تجنيس غير المسلم

نشر في 25-11-2018
آخر تحديث 25-11-2018 | 00:10
يستمر الخلط ذاته بين التجنيس والديانة، والخطأ ذاته في الحديث عن المسيحيين وحدهم رغم أنهم ليسوا المعنيين الوحيدين بالمسألة، فالتعديل يشمل كل من هو غير مسلم!
 مظفّر عبدالله أول العمود:

أتمنى أن تُزال كل مخالفة على أملاك الدولة وبالسرعة ذاتها التي أزيلت فيها مقبرة الكتب التي أقامها الفنان محمد شرف بالقرب من معرض الكتاب.

***

بداية أنصح بقراءة النقاش البرلماني الذي دار في جلسة مجلس الأمة رقم (433- ب) من الفصل التشريعي الخامس/ دور الانعقاد الثاني بتاريخ 22 ديسمبر 1982 والتي أقر بموجبها القانون رقم 1 لسنة 1982 بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية الكويتية، والذي حرَّم على غير المسلم نيل الجنسية، وبالتعارض مع نص المادة 29 من الدستور الخاصة بمنع التمييز بين الناس بسبب الدين.

ثانيا، يجب الأخذ في الاعتبار أن مرور هذا القانون بسهولة في ذلك المجلس يرجع إلى الصبغة الدينية لأكثرية التشكيل النيابي آنذاك، ففي بداية الثمانينيات كان بروز التيار الديني في أوجه، وهو تيار إقصائي ساهم في تغيير نمط الحياة الكويتية عبر ثلاثة عقود لاحقة، واللافت أيضاً لمن يقرأ مضبطة تلك الجلسة أنه سيلمس ضعف موقف بعض من يمكن تعريفهم بالـ"متنورين"، حيث جاء التصويت على التعديل بموافقة جميع من كانوا في القاعة وعددهم 47 نائباً!

أما المبررات التي طُرحت- لبعض من تحدثوا آنذاك- فقد تبدو اليوم واهية وغير مبررة تماماً، إذ تحدث البعض عن "هجمة غربية على الإسلام"، وخوف من "كثرة الكنائس في الكويت"، وأن "تجنيس غير المسلم بداية لمشروع التنصير"، وتوجه لتقديم "سؤال برلماني لوزير الداخلية بسبب منح الجنسية لبهائيين"، وهكذا!

ومن التناقضات أيضا، أن الجميع لم يعترض على المتجنسين من غير المسلمين الذين نالوها قبل التعديل بل طالبوا باستثنائهم من فكرة التشريع، وكان هدفهم وقف زحف تجنيس غير المسلم مستقبلاً فقط.

اليوم وبطرح المسألة من زاوية تصحيحية، ماذا حصل؟

يستمر الخلط ذاته بين الجنسية والديانة، والخطأ ذاتها في الحديث عن المسيحيين رغم أنهم ليسوا المعنيين الوحيدين بالمسألة فالتعديل يشمل كل من هو غير مسلم!

والأهم من ذلك أن الحوار الدائر انحرف عن جادة الصواب الذي هو في نظرنا: كيف تكون وثيقة الجنسية مصونة ومحفوظة ومحترمة في مسألة المنح والسحب والإسقاط، وهو ما ثبت فشلة في المسائل الثلاث، إضافة إلى فضيحة التزوير، وأيضا بالتعسف السياسي في سحب جنسية بعض الأفراد. المسألة في رأيي المتواضع ليست في ديانة الشخص، بل في احترام شروط المنح أو السحب أو الإسقاط، وبتحقيق هذه الشروط يمكن أن يستفيد البلد من كل إنسان منتج يتم تجنيسه سواء من أصحاب الديانات المختلفة أو حتى العرب، وبذلك نحفظ حق الدولة في منح الجنسية، وفي الوقت نفسه نساهم من خلال سياسة تجنيس واعية في استقطاب الكفاءات المُميزة، وهي سياسة تعمل بها دول كثيرة في العالم.

الخلاصة أن التفكير العقلاني المبني على النظرة التنموية والاقتصادية المستدامة في مسألة التجنيس تساهم في تحييد الحوارات التصنيفية البغيضة، وينسحب ذلك أيضا على قضية البدون.

back to top