«التمييز»: مرضيات الموظفين الوهمية تزوير يعاقب عليه قانون الجزاء بالسجن

• نسبوا صدورها زوراً لمستشفى الأحمدي وقدموها لجهات عملهم
• أموال القطاع النفطي عامة والاستيلاء عليها مخالف لقانون حماية الأموال

نشر في 20-11-2018
آخر تحديث 20-11-2018 | 00:04
No Image Caption
قضت محكمة التمييز بادانة 49 موظفا بالقطاع النفطي بجريمة تزوير الإجازات المرضية والطبية بعد تقديمهم شهادات وهمية وحصولهم على مبالغ من جهات أعمالهم من دون وجه حق .
دانت محكمة التمييز الجزائية 49 موظفا في القطاع النفطي بجريمة التزوير في المرضيات الصادرة من مستشفى الأحمدي، وقررت تغريم كل منهم 3 آلاف دينار، رغم إعادتهم المبالغ التي حصلوا عليها من دون وجه حق، نتيجة الادعاء بالمرض في الأيام التي حصلوا عليها من المرضيات المزورة.

ورفضت المحكمة طعن 35 متهما، من أصل 49، في قضية تزوير المرضيات لدى عملهم في القطاع النفطي وحصولهم على رواتب من دون وجه حق.

وقالت «التمييز»، في حيثيات حكمها الذي أصدرته برئاسة المستشار عبدالله جاسم العبدالله، إن تهمة إصدار شهادات طبية وهمية تفيد استحقاقهم للأيام المرضية المثبتة بها خلافا للحقيقة، ومنحهم إجازة عن تلك الأيام وصرف رواتب عنها، تعتبر ثابتة بحق المتهمين.

وكانت النيابة العامة قد وجهت الى المتهمين الـ 49 تهم التزوير، لأنهم بصفتهم موظفين عموميين في القطاع النفطي، استولوا بغير حق وبنية التملّك على أموال قدرها 11 ألف دينار كل فيما يخصه، والمملوك لإحدى الجهات التي تملكها الدولة في القطاع النفطي بنسبة تزيد على 25 في المئة، وكان ذلك حيلة منهم بأن قدموا الى جهة عملهم شهادات طبية واضطرارية وهمية، كل فيما يخصه، منسوب صدورها لمستشفى الأحمدي تفيد استحقاقهم للأيام المرضية المثبتة بها، خلافا للحقيقةـ ومنحهم إجازة عن تلك الأيام، وصرف راتب الأيام لهم، وتمكنوا بهذه الوسيلة من الاستيلاء على الأموال كل فيما يخصه، وارتبطت هذه الجريمة بجناية أخرى هي جناية التزوير في المحررات موضوع التهمة الثانية ارتباطا لا يقبل التجزئة.

وأضافت النيابة، في تقرير الاتهام، أنهم ارتكبوا جريمة تزوير للشهادات الطبية والاضطرارية المنسوب صدورها لمستشفى الأحمدي، بجعلها وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة، مع علمهم بتزويرها، وذلك بأن قاموا باصطناع تلك المحررات على غرار الصحيح منها، وأثبتوا بها على خلاف الحقيقة صدورها عن مستشفى الأحمدي واستحقاقهم للإجازة عن الأيام المرضية الوهمية وأجر تلك الأيام، وذيلوا كلا منها بتوقيع زورا الى المختصين بالمستشفى المذكور، ومهروها ببصمة خاتم مقلد للمستشفى، وكانت تلك المحررات بعد تغيير الحقيقة صالحة لأن تستعمل.

امتناع عن العقاب

كما اتهمت النيابة المتهمين بتهمة تقليد خاتم إحدى المصالح الحكومية، وهي مستشفى الأحمدي، بقصد استعماله في الغرض المعد له، وذلك بأن قلدوا الخاتم المذكور على غرار الصحيح منه، ومهروا به المحررات المزورة.

وقضت محكمة أول درجة الجنايات بتقرير الامتناع عن عقاب المتهمين بعد ردهم المبالغ المالية، مع التزامهم بحسن السير والسلوك، وقد تأيد ذلك الحكم أمام محكمة الاستئناف الجزائية، إلا أن النيابة العامة طعنت على الحكم الصادر أمام محكمة التمييز الجزائية.

