لوحة رائعة... من ماض جميل

نشر في 04-12-2018
آخر تحديث 04-12-2018 | 00:09
 يوسف عبدالله العنيزي كم هي رائعة تلك الأوقات التي أقضيها مع ذلك الصوت الصادق القادم من أعماق الماضي، يتحدث وكأنه يقرأ تلك الأحداث من صفحات الذكريات المرسومة في ذهنه، وكم يشعر بالسعادة وهو يقلب تلك الصفحات وكأنه يعيشها الآن على الرغم من تلك السنين التي يحملها على كاهله.

أعادت له أمطار الخير والبركة التي هطلت على البلاد خلال الأيام القليلة الماضية ذكريات تلك الأيام، فتحدث بصوت صادق عنها قائلا: "إن إكثر ما كنا نخشاه "مطر النميلي" وهو المطر الذي بؤدي إلى سقوط السقف أو الطوفة، والأخطر سقوط "المرزام" فيضطر سكان البيت لتركه والذهاب إلى الجيران أو أحد الأقارب أو المدارس، وقد تعرضت الكويت على مدى تاريخها لعدد من تلك الأحداث، وفي ظل تلك الظروف القاسية تبرز لوحة رائعة نادرة الحدوث على مستوى العالم إنها "الفزعة"، حيث يهب الرجال بلبس الخيش لتغطية رؤوسهم وحمل السخين على أكتافهم، ويقوم الجميع بتكوين فرق تطوف بسكيك الفريج ببيوته الطين لفتح المداعيب، وتنظيف مجرى السيل الذي يتجه جزء منه إلى "حفرة بن إدريس" في منطقة المرقاب، وجزء من السيول يتجه إلى "خبرة بن حمود" التي تقع بالقرب من قصر نايف في نهاية الطريق، حيث مقر مدرسة "ملا مرشد"، رحمه الله وأحسن ثوابه".

عندها توقف ذلك الصوت الصادق، وأخذ نفساً عميقاً وكأن حديثه قد أثار شجونه، وأعادة إلى ذلك الزمن الذي يراه ويشاركه فيه أبناء جيله زمناً جميلا على الرغم مما فيه من قسوة، ثم تطرق ذلك الصوت الصادق إلى الفترة التي انتقلنا فيها من فريج المرقاب إلى منطقة الفيحاء، وكانت في بداية نشأنها، في تلك اللحظة خطر على البال تلك الرحلة التي أقوم بها يومياً في الصباح الباكر من منطقة الفيحاء إلى مدرسة صلاح الدين في منطقة المرقاب، مستقلاً دراجتي الهوائية "القاري بو أسد".

لم يخطر على البال في تلك اللحظات أن هذه الرحلة القاسية في ظل تلك الظروف في مواجهة ذلك البرد الفارس الذي يجمد الأطراف أن تقودني تلك الرحلة إلى أقاصي الدنيا عابراً البحار والمحيطات متجاوزاً الجبال والوديان حتى الوصول إلى عمق غابات الأمازون لأجلس أمام هذه البحيرة التي يحتضنها الجبل، وتحيط بها الأشجار والأزهار بكل الألوان، لم يخطر على البال في تلك اللحظات من العمر أن أكون ضيفا عند بعض قبائل الهنود الحمر في قراهم وسط غابات الأمازون، وتتواصل الرحلة إلى التحليق فوق جبال الأنديز وفوق الأخدود العظيم في أميركا متجاوزاً وسط غابات إفريقيا ونهر النيجر العظيم حتى الوصول إلى جبال تهامة في جزيرة العرب!

يا لها من رحلة يسر الخاطر ذكراها، وتصعب الإحاطة بها في هذه العجالة، أيقظني من رحلة الأحلام ذلك الصوت المحبب القادم من أعماق الماضي ليكمل حديثه عن ذلك الماضي الجميل: لكم هي رائعة صورة الفزعة حتى تشعر بأن الفريج بكل سكانه غدا عائلة واحدة، صفاً واحداً، يشد بعضه بعضا، هكذا كانت الكويت وهكذا ستكون، وصاح من القلب عمار يا كويت.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

TONIGHT KUWAIT IS FREE

ودوى صدى ذاك الصوت الرائع من قاعات الكونغرس الأميركي مخاطبا المغفور له بإذن الله سعود الناصر الصباح رحمه الله "الليلة ستكون الكويت حرة"، وارتفعت رايات العزة والكرامة في سماء الكويت، وسطعت شمس الحرية على وطن النهار، وخفقت قلوب أهل الكويت وكل من يحبها احتراما وتقديراً لهذا القائد وشعبه العظيم، إنه فخامة الرئيس جورج بوش الأب الذي انتقل إلى رحمة الله بتاريخ 30 /11/ 2018، ندعو له بالرحمة والمغفرة، ونتقدم لعائلته وشعب الولايات المتحدة الأميركية بأحر التعازي، وقد قام الشاعر والصديق طلال السعيد "بوبندر" بإلقاء قصيدة رائعة في مجلس الأمة الكويتي أثناء زيارة فخامة الرئيس جورج بوش الأب، وبحضوره أثناء زيارته للكويت نقتبس منها:

بوش ما قصرت يا ذرب الإيمان

عرضت جيشك للهلاك بسببنا

يا بوش ما اسمك بوش اسمك كحيلان

البوش والله والتخاذل ربعنا

back to top