أن مساحة الأرض التي تم تطهيرها تماماً من الألغام تبلغ 3999 كيلومتراً مربعاً.

back to top