بكاء

نشر في 16-11-2018
آخر تحديث 16-11-2018 | 00:06
 دانة الراشد نبكي حين لا تسعنا الكلمات... نبكي حين تضيق بنا العبارات. نبكي، فهنالك مشاعر لا تفيها الحروف حقها.

نبكي، ففي البكاء تشافٍ وتطهير للأرواح، كي تشرق بعدها شمس الغد المبشرة بيومٍ جديد وبداية جديدة.

والدموع كقطرات المطر، شفافة... تكشف أطياف المشاعر وألوانها المختلفة. فهنالك دموع الفرح، والتي قد تلي لقاءً طال انتظاره، أو نجاحاً أتى بعد سنوات من المثابرة. وهنالك دموع الحزن، تلك التي ينصحنا من حولنا بإبقائها حبيسة داخلنا والتظاهر بأن كل شيء على ما يرام، أطلق سراحها تماماً واسمح لفيض المشاعر أن يستحوذ عليك لوهلة، ففي التعبير عن ضعفك شجاعة، هذه هي المفارقة.

وهنالك دموع الندم المريرة، تلك الدموع الصادقة التي أتت بعد فوات الأوان، سامح نفسك وامض قدماً، فأنت لم تقصد ذلك. وهنالك دمعة الظلم والغبن، تلك التي تطلقها عاجزاً أمام قسوة الظروف ووحشيتها. تحلّ بالشجاعة والمرونة والإيمان بتغير الأحوال.

البكاء حقٌ للرجل أيضاً، فكم من المشاعر المحتقنة تختزنها قلوب معظم الرجال، أولئك الذين تعلموا إخفاءها جيداً أو الهروب منها بشتى الطرق. نعم، قد تختلف تركيبة الرجال النفسية عن النساء، ولكن للرجال قنوات دمعية كالنساء بالحجم نفسه والشكل نفسه، وكما يقول الحكيم أوشو، فلربما كانت أعين النساء أكثر جمالاً وتلألؤاً لأنه من المسموح لهن البكاء والتعبير عن مشاعرهن.

نبكي فنداوي أنفسنا، نبكي فنتنفس الصعداء بعدها، نبكي فتتجدد النفوس التي أنصتنا إلى ألمها بدلاً من قمعها وتحويلها إلى حجر. في بكائنا نتواصل مع ضعفنا فنغدو أكثر إنسانية.

* "الماء المالح يعالج كل شيء، سواءً أكان عرقاً، دموعاً أم محيطاً". (إسحق دينسين).

back to top