جراحة جديدة لعلاج السمنة تقلِّل الكتلة العضلية

نشر في 08-12-2018
آخر تحديث 08-12-2018 | 00:00
No Image Caption
بحسب دراسة أخيرة، ثمة مخاوف من جراحة جديدة تسهم في خسارة الوزن، لأن الكيلوغرامات التي يتخلص منها الإنسان تشمل عضلات الهيكل العظمي إلى جانب الدهون. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن خسارة دهون الجسم تتألف بشكل رئيس من الدهون تحت الجلد لا من الدهون الحشوية الأكثر خطورة.
تُعتبر عضلات الهيكل العظمي ضرورية للحفاظ على صحة جيدة، فلا تؤدي خسارتها إلى مشاكل جسدية فحسب، بل تعوق أيضاً عملية الأيض وتزيد خطر التعرض لإصابات.

الدهون الحشوية نوع من الدهون يحيط بالأعضاء عميقاً داخل البطن. وقد ربط الأطباء كثرتها بمشاكل صحية، كالداء السكري من النمط الثاني وأمراض القلب.

تُدعى جراحة السمنة الجديدة سد الشريان المعدي الأيسر. واعتاد خبراء طب الأشعة التدخلي منذ عقود استخدام هذا الإجراء لوقف النزف في الحالات الطارئة.

لكن اللجوء إلى سد الشريان المعدي لمعالجة السمنة فكرة جديدة. لذلك تعمل التجارب السريرية راهناً على تقييم بدقة مدى أمانها وفاعليتها عند استخدامها لغرض مماثل. هدف العلاج الحد من تأثير هرمون الشهية بحقن المريض بخرز مجهري بغية سد شريان يمد المعدة بالدم.

نُشرت نتائج الدراسة أخيراً في اللقاء السنوي لجمعية طب الأشعة في أميركا الشمالية الذي عُقد في شيكاغو بإلينوي.

الحاجة إلى علاجات قليلة المخاطر والكلفة

يوضح الدكتور إدوين أ. تاكاهاشي، باحث أشرف على تقرير الدراسة وخبير متخصص في علم الأشعة التدخلي والوعائي في مايو كلينيك في روتشيستر، أن بحوثاً كثيرة أظهرت أن سد الشريان المعدي يؤدي إلى خسارة الوزن. لكنه يستدرك موضحاً: «لم نحصل على أي بيانات بشأن ما يسهم في خسارة الوزن هذه. فهل يخسر المرضى الدهون كما يأملون أم العضلات أم خليطاً من الاثنين؟».

تُعتبر السمنة إحدى مشاكل الصحة العامة العالمية البارزة مع ارتباطها بمرض القلب، والداء السكري من النمط الثاني، والسرطان، وأمراض ومشاكل صحية أخرى لا تقل خطورة.

ازدادت معدلات مرضى السمنة والوزن الزائد بنحو ثلاثة أضعاف حول العالم خلال السنوات الأربعين الماضية، وفق منظمة الصحة العالمية.

تشير تقديرات المنظمة لعام 2016 إلى أن 1.9 مليار شخص بالغ يعانون الوزن الزائد حول العالم. ويشمل هذا الرقم 650 مليون بالغ مصابين بالسمنة.

صحيح أن التغييرات في عوامل نمط الحياة، كالنظام الغذائي والنشاط الجسدي، تشكل مقاربة ناجحة لعلاج هذه المشكلة، لكنها تبقى غير كافية في حالة كثيرين. لذلك يختارون الخضوع لجراحات تخفيف الوزن التي تقلص حجم المعدة.

تبين أن هذه الجراحات فاعلة كعلاج للسمنة، إلا أنها مكلفة، فضلاً عن أنها تعرّض المريض لمضاعفات عالية.

سد الشريان المعدي الأيسر

تقدّم جراحة سد الشريان المعدي الأيسر، إذا تبيّن أنها آمنة وفاعلة، للمرضى خياراً أقل غزواً لعلاج السمنة. وهي تشمل حقن خرز مجهري في الشريان الذي ينقل الدم إلى المعدة. يقحم طبيب الأشعة قسطاراً في المعصم أو منطقة الأربية ويستخدم التصوير ليبلغ الشريان.

