الشاعر قيصر مخائيل: «منتدى بخور الوحي» هدفه لمّ شمل المثقفين

• يعتبر أن الشعر المحكي لغة القلب وأساس تراث لبنان وتقاليده

نشر في 29-11-2018
آخر تحديث 29-11-2018 | 00:00
نسج قصائده من رحيق طبيعة بلدته في شمال لبنان التي تربى فيها ونهل من معينها عشق الكلمة، كيف لا وهي أنجبت شعراء ومثقفين على مدى تاريخها، فاكتسب الشاعر قيصر مخايل زاداً فكرياً منذ طفولته، خوَّله أن يسير من دون تردد في رحاب الشعر، فكرّس له قلمه وعمله كإعلامي إذاعي، من خلال البرامج الثقافية التي يقدمها ويلقي فيها الضوء على الحركة الثقافية في لبنان وعلى أهل الثقافة من شعراء وأدباء وغيرهم.

لم يكتفِ بذلك، بل أسس منذ عام ونصف العام تقريباً «منتدى بخور الوحي»، في منطقة شمال لبنان، لتنشيط الثقافة واحتضان المواهب ولمّ شمل المثقفين في هذه المنطقة التي تعتبر بعيدة عن بيروت، تأكيداً منه أن المناطق اللبنانية بمجملها تزخر بحركة فاعلة ومزدهرة على مدار العام. صاحب ديوانين شعريين: «نغمة عمر» و«نحات الشمس»، يعمل الشاعر مخايل على إصدار ديوان ثالث باللغة المحكية التي يعتبرها لغة القلب ومن جذور التراث.

كيف نشأت فكرة «منتدى بخور الوحي» وما الهدف منه؟

«منتدى بخور الوحي» حلم طالما راودني إلى أن رأى النور في 18 أغسطس 2017. هدفه تشجيع المواهب، إعطاء فرص لشعراء جدد ولرسامين ولفنانين بالطرق المتاحة، من أمسيات إلى لقاءات على شاشة التلفزيون وعلى أثير الإذاعة، أو بالنشر عبر صفحته الخاصة عبر التواصل الاجتماعي (فيسبوك).

ما الذي يميّز «منتدى بخور الوحي» عن المنتديات الأدبية الأخرى المنتشرة في المناطق اللبنانية؟

«منتدى بخور الوحي» حركة ثقافية فكرية تعمل ضمن إطار من المحبة والتعاون، تتطرق إلى قضايا ثقافية واجتماعية وتاريخية ومعلومات ووثائق وتشجع المواهب والشعر لنشكل بذلك مجلة ثقافية متنوعة.

«منتدى بخور الوحي»، دار لكل أديب، شاعر ومفكر، لكل مثقف ومبدع، لكل فنان وإعلامي، يحمل من داخله عطر محبة لكل المنتديات اللبنانية، ويمد يد التعاون لنشر الجمال الثقافي ولخدمة الرسالة الشعرية والأدبية.

برأيك هل اختلف دور المنتديات الثقافية اليوم عما كان عليه في الماضي؟

أعتقد أنه اختلف نحو الإيجابية، إذ أصبح لكل محافظة منتدى يسعى إلى مشاركة مخزونه وأعماله مع المناطق الأخرى، لذا نشهد اليوم فورة شعرية ثقافية ونشاطاً يشمل الأراضي اللبنانية كافة.

إنها حركة مباركة لا تهدف إلى أرباح مادية، بل تبذل كل ما أتيح لها لرفع بيرق الثقافة.

من يرتاد المنتديات الأدبية في لبنان، أهل الثقافة أم ثمة اهتمام من الشباب؟

ثمة اهتمام وحضور متنوع. يتميّز «منتدى بخور الوحي» منذ يومه الأول بأنه يضم عناصر شابة متخرجة في كلية الآداب- الجامعة اللبنانية، وهم اليوم يشاركون بفاعلية ضمن أعمال المنتدى.

شمولية وتكامل

يجمع منتدى بخور الوحي في نشاطاته بين الكلمة واللحن والشعر، فهل تعتبر أن المشهد الإبداعي لا يتكامل إلا بوجود هذه العناصر الثلاثة معاً؟

إنها عناصر أساسية وتكامل لصورة الثقافة، فعشاق الرسم يتعرفون إلى أجواء الشعر والغناء والعكس صحيح، ما يشجع المتابعة لأنهم يكتشفون جمال الثقافة الراقية ويعاودون الحضور.

