«ورد مسموم»... قصص معاناة والمخرج أحمد فوزي صالح مهموم بالإنسانية

نشر في 16-11-2018
آخر تحديث 16-11-2018 | 00:00
يُعرض «ورد مسموم» للمخرج أحمد فوزي صالح ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي للمرة الأولى قبل طرحه تجارياً في الصالات، وكان عُرض في عدد من المهرجانات السينمائية الدولية على مدار عام تقريباً.
«ورد مسموم» مأخوذ بتصرف عن رواية أحمد زغلول الشيطي «ورود سامة لصقر»، يشارك في إنتاجه وبطولته محمود حميدة، فيما يقف إلى جانبه كل من كوكي، وابراهيم التجاري، وصفاء الطوخي، وعدد من العاملين في المدابغ.

تنطلق أحداث الفيلم مع تحية، منظفة المراحيض التي تهتم بشقيقها صقر، وهو يعمل في ورشة دباغة. تمشي يومياً في الطرق غير الممهدة للمدابغ لإحضار الطعام المطبوخ في المنزل له في وقت الغداء. وفي كل ليلة، تأخذ رحلة قصيرة إلى مركز تجاري راق حيث تنظف حتى الفجر، تحت النظرات البغيضة للزبائن.

يبدأ التوتر عندما يعبر صقر عن نيته في الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا، في ظل علاقة ناشئة ولكن متقلبة له مع طبيب برجوازي شاب، ما يحفز تحية على القيام بأي أمر لإبقاء شقيقها إلى جانبها.

كلام الشخصيات الرئيسة قليل، ولكن تطغى على صمتها ضوضاء صناعية من المدابغ، وموسيقى تصرخ من مكبرات الصوت والميكروباص، وأصوات التلفزيون التي تعد بجائزة كبرى خادعة، وثرثرة لامتناهية للعمال في ورش الدباغة أو في حمامات المركز التجاري حيث تعمل تحية.

تصبح منطقة الدباغة شخصية من شخصيات الفيلم، ليس من خلال فضائها المادي، وصورها، وألوانها فحسب، ولكن أيضاً عبر إيقاعاتها الصوتية، وروائحها التي يمكن مشاهدتها تقريباً.

الفيلم تجربة سينمائية جديدة تخلط التسجيلي بالروائي، إذ أنجز التصوير في المواقع الحقيقية بمناطق مصر القديمة وبشخصيات حقيقية من عمال المدابغ لعرض واقع مهنتهم القاسية وأحلامهم البسيطة.

لا بطولات

يقول المخرج أحمد فوزي صالح: «لا يعتمد فيلمي على البكائيات أو اليأس، في ظني هكذا تسير حياة الناس العاديين، بلا بطولات خارقة لأن الاستمرار في هذه الحياة بطولة بحد ذاته، وأريد تمجيد ذلك، بكل بساطة، حياة عادية بلا يأس وبلا أمل».

ينفي مخرج الفيلم أحمد صالح أن يكون «ورد مسموم» جزءاً ثانياً من فيلمه «جلد حي» الذي قدمه عام 2010 ولكن يؤكد أن القواسم المشتركة بينهما كثيرة، من بينها أنهما يدوران في عالم المدابغ، ويعرضان الحياة اليومية للعاملين فيها، فضلاً عن حضور المادة التوثيقية، والهم الذي يحمله المخرج في كليهما هو نفسه.

ويرى صالح أن العرض الجماهيري للفيلم لم يتأخر، مؤكداً أن لهذا النوع من الأفلام دورة توزيع تبدأ مع المهرجانات، لذلك تستغرق قرابة العام، والمهرجانات تدفع مقابل عرض الأفلام المشاركة في فعالياتها من ناحية، ومن ناحية أخرى تشكل فرصاً لتوزيعها في بلدان مختلفة.

ويؤكد أهمية أن يشاهد الفيلم جمهور مختلف وأن يتجوَّل هذا العمل في بلدان عدة، خصوصاً أنه لا ينتمي إلى الأفلام التجارية المشغولة بشباك التذاكر، بل هو مهموم بقضايا تخص الفن السينمائي.

الاختلاف أمر صحي

يردّ المخرج على وصف الفيلم بالمأساوي رغم أن مجلة «فارايتي» العالمية المتخصصة بالسينما أعتبرته مدهشاً بصرياً، مؤكداً أن من حق أي شخص في العالم أن يرى الفيلم كما يشعر أو يعتقد، طبقاً لثقافته وخبراته في التعامل مع الأفلام.

ويقول إن الفيلم يطرح جزءاً من همومه الاجتماعية كإنسان يحلم بعالم أفضل، أكثر عدلاً وحرية في كل مكان في العالم، مشيراً إلى أن الرواج الجماهيري لأي فيلم يرتبط بعوامل كثيرة لا تختصر بالقصة والشكل، بل تتعداهما إلى سوق التوزيع والذوق العام للجمهور الذي تسيطر علية نوعية معينة من الأفلام ولا يمكنك تغييره بفيلم، ولذلك لا بد من توافر الاختلاف والتنوع في المشاريع المعروضة.

ويضيف أتمنى أن تُطرح أفلام عدة سنوياً تحمل طبيعة فيلمي نفسها، من ثم خريطة التوزيع ربما تتغير كما حدث في السينما في بلاد عدة. ويذكر: «عموماً، المشكلة ليست في طبيعة الفيلم بل في الصناعة نفسها. مصر مثلاً ذات الكثافة السكانية لا تملك أكثر من 500 دار عرض، في حين أن فرنسا التي يبلغ عدد سكانها ثلث سكان مصر تتوافر فيها 3 آلاف دار عرض، ما يعطي الفرصة للتنوع في الأفلام».

ويوضح المخرج أن اختلاف الآراء أمر صحي ودليل على قوة الفيلم، والتعدد في مستوى رؤيته والإحساس به وفهمه، وهي قيمة كبيرة يبحث عنها أي عمل فني سواء كان فيلماً أو رواية، فالاختلاف سنة الكون وتقبله يعطي الحياة معناها وجمالها.

وحول الوقت الطويل الذي احتاج إليه إنجاز الفيلم، يقول صالح إن ذلك جزء من طبيعة الإنتاج، «إذ يعتمد على تمويلات محلية وعربية ودولية، وهو مفيد لتطوير السيناريو الذي يمكن أن نقول إنه مطبوخ على نار هادئة، من ثم تبخرت منه الأمور السطحية».

back to top