يعمل الخرز المجهري، عند تحريره في الشريان، على عرقلة تدفق الدم عبر الأوعية الدموية الأصغر حجماً في المعدة. فتؤدي هذه الخطوة إلى تراجع إنتاج الغريلين، وهو هرمون يحفز الإحساس بالجوع.

أدت التجارب الأولى إلى نتائج واعدة أظهرت أن هذه الجراحة تساعد الناس في خسارة الوزن. لكننا لا نملك معلومات كثيرة حول مصدر خسارة الوزن هذه وتأثيرها في تركيبة الجسم من الدهون والعضلات.

تفحص الدكتور تاكاهاشي وفريقه صوراً التُقطت بالتصوير المقطعي المحوسب لستة عشر شخصاً يعانون الوزن الزائد، وبعضهم السمنة، خضعوا لجراحة سد الشريان المعدي الأيسر بغية وقف النزف.

بمساعدة برنامج إلكتروني خاص يحلل كثافة الأنسجة، قيموا تركيبة الدهون والعضلات في الصور التي التُقطت قبل العلاج وبعده بنحو 1.5 شهر.

نتائج ومخاوف

خسر المرضى الستة عشر الذين خضعوا لهذه الجراحة مقداراً كبيراً من الوزن في المرحلة اللاحقة. فقدوا كمعدل نحو 6.4 % من وزن جسمهم في غضون 1.5 شهر بعد الجراحة. كذلك انخفض مؤشر كتلة جسمهم بنحو 6.3 % خلال الفترة ذاتها.

لم تشكّل خسارتهم الوزن مفاجأة بالنسبة إلى الباحثين. لكنهم فوجئوا بالتبدل في تركيبة جسمهم.

احتسب الباحثون أن مؤشر عضلات الهيكل العظمي تراجع بنسبة 6.8 %، وهو يعكس مقدار العضلات في الجسم التي تتصل بالعظم وتسهم في حركة الأطراف وأجزاء أخرى من الجسم.

لا تؤدي خسارة عضلات الهيكل العظمي إلى تراجع الوظائف الجسدية فحسب، بل تلحق أيضاً الضرر بعملية الأيض وتزيد خطر التعرض لإصابة. يوضح الدكتور تاكاهاشي: «يسلّط التراجع الكبير في حجم عضلات الهيكل العظمي الضوء على واقع أن المرضى الذين خضعوا لهذه الجراحة أكثر عرضة لخطر خسارة الكتلة العضلية وأن من الضروري أخذ هذه المشكلة في الاعتبار عند العمل على إدارة حالتهم».

يتابع مشدداً: «ينبغي أن نحرص على حصولهم على الغذاء المناسب بغية الحد من مقدار أنسجة الخلايا التي يخسرونها». بالإضافة إلى ذلك، تُظهر النتائج أن المشاركين خسروا أيضاً مقداراً كبيراً من دهون الجسم. فقد تراجع مؤشرها بنسبة 3.7 % كمعدل.

لكن أكبر جزء من خسارة دهون الجسم هذه عاد إلى انخفاض في الدهون تحت الجلد. فقد جاءت خسارة الدهون الحشوية ضئيلة خلال فترة المتابعة.

تنتشر الدهون تحت الجلد في شتى أنحاء الجسم تحت البشرة. أما الدهون الحشوية، فتحيط بالأعضاء عميقاً داخل التجويف البطني. وربط العلم «بشكل واضح» حمل كمية زائدة من هذه الدهون بعدد من مشاكل الصحة وحالاتها، وتشمل اختلال عملية الأيض، ومقاومة الإنسولين، وارتفاع خطر بعض أنواع السرطان، وإطالة الإقامة في المستشفى، وارتفاع خطر التعرض لمضاعفات.

يريد الفريق اليوم تركيز الدراسات المستقبلية على مَن خضعوا لجراحة سد الشريان المعدي الأيسر بهدف معالجة السمنة تحديداً.

المرضى الذين خضعوا لهذه الجراحة لم يخسروا الكثير من الدهون الحشوية
back to top