وقالت التمييز إنه بشأن الدفع ببطلان تقرير الاتهام الصادر من النيابة العامة، والذي طعن به دفاع بعض المتهمين، لبطلانه لمخالفته نص المادة 130 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية لتجهيله وقائمة الثبوت المرفقة به، مردود بأنه وبمطالعة تقرير الاتهام يتبين أنه جاء واضحا جليا، إذ تضمن وصف التهمة ومواد الاتهام وكل البيانات التي أوردتها المادة 130 من قانون الإجراءات، كما أن قائمة الثبوت المرفقة تضمنت أدلة الثبوت التي ركنت اليها النيابة العامة في إسناد الاتهام قبل المتهمين، وجاء سردها لتلك الادلة بصورة وافية.

إيهام بالرسمية

واضافت انه من المقرر أن جريمة التزوير في المحررات الرسمية المنصوص عليها في المادة 257 من قانون الجزاء تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة في محرر رسمي بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون، وان يكون التغيير من شأنه أن يولد الاعتقاد بأنه مطابق للحقيقة، وبنية استعمال المحرر فيما زور من أجله.

وأفادت بأنه لا يشترط في توافر هذه الجريمة أن يكون المحرر قد صدر فعلا من الموظف المختص بتحريره، بل يكفي لتحقق الجريمة، كما هو الشأن في حالة الاصطناع، إنشاء محرر على غرار المحرر الرسمي، بحيث يعطي المحرر المصطنع شكل المحرر الرسمي ومظهره، وينسب إنشاؤه الى الموظف المختص بتحريره، للإيهام برسميته لو لم يصدر عنه في الحقيقة، ولا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقنا، بحيث يلزم كشفه دراية خاصة، بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه او متقناً يتعذر على الغير ان يكتشفه مادام تغيير الحقيقة في الحالين يجوز ان ينخدع به بعض الناس، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر، وبنية استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله، وكان الاشتراك في هذه الجريمة قبل وقوعها يتحقق بعلم الشريك بالاتفاق مع الفاعل او تحريضه على ارتكاب التزوير او مساعدته بأي طريقة كانت في الأعمال المجهزة للجريمة، ويتوافر القصد الجنائي بعلم الشريك ان الفاعل سيرتكب التزوير بناء على هذا الاتفاق او ذلك التحريض او تلك المساعدة.

كما انه من المقرر ان الاشتراك في التزوير في الغالب يتم دون مظاهر خارجية او اعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته ان تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي يبينها الحكم، ولا يلزم لصحة الحكم بالإدانة في هذه الجريمة ان يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركانها، مادام قد أورد في الوقائع ما يدل عليه، وكانت صورة الواقعة والأدلة القائمة فيها على النحو السالف بيانه تتوافر بها كافة الأركان القانونية لجريمة الاشتراك في التزوير في محررات رسمية في حق المتهمين كما هي معرفة به في القانون ويسوغ به ما انتهت اليه هذه المحكمة من الاعتقاد بوقوعها منهم وإطراح كافة ما ساقوه من شواهد للتشكيك.

خطوة أولى

ولفتت المحكمة الى انه من المقرر أن جريمة الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها في المادة العاشرة من القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة سالف الذكر تتحقق متى استولى الموظف العام بغير حق على مال مملوك للدولة أو إحدى الهيئات او المؤسسات العامة او الشركات او المنشآت التي تساهم فيها الدولة او إحدى الهيئات العامة والمؤسسات العامة بنسبة لا تقل عن 25 في المئة من رأسمالها، وبصرف النظر عن الاختصاص الذي يخولها الاتصال بالمال موضوع الاستيلاء، وذلك بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة، وأن الشروع في ارتكاب هذه الجريمة وعلى ما يبين من نص المادة 45 من قانون الجزاء هو البدء في تنفيذ فعلٍ ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي ومُؤدٍَ إليه حتماً، بحيث يكون الفعل الذي باشره الجاني هو الخطوة الأولى في سبيل ارتكاب الجريمة وأن يكون بذاته مؤديا حالا، وعن طريق مباشر، الى ارتكابها مادام قصد الجاني من مباشرة هذا الفعل معلوماً.

