كعادتي... لا أفعل شيئاً!

نشر في 01-11-2018
آخر تحديث 01-11-2018 | 00:03
 مسفر الدوسري يوم يشبه بقية أيامي في حبك، ولا جديد فيه، ولا أفعل شيئا... غيرك!

أفتح جفنيّ صباحا، وبينما أنا في سريري مشدود بين خدَر النعاس، ونداء الصحو، أتنفس عبير حلمي البارحة بك. تتفتّحُ رئتاي، ويملأهما الشذى، أشعر بسريان ماء الحياة في أوردتي، أثبُ من فراشي، لتحملني ابتسامة غامضة على هودج سحريّ، مجهّز كأحد الأمراء الأسطوريين. تأخذني تلك الابتسامة لأستحمّ تحت شلال ما اختزنتُه في ذاكرتي من ضحكاتك لأتطهّر، مُحاطٌ بعرائس بحر عيونك، يغسلن جسدي من رأسي حتى أخمص قدمي، ويغسلن روحي وقلبي بماء ذاك الشلال الطاهر. تحملني العرائس لتضعنني في العراء تحت شمس غُرّتك لأجفّ، ثم يقُمن برش جسدي كله بعطرٍ قُطّر من "غاردينيا" أنفاسك، وبعدها يُلبسنني ملابسَ نُسجت من حرير صوتك. وتحملني العرائس مرَّة أخرى، لتضعنني في منتصف متكأ فارِهٍ أُعِدّ تحت عريش أهدابك، وتقدّم لي إحداهن فنجان قهوتي الصباحية، والتي حُضّرت من بُنّ عينيك، مضاف إليها قطعة سكّر من رضابك. أتناول وجهك بين يديّ، أقرأ ملامحك حرفا حرفا، صفحة صفحة، أقف عند العناوين الرئيسية لجمالك، "مانشيتات" روعتك، ثم أغرق بتفاصيلك بقراءة المزيد منك، وبعد أن أنتهي من قراءتك، أهاتفك لينساب صوتك في خلاياي مكرِّسا عظمة الموسيقى في روحي. أغمض عينيّ وأنت تتكلمين على الطرف الآخر من الهاتف، أشعر بالنشوة تغمرني، وتطير بي إلى سماوات قلبك، فأرى ملائكة بأجنحة بيضاء يبتسمون لي بينما هم يمارسون طقوس صلواتهم في محراب قلبك، يتقدم إليَّ أحدهم، ويمد لي شموعا وأعواد بخور، أُشعل ما بيدي من أعمدة الشمع وأعواد البخور، أمشي في ممر غُطّي بسجادة حريرية حمراء، مُزيّنة برسوم ناعمة. تنقسم صفوف الملائكة إلى قسمين، أمشي في ذلك الممر، حتى أقف أمام نقاء قلبك، فأضع تحت كرسيه ما بيدي من شموع وبخور، وأرجع إلى الوراء في ذات الممر دون أن أعطي وجه نقائك ظهري، حتى أصل إلى آخر صف في صفوف الملائكة، لأتخذ لي مكانا بينهم. أُكمل صلاتي معهم بكل خشوع، تنتهي صلاتي حال انتهاء مكالمتي معك، أحس برغبة مباغتة في الطيران والالتحاق بسرب الفراش الذي استوطن وجنتيك، أو بسرب النوارس التي لم تهاجر قَطّ سواحل عينيك. أجد نفسي أخيرا، دون أن أدري، وقد حوصرتُ في خاتم صغير، حوى عجائب اللؤلؤ والعقيق، غالبا ما أعي لاحقا أنه فمك! أخرج منه لأخذ نزهة في تضاريس جسدك، أمشي حافي القدمين على الرخام، أعبر سهولك الغنّاء ومراعيك، أستظل بنخيلك الباسقة، أرتوي من جداولك السكّر، أرتقي هضابك لأصل السماء، أحفر في أراضيك العذراء، لتسيل مياهك الجوفية، أقطف ثمار موسمك، أشق صدري نصفين لاستقبال بروقك، أفتح راحتيّ يديّ للإمساك ببعضٍ من جود غيثك، أتنفس بعمق لتنثال نسائمك العطرة في رئتي، وبعد أن تنتهي نزهتي فيك أعود لأنسلّ في جنح إحدى خصلات شعرك لأغفو حظيظا... ثم أنام لأحلم بك!

لا شيء أفعله في يومي عادة... سواك!

back to top