رياح وأوتاد: إلغاء شرط الإسلام طريق الهجرة الجديدة

نشر في 26-11-2018
آخر تحديث 26-11-2018 | 00:10
 أحمد يعقوب باقر على مر التاريخ الكويتي كانت الهجرة إلى الكويت وكان التجنيس العشوائي مشكلة تصدت لها القوى الوطنية، فقد أرخ سليمان العدساني في مذكراته أن أحد أهم أهداف المجلس التشريعي لعام 1938 كان وقف الهجرة الإيرانية إلى الكويت، وفي مجلس 1965 تقدم العم عبدالعزيز العلي الخالد ومجموعة من النواب باقتراح وقف التجنيس لمدة 10 سنوات، وفي عام 1971 قاطع التجمع الوطني بقيادة جاسم القطامي الانتخابات احتجاجاً على تجنيس أعداد هائلة بين عامي 1969 و1970 واعتبر ذلك تزويراً غير مباشرٍ للانتخابات، واختلف القطامي مع تجمع "الطليعة" بقيادة الخطيب، وجرت بينهما مساجلات وبيانات شديدة، حيث كان تجمع "الطليعة" يرى أهمية خوض الانتخابات رغم اعتراضه على ذلك التجنيس.

وفي مجلس 1981 تقدم الأخ أحمد السعدون وبعض الأعضاء باقتراحين وافق عليهما المجلس عام 1984، الأول أن يصدر قانون بتحديد العدد الذي يجوز للحكومة تجنيسه في أي عام، والثاني إضافة شرط الإسلام إلى شروط منح الجنسية.

وليس في هذا القانون أي إخلال بقواعد المساواة لأن منح الجنسية من أمور السيادة، فلا يخضع للمساواة في طول الإقامة في البلاد أو الجنس أو طبيعة العمل أو الوظيفة.

ولا شك أن اشتراط الإسلام يحافظ على إحدى أهم خصائص المجتمع الكويتي التي حسمها الدستور في كثير من المواد، فنص على أن دين الدولة هو الإسلام، والشريعة مصدر رئيسي للتشريع (المادة 2)، وحمل مجلس الأمة أمانة الأخذ بها ما وسعه ذلك (المذكرة التفسيرية)، كما نص على أن الميراث حق تحكمه الشريعة الإسلامية (المادة 18)، وبين أن الأسرة قوامها الدين (المادة 9)، وكلّف الدولة بصيانة التراث الإسلامي (المادة 12)، كل ذلك في نصوص واضحة جلية.

وبالإضافة إلى ذلك تقرر المذكرة التفسيرية للمادة 35 من الدستور أن حرية الاعتقاد مطلقة مادامت في السرائر، أما إذا جاوز الأمر نطاق السرائر وظهر في صورة شعائر وجب أن تكون الشعائر طبقاً للعادات المرعية والنظام العام، وتضيف المذكرة التفسيرية للدستور أن المقصود بالأديان في هذه المادة هي الأديان السماوية الثلاثة دون أن تتخذ الأديان الأخرى لحريتها سنداً من المادة المذكورة.

هكذا إذاً فرق الدستور بين الإسلام والأديان الأخرى في الحرية وممارسة الشعائر، وهو الأمر الذي لم تفعله اللجنة التشريعية، ولا يمكن أن تستقيم هذه النصوص وتطبق بشكل صحيح مع فتح باب الهجرة والجنسية لعموم غير المسلمين.

ونستذكر في هذا السياق هجرة اليهود إلى فلسطين التي أدت إلى اغتصابها وتغيير لغتها وكثير من خصائصها الإسلامية، وكذلك لا ننسى هجرة الهنود والصينيين إلى ماليزيا وسنغافورة، وحالياً سيطرة البوذيين المهاجرين على مينامار.

وبالتأكيد لن يصل الأمر في الكويت إلى هذا الحد، ولكنه حتماً سيؤدي إلى استبعاد الشريعة الإسلامية تدريجياً، وإدخال كثير من العادات والتقاليد والقيم البعيدة عن الإسلام إلى البلاد، بالإضافة إلى دور عبادة هي ليست كما نص الدستور من العادات المرعية، وقد تكون مخلة أو وثنية ومناهج دراسية مختلفة وحريات تتناقض مع أخلاق الإسلام مثل الخمر والمراقص وغيرها.

وهذا ليس من قبيل المبالغة، ففي معطيات وشواهد هذا الزمان وسيطرة الدول العظمى التي تمتلئ أدبيات مفكريها بضرورة تغيير دين وقيم وخصائص وديمغرافية الدول العربية والإسلامية لا أرى أن ذلك مستبعداً، وقد تكون الجنسية وحقوق الإنسان الغربية والعولمة أدوات هذا التغيير.

من أجل هذه الأسباب وغيرها الكثير ليس في مصلحة البلاد إلغاء شرط الإسلام، وقد استقر لمدة 34 سنة، كما لا يجوز أن تُقدم الجنسية الكويتية نظير خدمة كفاءات العاملين في الكويت، إذ يمكن مجازاتهم بالكثير من الامتيازات المقررة قانوناً مثل المكافآت المالية الضخمة والإقامة الدائمة، وحق تملك المسكن، والأسهم والشركات وهي من الحقوق الشخصية القابلة للتداول، أما الجنسية فهي استيطان دائم مع التوريث والامتداد والتضخم، وقد لا يكون الأبناء والأحفاد بمثل كفاءة الآباء، فتذهب مع الوقت الكفاءات وتأتي مكانها المشكلات والمعاناة.

back to top