ويتحقق القصد في جريمة الاستيلاء على المال العام باتجاه إرادة الجاني الى الاستيلاء او الشروع فيه بنية تملكه وإضاعته على ربه دون اعتداد بالباعث على ارتكاب الجريمة، ولا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة، على استقلال، عن توافر هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه، وكانت الصورة الواقعة وأدلة الثبوت فيها على النحو السالف بيانه تتوافر فيها أركان جريمة الاستيلاء على المال العام والشروع فيه، المرتبطة بالتزوير في محررات رسمية قبل المتهمين، ويكون ما يثيرونه في هذا الخصوص غير سديد.

غير مانع

وبينت المحكمة أن ما يثيره دفاع المتهمين من دفاع بعدم قبول الدعوى لسبق مجازاتهما إدارياً مردود بأن التحقيق الإداري وما يتبعه من جزاء إداري او تأديبي غير مانع من المحاكمة امام المحاكم الجزائية، بل ان الحكم التأديبي لا يحوز قوة الشيء المقضي به امام المحكمة الجزائية لاختلاف الاساس في الدعويين، ومن ثم فإن دفاعهما في هذا الخصوص يكون غير مقبول.

وقالت المحكمة: وحيث إنه من المقرر ان العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، وكان وزن اقوال الشهود وتقديرها مرجعه الى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى اخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها طرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولا يشترط في شهادة الشاهد ان تكون واردة على الحقيقة المراد اثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأنها ان تؤدي الى الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى، اذ الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي ان تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية الى ما قصده الحكم منها، ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت اليه، ولها ان تعول على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة مادامت آنست فيها الصدق واطمأنت الى جديتها، وإذ كانت هذه المحكمة قد اطمأنت الى اقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة وأقوال مجريها وباقي الأدلة، وفي انتفاء الدليل اليقيني قبلهم على النحو الوارد في دفاعهم وإنكارهم الاتهام لا يعدو أن يكون دفاعاً قصد به التشكيك في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة.

جريمة أشد

وعن طعن النيابة، قالت المحكمة إنها ترى من ظروف الجريمة، أن جريمة الاستيلاء على المال العام التي خلصت الى مقارفة المتهمين لها وثبوتها في حقهم هي الجريمة الأشد الواجب القضاء بعقوبتها، ومن ملابسات هذه الجريمة، ومن الضرر الناتج عنها وضآلة ما يخص كل متهم منه، وأنه قد قام برده بخصم تلك المبالغ من مستحقات المتهمين كل فيما يخصه حسب كتاب الشركة المجني عليها، وهو ما يؤذن للمحكمة بإعمال الحق المخول لها بموجب نص الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون 1 لسنة 1993 سالف الذكر، وهو القضاء بعقوبة الجنحة المنصوص عليها في تلك الفقرة، والتي حلت بحكم صراحة النص، والغاية التي تغياها المشرع منه، وما أوردته المذكرة الإيضاحية لنص القانون، محل عقوبة الجناية المقررة لتلك الجريمة، وهي الحبس المؤبد او المؤقت الذي لا تقل مدته عن خمس سنوات والعقوبات التكميلية العزل والرد والغرامة النسبية المنصوص عليها في المادتين 10، و16 من القانون سالف الذكر، وأنه بقضاء هذه المحكمة بعقوبة الجنحة على النحو الذي سيرد، فإنه لا محل للقضاء بالعقوبات التكميلية سالفة البيان، العزل او الرد أو الغرامة النسبية، لأن عقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 20/2 من القانون سالف الذكر حلت محل العقوبات الأصلية والتكميلية لجريمة الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها في المادتين 10، و16 من القانون، وتقضي بتغريم المتهمين 3 آلاف دينار لكل منهم مع مصادرة المحررات المزورة.

مساءلة الشركة النفطية للموظفين إدارياً لا تمنع مساءلتهم جنائياً ولا حجية للتحقيق الإداري

المتهمون الـ 49 اصطنعوا الشهادات المرضية وحصّلوا مبالغ عن أيام لا يستحقونها

المحكمة عاقبت المتهمين بالغرامة 3 آلاف دينار وردّ الأموال وإقرار الشركة بسدادها
back to top