التسامح

نشر في 08-12-2018
آخر تحديث 08-12-2018 | 00:01
 محمد اليمني التسامح أحد الأخلاق الإسلامية والإنسانية الرفيعة، وفيه معنى العفو والصفح والحلم، إلى جانب السهولة ولين الجانب، ونبذ الحقد والكراهية، فهو يتعلق بأحد أسس العلاقات الإيجابية بين الناس، وأحد مقومات السلم المجتمعي. وهو يعد من أهم الأمور التي دعا إليها العظماء على مر التاريخ، وعلى رأسهم أعظم العظماء، رسل الله تعالى وأنبياؤه عليهم السلام، فلم يكره أحد منهم قومه على الإيمان بالله تعالى، بل كانوا أئمة في الدعوات السلمية، رغم ما لاقوه من أذى واضطهاد، وإخراج من الوطن. ومن مجالات التسامح في علاقات الأفراد نجد تسامح الأب مع تقصير أبنائه وأخطائهم، وتسامح الرجل مع زوجته، وتسامح الكبير مع الصغير وصاحب العمل مع عماله بالتخفيف عنهم وعدم استغلالهم، وتسامح المعلم مع زلات طلابه، ومعاملتهم بروح الأبوة المسؤولة، وتسامح الجار مع جاره، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". يجب أن يكون هناك تسامح بين أفراد المجتمع المسلم بشكل عام، وبين الحاكم ورعيته، وتعبر عن ذلك نصوص السنة النبوية وأحداث السيرة العظيمة التي تتحدث عن التسامح وحسن التعامل. وكثيرة هي الآيات التي تتحدث عن العفو والصفح، وتغليبهما على الرغبات الشخصية، وما يتعلق بصاحبها من حقوق، كحق المعتدى عليه في استيفاء حقوقه ممن ظلمه، فقد مدحت نصوص قرآنية عديدة مواقف التسامح نحو الطرف المسيء، ومن ذلك قوله تعالى "وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"، وقوله تعالى "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ".

و تعتبر الدعوة إلى مكارم الأخلاق من صميم ما تضمنته دعوة الإسلام العظيمة، وقد عبر عن ذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما لخص الهدف من بعثته: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ومن الأخلاق العظيمة التي دعا إليها الإسلام، وفي الحديث الذي روراه جابر عن الرسول، صلى الله عليه وسلم "رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا قضى، سمحا إذا اقتضى".

وعن الأخلاق يقول شوقي أمير الشعراء:

صلاح أمرك للأخلاق مرجعه

فقوم النفس بالأخلاق تستقم.

وعن ضياعها يقول:

وإذا أصيب القوم في أخلاقهم

فأقم عليهم مأتماً وعويلا

فالأمم تضمحل وتندثر إذا انعدمت فيها الأخلاق.

back to top