«التمييز» تؤيد قرار «الداخلية» عدم الترخيص لسائقات التاكسي

«الحكم لا يتعارض مع الدستور ولا يعد تمييزاً ضد المرأة»
• «يحميها من الأخطار... ومنحها رخصة القيادة الخاصة لا يقاس عليه»

نشر في 27-11-2018
آخر تحديث 27-11-2018 | 00:00
No Image Caption
نشرت مجلة القضاء والقانون الصادرة عن محكمة التمييز في عددها لعام 2018 مجموعة من الأحكام والمبادئ التي أصدرتها محكمة التمييز الكويتية، خلال عامين.

وتضمنت المجلة حكماً صادراً من محكمة التمييز الإدارية حول مبدأ المساواة، الذي نص عليه الدستور، بأن التمييز المنهي عنه هو التحكُّمي، في حين تعتبر المساواة التلقينية الجامدة مخالفة للدستور، معتبرة أن قرار وزارة الداخلية رفض منح شركة لاستخراج رخص قيادة لمركبات سيارات أجرة التاكسي للنساء في الكويت سليم ومتوافق مع القانون، وأنه لا يخالف مبدأ المساواة الذي نص عليه الدستور بشأن منح رخص قيادة السيارات للرجال والنساء.

وقالت محكمة التمييز الإدارية التي أصدرت الحكم، برئاسة المستشار محمد الرفاعي، إن من المقرر أن «مبدأ المساواة في الحقوق أمام القانون لا يقوم على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند الى أسس موضوعية، ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لمبدأ المساواة، بما مؤداه ان التمييز المنهي عنه هو ذلك الذي يكون تحكُّمياً».

وأضافت أن «من المقرر أيضاً أن مبدأ المساواة أمام القانون ليس مبدأ تلقينياً جامدا، منافياً للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلا لتلك الدقة الحسابية التي تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء، ومن ثم يجوز للدولة أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائماً من التدابير لتنظيم موضوع محدد، أو توقياً لشر تقدر ضرورة رده، طالما لم يكن تطبيقها كاشفاً عن نزواتها، ولا منبئاً عن اعتناقها لأوضاع جائرة تثير ضغائن أو أحقاداً تنفلت بها ضوابط سلوكها، ولا عدوانا معبراً عن بأس سلطانها، وطالما كان موقفها اعتدالاً في مجال تعاملها مع المواطنين، فلا تمايز بينهم إملاء او عسفا».

وبينت المحكمة في حكمها البارز أنه «لما كان ذلك، وكان حفظ الأمن والنظام داخل البلاد، وضمان حسن سير المرافق العامة -ومنها مرفق النقل- بانتظام واطراد، مع الحفاظ على التقاليد والعادات التي يتميز بها المجتمع الكويتي بتركيبته السكانية المتنوعة، وتعدد جنسيات المقيمين على أرضه، هو من أهم ما تقوم على تحقيقه أجهزة الدولة».

وتابعت: «ولما كانت مشاركة المرأة للرجل في عمارة الأرض وغيرها من أشكال الحياة وأنماطها إنما يجب ان يكون مناسبا لطبيعتها موائماً لفطرتها، وكان مما يتنافى مع بلوغ هذه الغايات أو تحقيقها على أكمل وجه أن يرخص للنساء- أيا كانت جنسياتهن- بقيادة سيارات أجرة تحت الطلب، في ظل عدم وجود ضوابط محددة تصونهن وتحفظ أمنهن، مما قد يتعرضن له من مصاعب، أو يحيق بهن من مخاطر بسبب طبيعة هذه المهنة، والتي تفرض على من يمتهنها الاستجابة لطلب أي عميل دون تحديد، وأيا كان جنسه، في التوجه إلى اي مكان، ولو كان نائياً، وفي أي وقت ولو كان متأخراً، وهي كلها أمور تتنافى مع طبيعة الأنثى وتحد من واجب الدولة في الحفاظ على أمنها وسلامتها».

واستطردت: «وهو ما يجب أن يكون مقدماً على سواه، بما لا يعد معه رفض الاستجابة الى طلب الترخيص لها في ذلك منطويا على اعتناق الجهة الادارية القائمة على ذلك لأوضاع جائرة، بما يصم مسلكها بالتمييز التحكمي بين الرجل والمرأة المنهي عنه، أو إنكار لحقها في العمل على اطلاقه، بل توقياً لشر محتمل تقدر ضرورة رده، لاسيما أنه لم يثبت حاجة مرفق النقل في البلاد إلى ذلك الأمر، في الوقت الذي لا تحوطه ضوابط تكفل نجاحه في تحقيق اضافة ايجابية لهذا المرفق، دون إخلال ببلوغ الغايات الموضحة سلفا».

وقالت المحكمة: «ولا يجوز القياس في هذا الشأن على ان المرأة يصرح لها بقيادة سيارة خاصة دون تفرقة بينها وبين الرجل، كما يصرح لها بركوب سيارات الأجرة، والتي يقودها رجال، فهو قياس مع الفارق، ذلك أنها في هذه الحالات هي من تملك إرادتها دون أن يفرض عليها ارادة شخص آخر، بما قد يعرضها لما يجب توقيه».

وأضافت: «كما لا يقاس على مجتمعات أخرى في هذا الأمر، لاختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية لكل مجتمع، وإذ صدر الحكم المطعون فيه مبنياً على الاعتبارات المتقدمة، فإنه يكون مبرأ من عيب الانحراف بالسلطة أو اساءة استعمالها، وإذ استوفى شرائط صحته، فإنه يكون قد صدر متفقاً وصحيح القانون، وإذ اخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، بما يضحى معه النعي الماثل على غير أساس».

back to top