فيروس «زيكا» يحارب سرطان الدماغ!

نشر في 08-11-2018
آخر تحديث 08-11-2018 | 00:00
No Image Caption
الورم الأرومي الدبقي شكل عدائي من سرطان الدماغ الذي يصعب معالجته. لكن وفق سلسلة من التجارب الحديثة، قد يتمكّن لقاح فيروس زيكا من معالجته قريباً!
ظاهرياً، تقلّ العوامل المشتركة بين فيروس زيكا والورم الأرومي الدبقي، ولكنهما يتقاسمان فعلياً عناصر تفوق ما نتصوره.

يحاول الباحثون راهناً أن يستغلوا تلك القواسم المشتركة في معركتهم ضد هذا الشكل المريع من السرطان.

حتى لو تجاوب الورم مع العلاج، لا مفر من أن يتجدد غالباً، ما يجعله غير قابل للشفاء. قد يتجدد لأنه يختبئ بعد العلاج في نسيج دماغي مجاور على شكل خلايا جذعية أرومية.

تلك الخلايا الجذعية تحديداً هي التي جعلت الباحثين يفكرون بطريقة مبتكرة. يقول الدكتور بي يونغ تشي الذي شارك في الإشراف على الدراسة ويعمل في «فرع تكساس الطبي» في «غالفستون»: «عند انتشار وباء زيكا، اكتشفنا أن الفيروس يميل إلى إصابة الخلايا السلفية العصبية لدى الجنين ويُسبب اضطراب صغر الرأس لدى الأطفال الذين يولدون من أمهات مصابات بالفيروس».

شارك باحثون آخرون في الدراسة الأخيرة، منهم جيانغ هونج مان من «المركز الوطني للتحليل الطبي»، وتشنغ فنغ كين من «الأكاديمية الصينية للعلوم الطبية العسكرية» في بكين، الصين. نُشرت نتائج الدراسة حديثاً في مجلة «إم بيو».

تتقاسم الخلايا الجذعية الأرومية بعض الخصائص مع الخلايا السلفية العصبية، أي الخلايا القادرة على التحول إلى أنواع مختلفة من الخلايا الدماغية، ما منح الباحثين الأدلة التي يبحثون عنها.

أوضح مان: «استنتجنا أن فيروس زيكا يتمكن من إصابة الخلايا الجذعية الأرومية تحديداً».

قواسم مشتركة

استعملت دراسات سابقة نماذج من الفئران المصابة بورم أرومي دبقي وأثبت الباحثون فيها أن فيروس زيكا يستطيع أن يهاجم الخلايا الجذعية الأرومية في المختبر. كذلك اكتشفوا أنه كان أقل فاعلية في مهاجمة نسيج الدماغ الذي يتحول أصلاً إلى أنواع مختلفة من الخلايا.

يقول تشنغ فنغ كين: «لو تمكنا من إيجاد طريقة لاستهداف تلك الخلايا الجذعية الأرومية المسؤولة عن تجدد الورم، ربما نحصل على خيار فاعل لمنع الانتكاسات أو حتى معالجة المرض».

أراد الباحثون في المقام الأول أن يتأكدوا من إيجاد طريقة آمنة لإدخال فيروس زيكا إلى أجسام المرضى. لتحقيق هذه الغاية، طوّر مختبر تشي لقاحاً له باسم «زيكف لاف».

يبقى الفيروس المُخفَّف قابلاً للحياة أو «حياً»، لكنه خضع للتعديل كي يصبح أكثر أماناً. في هذه الحالة، حذف الباحثون جزءاً صغيراً من الجينوم لمنعه من التكاثر بسهولة.

خلال الاختبارات، لم يتخذ لقاح «زيكف لاف» منحىً خبيثاً بل تولى حماية الفئران والرئيسيات غير البشرية من عدوى زيكا. وحين حُقِن اللقاح في أدمغة الفئران، لم تظهر آثار جانبية جسدية أو سلوكية.

اختبار على النسيج البشري

في المرحلة اللاحقة، اختبر العلماء مدى قدرة الفيروس على تدمير الخلايا الجذعية الأرومية في نماذج الفئران. حُقِنت نصف الفئران بخلايا جذعية أرومية مشتقة من البشر، بينما تلقى النصف الآخر الخلايا نفسها مع لقاح «زيكف لاف».

نشأت الأورام سريعاً لدى الفئران التي تلقت الخلايا الجذعية الأرومية وحدها. في المقابل، تأخر نمو الأورام لدى الفئران التي تلقت تلك الخلايا مع اللقاح، كذلك بقيت على قيد الحياة لفترة أطول.

يأمل الباحثون بأن يتمكنوا مستقبلاً من إعطاء لقاح زيكا إلى المرضى خلال الجراحة. بهذه الطريقة، تتمكن الفيروسات من مطاردة الخلايا الجذعية الأرومية والتخلص منها، ما يمنع تجدد الورم.

في المرحلة الأخيرة من الدراسة، أراد العلماء أن يتعمقوا بدرجة إضافية في الآليات التي تسمح لفيروس زيكا بالقضاء على الخلايا الجذعية الأرومية. لذا قارنوا رسائل الحمض النووي الريبي في الخلايا الجذعية الأرومية النموذجية بالخلايا التي عولجت بلقاح «زيكف لاف».

بناءً على هذه البيانات، لاحظ الباحثون نشوء تجاوب مضاد للفيروس في الخلايا التي عولجت بلقاح «زيكف لاف»، ما أدى إلى التهاب الخلايا وموتها في نهاية المطاف.

تبدو هذه النتائج واعدة، لكنها لا تزال في بدايتها. يسعى الباحثون في المرحلة المقبلة إلى التعاون مع أطباء للتأكد من سلامة لقاح «زيكف لاف».

وبعدما اكتسبوا معلومات إضافية عما يفعله اللقاح للقضاء على الخلايا الجذعية الأرومية، ربما يعمدون إلى تعديل لقاح «زيكف لاف» لزيادة قدرته على تدمير تلك الخلايا.

يحرص تشي على الاستفادة القصوى من قدرات الفيروس القاتلة، فيقول: «بصفتي عالِم فيروسات، أنا مقتنع بضرورة الاستفادة من الجانب «السيئ» للفيروسات. يجب أن تؤدي دوراً في علاج السرطان».

الباحثون يأملون أن يتمكنوا من إعطاء لقاح زيكا للمرضى خلال الجراحة
back to top