محاضر التحقيق أشبه بطلاسم الشعوذة!

نتيجة غياب التدوين الإلكتروني للقضايا في «التحقيقات» وكل «النيابات»

نشر في 13-11-2018
آخر تحديث 13-11-2018 | 00:00
No Image Caption
يُخيل إليك للوهلة الأولى، وبعد الاطلاع عليها، أنها مجموعة من طلاسم السحر والشعوذة التي يستخدمها بعض المشعوذين، لكن المفاجأة تكمن في أنها محاضر للتحقيق الجنائي التي يدوِّنها بعض المحققين في الإدارة العامة للتحقيقات، أو بعض أمناء سر التحقيقات، لأقوال المتهمين أو المبلِّغين أو الشهود في عدد من النيابات الجزئية أو التخصصية، باستثناء نيابة الشؤون التجارية، التي دخلت أخيراً عصر التدوين الإلكتروني.

ورغم دخول إدارات التحقيق، ممثلة بالنيابة العامة والإدارة العامة للتحقيقات، التابعة لوزارة الداخلية، بوابة التعامل الإلكتروني في بعض الإجراءات، لكنها لم تدخل حتى الآن عصر التدوين الإلكتروني بالكامل، وهو الأمر الذي ترتَّب عليه تعطيل النظر في عدد من القضايا الجنائية، نتيجة عدم تمكُّن بعض الهيئات القضائية من قراءة تلك المحاضر، أو فك طلاسمها، لأنها تُكتب يدوياً بواسطة محققي الإدارة العامة للتحقيقات، أو بعض أمناء سر الجلسات!

ورغم تطبيق نيابة الشؤون التجارية والأموال العامة ببعض القضايا للتدوين الإلكتروني، فإن باقي النيابات الجزئية والتخصصية لم تطبِّق النظام الإلكتروني الذي تعطل كثيراً، بسبب رداءة أحد البرامج، الذي قامت إحدى الشركات قبل عامين بالتعاقد مع وزارة العدل لتطبيقه، وهو الأمر الذي أدَّى إلى إلغاء التطبيق وفشله، وهو ما دعا إلى تطبيق برنامج أعدته «العدل» من قطاع نظم المعلومات، والذي يتم تطبيقه حاليا بنيابة الشؤون التجارية وبعض القضايا في نيابة الأموال العامة.

صورة ضوئية لأحد محاضر التحقيق غير الواضحة في قضايا الجنايات

وعن سعي النيابة العامة إلى تطبيق التدوين الإلكتروني، بدلا من اليدوي، كشفت مصادر مطلعة عزم النيابة تعميمه في كل النيابات، وأن الأمر يتطلب توفير الأنظمة والأجهزة لكل النيابات الجزئية والتخصصية، حيث إن ذلك سيؤدي إلى تدوين المحاضر إلكترونيا، وطباعتها بشكل يسهل من قراءتها من قبل الهيئات القضائية والمتقاضين، لافتة إلى أن هناك محاضر للتحقيق التقليدي الذي يُكتب يدويا أظهرت وجود العديد من الأخطاء، وتجربة التدوين الإلكتروني للمحاضر في نيابة الشؤون التجارية والأموال العامة أظهرت الفارق الحقيقي بين النظامين.

وقالت المصادر إن الأمر يتطلب توفير الأجهزة والطابعات والبرامج من وزارة العدل، وحصول أمناء سر الجلسات على دورات في كيفية التعامل مع البرامج التي ستخصصها «العدل» بشأن التدوين الإلكتروني، والعمل على تعميم التجربة التي ستسهم في التقليل من الأخطاء التي تشهدها محاضر التحقيق الجنائي.

ورغم تجربة نيابة الشؤون التجارية والأموال للتدوين الإلكتروني للتحقيقات، وسعيها لتعميمه في باقي النيابات، حال توافر الأجهزة والبرامج من وزارة العدل، فإن الإدارة العامة للتحقيقات لم تبدأ بعد العمل على تطبيق التدوين الإلكتروني، رغم أهميته بالنسبة للتحقيق في قضايا الجنح التي تتولى الإدارة العامة التحقيق فيها، وخاصة بعدما أظهر الواقع العملي صعوبة قراءة العديد من محاضر التحقيق، بسبب رداءة التدوين اليدوي، أو عدم التمكُّن من فَهم العبارات الواردة فيه، أو لضعف الأقلام المستخدمة في هذه التحقيقات، ما يؤدي إلى عدم وضوحها، وهو الأمر الذي يدفع عددا من الهيئات إلى إرجاع الملفات، لإعادة التحقيق مجددا في القضايا، نتيجة عدم تمكنها من قراءة العبارات بالتحقيقات المجراة في القضية، والتي ستحدد مصير المتهمين والمبلِّغين والشهود في القضايا.

back to top