أنت شاعر ورسام وإعلامي لديك برنامج إذاعي... فهل تختلف وسيلتك في التعبير في كل منها أم ثمة قاسم «مشترك} بينها؟

الفن مترابط بعناصره كافة، لكن الإعلام عنصر أساسي لإبراز الشعر والفن، لذا أحرص في برنامجي الذي أقدمه على أثير إذاعة xray fm على أن ألقي الأضواء على الحركة الثقافية في لبنان وعلى كل من لديه نتاج يستحق أن يتعرف الجمهور إليه، فضلاً عن تكريم مستمر لكبار أهل الثقافة ليبقى حضورهم فاعلاً وكي لا يندرجوا ضمن خانة النسيان، فهؤلاء خصوصاً أسهموا في ترسيخ أسس الحياة الفكرية وتعزيزها ومن واجبنا، شباباً وشيباً، أن نرد لهم صنيعهم بالحفاظ على حضورهم متوهجاً بيننا.

ديوانك الأول «نغمة عمر» هل هو بوح لأحاسيسك في مرحلة معينة من حياتك؟

«نغمة عمر» أشعار خام لشاعر يتسلق أولى درجات الشعر الطويلة، لكن تحمل صوراً وأفكاراً كبيرة، كذلك يضمّ الديوان ترانيم غناها كبار أهل الفن في لبنان.

برأيك هل يجب أن يقيم الشعر توازناً بين الذاتي والعام؟

كشاعر أترجم أحاسيسي وأكتب ما تفرض على فكري من صور معجونة بطابع شعري جميل. لا يعني ذلك أنني لا أكتب تجارب إنسانية وظروف حياتية، بل على العكس، أتاثر بما يحدث من حولي وأترجم ذلك في قصائدي، لذا لا أفرق بين الذاتي والعام، لأن التجارب الإنسانية هي هي وقد تختلف طريقة التعامل معها.

تكامل ونضج

قصائدك بالعامية لماذا اخترت هذا الأسلوب؟

اخترت العامية أو المحكية لتأثري في الطفولة بخالي الشاعر سمعان زعيتر، وأحببت الشاعر موسى زغيب، أحد أبرز رواد شعر الزجل في لبنان، وأعجبت بشعر الصديق الشاعر نزار فرنسيس الغنائي. هذا كله رسم هيكلية تجربتي الشعرية.

الشعر المحكي هو لغة القلب، خصوصاً في لبنان وسورية، ويمكن أن يكون شعراً حراً وموزوناً، ثم الزجل هو لغة القرى اللبنانية، وهو من أساسات تراثنا وعاداتنا.

ما هو الشعر برأيك، ومن هو الشاعر؟

الشعر هو صلاة، الكون كله معبدها ودين يجمع لا يشبهه دين. الشاعر هو رسول يترجم أحاسيسه بكلمات مزخرفة بإبداع يجذب الجميع.

ديوانك الثاني «نحات الشمس»، هل هو تكملة لـ «نغمة عمر» أم مرحلة جديدة وتجربة فنية مختلفة؟

نحات الشمس مرحلة جديدة ونوعية جديدة واستكمال لفكري إنما أكثر نضوجاً، وأخوض فيه تجربة الخماسيات الشعرية التي تقوم على عنصر الدهشة. بارك هذا العمل الشاعر ألبير حرب الذي أعجب بأسلوبي وساندني. وقد نال ديواني تنويهاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

إذا كان في ديوانك الأول نغمة موسيقية وفي الثاني إزميل نحات، يا ترى ماذا يحمل ديوانك الثالث؟

الثالت إن شاء الله سيكون نقلة نوعية مغمورة بالخبرة البشرية الحياتية والغزل والحب وصور فكرية للقرى اللبنانية، كما سيحتوي حكما مكتسبة في مسيرتي وحياتي.

بيئة غنية

حول مدى تأثير بيئته في تجربته الشعرية يوضح الشاعر قيصر مخايل: «أنا ابن بان قضاء بشري، بلدة مرهج بن نمرون الباني (1625 - 1711)، أول تلميذ في مدرسة روما التي أنشأها الموارنة في القرن السابع عشر وصاحب مؤلفات أغنت المكتبة التاريخية والفكرية».

يضيف: «هذه البلدة المشرفة على قنوبين، وادي القداسة والجمال تتميز بعنفوان أهلها وطيبتهم، وقد طبعت في روحي صور الجمال، وسكبت في قلبي كل المحبة. نعم أنا مجبول من ترابها وشعري متأثر بها بشكل كبير».

نشهد اليوم فورة شعرية ثقافية ونشاطاً يشمل الأراضي اللبنانية كافة
back to top