كومي غير قابل للإصلاح

نشر في 05-12-2018
آخر تحديث 05-12-2018 | 00:00
 أميركان غرايتنس أخفق الكونغرس الجمهوري عموماً في محاسبة العقول المدبرة وراء أكبر فضيحة سياسية في التاريخ الأميركي: عملية التسليح غير المسبوقة لأجهزة تطبيق القانون والاستخبارات بغية التجسس على الحملات الانتخابية وتخريب الإدارة المقبلة.

كان المسؤول الأول عن تنفيذ هذه الخطة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق جيمس كومي الذي خرج من إدارة ترامب كشهيد وبطل، فقد انتقد المشرعون الجمهوريون الرئيس لتخليه عن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي المخادع هذا في شهر مايو عام 2017، مثنين على خدماته العامة وسمعته رغم انكشاف تفاصيل مريبة حول الطريقة التي تجسست بها وكالته على حملة ترامب وإخفائها تحقيقاً عن الكونغرس.

بعد نجاحه في التفلت من أي محاسبة على ما ارتكبه، لا عجب في أن كومي يهدد مرة أخرى اليوم بتخريب الكونغرس، حيث رد كومي على "تويتر" على مذكرة استدعاء من اللجنة القضائية التابعة لمجلس النواب: "ما زلت مسروراً بالجلوس في الضوء والإجابة عن كل الأسئلة، لكنني سأرفض أي جلسة وراء الأبواب الموصدة لأنني اكتفيت من عمليات تسريبهم الانتقائية وتحريفهم. لنعقد جلسة استماع وندعو الجميع للمشاهدة".

ولكن خلال إدلائه بشهادته في جلسة مفتوحة في الكونغرس السنة الماضية، لجأ كومي مراراً إلى الدفاع "هذا سري" كوسيلة لتفادي الإفصاح علناً عن معلومات مهمة بشأن سلوك وكالته بين عامَي 2016 و2017، وهكذا تهرّب من أسئلة عن ملف ستيل، تلك الوثيقة السياسية التي دُحضت بالكامل والتي أعدتها شركة أبحاث معارضة استخدمتها حملة كلينتون واللجنة الوطنية الديمقراطية بغية نبش معلومات عن علاقة مشبوهة بين ترامب وروسيا. اعتبر كومي الملف دليلاً أساسياً في طلبه في شهر أكتوبر عام 2016 إلى محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية بهدف الحصول على مذكرة للتجسس على المساعد في حملة ترامب كارتر بيج. ولكن رغم معرفته أن الملف ليس سوى وسيلة سياسية لتشويه السمعة، وأن خصوم ترامب الرئاسيين مولوه، رفض كومي الإجابة عن أسئلة أساسية بشأنه، وعلى نحو مماثل أبى تقديم أجوبة عن مذكرة محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية بحق بيج وشركة Fusion GPS. يعرف الشعب اليوم الأجوبة عن الأسئلة التي رفض كومي الإجابة عنها، فبفضل مذكرة نيونز- التي حاول مكتب التحقيقات الفدرالي منع صدورها في شهر فبراير- نعلم أن جيم كومي قدّم أبحاثاً أعدتها المعارضة السياسية لمحكمة سرية بغية التجسس على حملة ترامب، ونعرف أيضاً أن كومي أخفى عن المحكمة أن اللجنة الوطنية الديمقراطية وحملة كلينتون مولا الملف، كذلك ندرك أنه أخفى أيضاً هذا التفصيل عن ترامب.

نعرف أن شركة Fusion استخدمت نيلي أوهر، زوجة محامي وزارة العدل بروس أوهر، في أوخر عام 2015 لتعمل على بحث المعارضة عينه الذي أعده ستيل، ونعلم أيضاً أن الزوجين أوهر التقيا ستيل في صيف عام 2016 وأن ستيل كان يحاول تجنيد أوهر لمصلحة عميله، الثري الروسي أوليغ ديريباسكا، بغية استعادته امتيازات السفر إلى الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، نعرف أن مكتب التحقيقات الفدرالي برئاسة كومي استخدم جواسيس بغية اختراق حملة ترامب، ونعلم أيضاً أنه التقى المدعية العامة لوريتا لينش في مطلع شهر مارس عام 2016 بغية رسم الخطط للتجسس على حملة ترامب الرئاسية أثناء عملها، كذلك نعرف أنه فتح تحقيقاً استخباراتياً مضاداً بشأن هذه الحملة في شهر يوليو عام 2016 وانتهك البروتوكول المتبع بعدم إعلامه قادة الكونغرس بشأن هذا التحقيق، وندرك أن مسؤولين بارزين في مكتب التحقيقات الفدرالي كانوا متحيزين ضد ترامب وعملوا قبل الانتخابات وبعدها على تشويه صورة الرئيس.

ولكن إليكم الواقع الأكثر أهمية الذي نعرفه: بعد أكثر من سنتين على فتح جيمس كومي تحقيقاً في حملة انتخابية، وحصوله على موافقة سرية من المحكمة للتجسس على مواطن أميركي واحد على الأقل له علاقة بهذه الحملة، واستخدامه جواسيس لاختراق الحملة، والسماح لمعاونيه بانتهاك القانون بتسريبهم معلومات سرية للصحف، وإقراره باستعمال مذكرة شخصية لإطلاق تحقيق مستشار خاص في "التآمر" المزعوم بين ترامب وروسيا، لم تُوَجّه إلى أي إنسان ارتبط بحملة ترامب تهمة لها علاقة بـ"التآمر".

من الضروري أن يجيب كومي عن أسئلة كثيرة، منها السؤال الأهم: لمَ عرّض البلد لهذا الكابوس طوال أكثر من سنتين في حين أنه كان يعرف أن أسس حبكة تآمر ترامب وروسيا في الانتخابات قائمة على أكاذيب؟

يجب أن يرغمه الكونغرس على الإجابة ليحاسبه بعد ذلك على إلحاقه الضرر بحياة كثيرين، وتكبيده دافعي الضرائب أموالاً طائلة، وإقحامه الشعب الأميركي ورئاسة ترامب في معمعة كبيرة.

* جولي كيلي

*«أميركان غرايتنس»

back to top